صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

في الفرق بين السحر والمعجزة والكرامة
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لمّا كان طريق إثبات النبوة هي المعجزة التي هي من قِبل الله تعالى وهي تفترق عن السحر كان من اللازم معرفة كلٍ منهما بنحو عميق ودقيق، كي لا يلتبس الأمر ويعلم المحق من المبطل والصادق من الكاذب، سأل ابن السكيت، الرضا عليه السلام بعدما بيّن له علل وجه معجزات الأنبياء: فما الحجة على الخلق اليوم؟ فقال عليه السلام: (العقل تعرف به الصادق على الله فتصدّقه والكاذب على الله فتكذّبه)، فقال ابن السكيت: هذا والله الجواب(1).
 
وسأل أبو بصير، الصادق عليه السلام: لأيّ علّة أعطى الله عز وجل أنبياءه ورسله وأعطاكم المعجزة؟ فقال: (ليكون دليلاً على صدق من أتى به والمعجزة علامة لله لا يعطيها إلاّ أنبياءه ورسله وحججه ليُعرف به صدق الصادق من كذب الكاذب)(2).
 
قال المحقق الطوسي(3) في التجريد: (وطريق معرفة صدقه (النبي صلى الله عليه وآله) ظهور المعجزة على يده وهو ثبوت ما ليس بمعتاد أو نفي ما هو معتاد مع خرق العادة ومطابقة الدعوى)(4).
وقال العلامة الحلّي(5) في شرحه للتجريد في ذيل العبارة: (الثبوت والنفي سواء في الإعجاز فإنه لا فرق بين قلب العصا حيّة وبين منع القادر عن رفع أضعف الأشياء، وشرطنا خرق العادة لأن فعل المعتاد ونفيه لا يدلُّ على الصادق، وقلنا: مع مطابقة الدعوى لأن من يدّعي النبوة ويسند معجزته إلى إبراء الأعمى فيحصل له الصمم مع عدم برء الأعمى لا يكون صادقاً.
ولا بدَّ في المعجزة من شروط أحدها: أن يعجز عن مثله أو عمّا يقاربه الأمّة المبعوث إليها. الثاني: أن يكون من قِبل الله تعالى أو بأمره. الثالث: أن يحدث عقيب دعوى المدّعي للنبوة أو جارياً مجرى ذلك ونعني بالجاري مجرى ذلك أن يظهر دعوة النبي في زمانه…(6) الخامس: أن يكون خارقاً للعادة)(7).
 
وقال المحقق الطوسي في التجريد أيضاً: (المسألة الخامسة في الكرامات: وقصة مريم وغيرها تعطي جواز ظهورها (أي المعجزة) على الصالحين)(8)، وقال العلامة الحلّي في شرحه للعبارة: (استدلَّ المصنف قدس سره بقصة مريم، فإنّها تدلُّ على ظهور معجزات عليها وغيرها مثل قصة آصف وكالأخبار المتواترة المنقولة عن علي وغيره من الأئمّة عليهم السلام).
 
وقال المحقق الطوسي بعد ذلك: (ولا يلزم خروجه عن الإعجاز ولا النفور ولا عدم التميز ولا إبطال دلالته ولا العمومية).
 
وقال العلامة في شرحه: (إن المعجزة مع الدعوى مختصٌّ بالنبي صلى الله عليه وآله فإذا ظهرت المعجزة على شخص فإما أن يدّعي النبوة أو لا، فإن ادّعاها علمنا صدقه إذ إظهار المعجزة على يد الكاذب قبيح عقلاً، وإن لم يدّع النبوة لم يحكم بنبوته، فالحاصل أن المعجزة لا تدل على النبوة ابتداءً، بل تدلُّ على صدق الدعوى فإن تضمّنت الدعوى النبوة دلَّت المعجزة على تصديق المدّعي في دعواه ولا يلزم إظهار المعجزة على كل صادق إذ نحن إنما نجوّز إظهارها على مدعي النبوة أو الصالح إكراماً لهما وتعظيماً وذلك لا يحصل لكل مخبر بصدق وإنّ امتياز النبي صلى الله عليه وآله يحصل بالمعجزة واقتران دعوى النبوة، وهذا شيء يختصُّ به دون غيره ولا يلزم مشاركة غيره له في المعجز مشاركته له في كل شيء، وكما لا يلزم الإهانة وانحطاط مرتبة الإعجاز مع ظهور المعجز على جماعة من الأنبياء كذا لا يلزم الإهانة مع ظهوره على الصالحين)(9).
 
وقال المحقق القمي قدس سره(10) في رسالة أصول الدين: (الإمام يعرف بالمعجزة فكل من ادّعى الإمامة وأتى بالمعجزة فإنّما تدلُّ على صدقه مثل ما مضى في بعث النبوة)(11).
 
وقال العلامة الحلّي في كتاب أنوار الملكوت ما حاصله: (المعجز أمر خارق للعادة مقرون بالتحدّي، والتقييد بخارق للعادق ليتميّز المعجز عن غيره، وهذا القيد يُكتفى به عن التقييد بعدم المعارضة ليتميز به عن السحر والشعبذة إذ السحر والشعبذة ليس بخارق للعادة وإن كانت خفية على أكثر الناس. وقيّدنا الخارق للعادة بالاقتران بالتحدي ليتميز المعجز عن الكرامات)(12).
 
وقال الحكيم المتبحّر محمّد مهدي النراقي(13) في كتابه (أنيس الموحدين): (كل من ادّعى النبوة أو الإمامة وصدر منه أمر خارق فهو صاحب كرامة)(14)، ثمّ قال: (والفرق بين المعجزة والسحر والشعبذة هو أن السحر والشعبذة من الأمور العادية، ولكن أسبابهما تخفى على أكثر الناس، وهذا بخلاف المعجزة فهي ليست من الأمور العادية ولا يوجد لها سبب مطلقاً)(15).
 
وتوضيح الكلام في هذا المقام، أن الأمور العادية التي جرت عادةُ الله تعالى على وقوعها على قسمين:
 
الأوّل: ما سببه ظاهر وهو يحصل إمّا من أسبابٍ أرضية مثل تأثير بعض الأغذية والأدوية، وصيرورة النطفة إنساناً ونحو ذلك من الأسباب الأرضية التي تتفق، وإما تحصل من أسباب سماوية مثل الحرارة الحاصلة من الشمس، وإما تحصل من تركّب الأسباب مثل تأثير الدواء المتناول في جو هوائي خاص، ومثل تأثير الدعاء المكتوب في وقت خاص، أو الذي يقرأ في وقت خاص، وهذه كلها من الأمور التي جرت عادة الله تعالى على وقوعها بأسبابٍ متوفرة ومتهيّئة لأكثر الناس.
 
الثاني: هي التي تحصل أيضاً إما من أسبابٍ أرضية أو سماوية أو كليهما، ولكن أسبابها مخفية على أكثر الناس، مثل السحر والشعبذة والطلسمات وعلم الحيل، والنيرنجات، وحيث إن لها أسباباً فالتعلّم والتعليم حاصل فيها، أي إن كل من يعلم تلك العلوم يمكن له أن يعلّمها غيرَه، بخلاف المعجزة، التي ليس لها سبب مطلقاً، لأنه من المعلوم أن شقّ القمر _ مثلاً _ لم يقع بسبب وحيلة ما، بل هو عطية إلهية يعطيها الله تبارك وتعالى لمن يشاء، ومن ذلك لا يستطيع صاحب المعجزة أن يعلّمها غيرَه حيث إنه ليس لها علّة غير إرادة الله تعالى، فالتعليم في المعجزة لا مجال له.
إذاً اتضح أن المعجزة خارقة للعادة.
 
وأما السحر والكهانة(16) والشعبذة فليست بخارقة للعادة، بل هي أمور عادية أسبابها تخفى على أكثر الناس.
والتفريق بين المعجزة والسحر والشعبذة على من له غَرفة من المعارف والعلوم في نهاية السهولة حيث إنه يتمكن من العلم بأن الأمر له سبب أم لا، وأرباب السحر أسرع معرفة لذلك من بقية المتعلّمين، ولذلك أوّل من آمن بالنبي موسى عليه السلام هم السحرة. ولكن هذا الفرق يشكل على عامة الناس الاهتداء إليه فعليهم بمتابعة العلماء كي يشرق نور الحقيقة في قلوبهم.
نعم، هنالك فرق آخر بين صاحب المعجزة والساحر يمكن لعامة الناس معرفته وهو أن صاحب المعجزة مهما طلب منه(17) أمر خارق للعادة للاحتجاج به فإنه قادر على إظهاره مثلما طلب جماعة من المعاندين من نبينا صلى الله عليه وآله كثيراً من الأمور الخارقة للعادة فأظهرها لهم، وكذلك بقية الأنبياء عليهم السلام.
وهذا بخلاف الساحر، فإن عمله منحصر في فعل خاص قد تعلّمه، وإذا طلب منه أمر _ خارق للعادة _ آخر فإنه يعجز عن ذلك، ومن ذلك لم يرَ ولم يسمع أن ساحراً كان يأتي بكل ما يطلب منه.
أقول: فتحصّل مما تقدّم من كلمات الأعلام أن المعجزة أمر خارق للعادة يأتي بها من يدّعي النبوّة أو الإمامة إثباتاً لصدقه، وأن معجزات الأنبياء تتحدّى البشرية على مرَّ العصور إلى يوم القيامة بأن يأتوا بمثلها، فإخراج النبي صالح عليه السلام للناقة من الجبل بانشقاقه تعجز البشرية مهما تطوّرت علومهم عن ذلك، وكذلك قلب العصا حيّة تسعى تلتقم سحر وإفك كل ساحر من النبي موسى عليه السلام، وكذلك إحياء الموتى وإبراء الأعمى والأكمه والأبرص من النبي عيسى عليه السلام، وكذلك شقّ القمر والقرآن الخالد لنبينا الأعظم صلى الله عليه وآله.
إذاً لا بدَّ من ادّعاء، وأمر خارق للعادة، كي يتحقق معنى المعجزة، ومن هنا يتضح أن كرامات أولياء الله الصالحين لا تسمى معجزةً، لأنهم لا يدّعون لأنفسهم شيئاً، ولو ادعوا ما ليس لهم لما أعطاهم الله تلك الكرامات، وهذه السُنّة من الله تعالى حكمة بالغة كي لا تبطل حججه على عباده، ويتم الاحتجاج عليهم ببعث الرسل وبإقامة الأوصياء خلفاء الرسل.
قال العلامة الطباطبائي(18) في تفسيره _ عند الكلام حول قدرة الأنبياء والأولياء _: (الناس في جهل بمقام ربهم وغفلة عن معنى إحاطته وهيمنته، فهم مع ما تهديهم الفطرة الإنسانية إلى وجوده وأحديته يسوقهم الابتلاء بعالم المادة والطبيعة والتوغل في الأحكام والقوانين الطبيعية ثمّ السنن والنواميس الاجتماعية والأنس بالكثرة والبينونة إلى قياس العالم الربوبي بما ألفوا من عالم المادة، فالله سبحانه عندهم مع خلقه كجبار من جبابرة البشر مع عبيده ورعيته… لكن البراهين اليقينية تقتضي بفساد ذلك كله، فإنها تحكم بسريان الفقر والحاجة إلى الموجودات الممكنة في ذواتها وآثار ذواتها وإذا كانت الحاجة إليه تعالى في مقام الذات استحال الاستقلال عنه والانعزال منه على الإطلاق، إذ لو فرض استقلال لشيء عنه تعالى في وجوده أو شيء من آثار وجوده _ بأيّ وجه فرض في حدوث أو بقاء _ استغنى عنه من تلك الجهة وهو محال.
فكل ممكن غير مستقل في شيء من ذاته وآثار ذاته، والله سبحانه هو الذي يستقل في ذاته وهو الغني الذي لا يفتقر في شيء ولا يفقد شيئاً من الوجود وكمال الوجود كالحياة والقدرة والعلم فلا حدَّ له يتحدد به…
وعلى ما تقدم كل ما للممكن من الوجود والحياة والقدرة والعلم متعلق الوجود به تعالى غير مستقل منه بوجه، والاستقلال يبطل الحاجة الإمكانية ولا فرق فيه بين الكثير والقليل كما عرفت، هذا من جهة العقل.
وأما من جهة النقل فالكتاب الإلهي وإن كان ناطقاً باختصاص بعض الصفات والأفعال به تعالى كالعلم بالمغيبات والإحياء والإماتة والخلق كما في كثير من الآيات ولكنها جميعها مفسّرة بآيات أخر كقوله: ((عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ))(19)، ((قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ))(20)، ((وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي))(21)، وانضمام الآيات إلى الآيات لا يدع شكاً في أن المراد بالآيات النافية اختصاص هذه الأمور به تعالى بنحو الأصالة والاستقلال والمراد بالآيات المثبتة إمكان تحققها في غيره تعالى بنحو التبعية وعدم الاستقلال.
فمن أثبت شيئاً من العلم المكنون أو القدرة الغيبية أعني العلم من غير طريق الفكر والقدرة من غير مجراها العادي الطبيعي لغيره تعالى من أنبيائه وأوليائه كما وقع كثيراً في الأخبار والآثار ونفى معه الأصالة والاستقلال بأن يكون العلم والقدرة مثلاً له تعالى وإنما ظهر ما ظهر منه بالتوسيط ووقع ما وقع منه بإفاضته وجوده فلا حجر عليه، ومن أثبت شيئاً من ذلك على نحو الأصالة والاستقلال طبق ما يثبته الفهم العامي وإن أسنده إلى الله سبحانه وفيض رحمته لم يخل من غلو وكان مشمولاً لمثل قوله تعالى: ((لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ))(22)).
وقال رحمه الله في تفسيره في ذيل قوله تعالى: ((وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ))(23): (إن الآية بسياقها تتعرض لشأن آخر من شؤون اليهود وهو تداول السحر بينهم وأنهم كانوا يستندون في أصله إلى قصة معروفة أو قصتين… أن اليهود كما يذكره عنهم القرآن أهل تحريف وتغيير في المعارف والحقائق فلا يؤمنون ولا يؤمن من أمرهم أن يأتوا بالقصص التاريخية محرّفة مغيّرة على ما هو دأبهم في المعارف يميلون كل حين إلى ما يناسبه من منافعهم في القول والفعل.
وفيما يلوح من الآية أن اليهود كانوا يتناولون بينهم السحر وينسبونه إلى سليمان زعماً منهم أن سليمان عليه السلام إنما ملك الملك وسخّر الجن والإنس والوحش والطير وأتى بغرائب الأمور وخوارقها بالسحر الذي هو بعض ما في أيديهم وينسبون بعضه الآخر إلى الملكين ببابل هاروت وماروت.
 
فردَّ عليهم القرآن بأن سليمان عليه السلام لم يكن يعمل بالسحر، كيف والسحر كفر بالله وتصرف في الكون على خلاف ما وضع الله العادة عليه وأظهره على خيال الموجودات الحية وحواسها؟ ولم يكفر سليمان عليه السلام وهو نبي معصوم وهو قوله تعالى: ((وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ))(24)، وقوله تعالى:((وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الآْخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ))(25).
 
فسليمان عليه السلام أعلى كعباً وأقدس ساحة من أن ينسب إليه السحر والكفر وقد استعظم الله قدره في مواضع من كلامه في عدّة من السور المكّية النازلة قبل هذه السورة… إلى أن قال:
وفيها أنه كان عبداً صالحاً ونبياً مرسلاً آتاه الله العلم والحكمة ووهب له من الملك ما لا ينبغي لأحد من بعده فلم يكن بساحر، بل هو من القصص الخرافية والأساطير التي وضعتها الشياطين وتلوها وقرأوها على أوليائهم من الإنس وكفروا بإضلالهم الناس بتعليم السحر وردَّ عليهم القرآن في الملكين ببابل هاروت وماروت بأنه وإن نزل عليهما ذلك ولا ضير في ذلك لأنه فتنة وامتحان إلهي كما ألهم قلوب بني آدم وجوه الشر والفساد فتنة وامتحاناً وهو من القدر، فهما وإن أنزل عليهما السحر إلاّ أنهما ما كانا يعلمان من أحد إلاّ ويقولان له: إنما نحن فتنة فلا تكفر باستعمال ما تتعلمه من السحر في غير مورده كإبطال السحر والكشف عن بغي أهله وهم مع ذلك يتعلمون منهما ما يفسدون به أصلح ما وضعه الله في الطبيعة والعادة… إلى أن قال: لأن العقل لا يرتاب في أن السحر أشأم منابع الفساد في الاجتماع الإنساني)(26).
 
وفي تفسير العياشي والقمي في قوله تعالى: ((وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ))(27)، عن الإمام الباقر عليه السلام في حديث: (فلمّا هلك سليمان وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ثمّ طواه وكتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود ذخائر كنوز العلم من أراد كذا وكذا فليعمل كذا وكذا، ثمّ دفنه تحت سريره ثمّ استتاره لهم فقرأه فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان إلاّ بهذا، وقال المؤمنون: بل هو عبد الله ونبيّه، فقال الله جلَّ ذكره: ((وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ))…)(28).
(وإسناد الوضع والكتابة والقراءة إلى إبليس لا ينافي استنادها إلى سائر الشياطين من الجن والإنس لانتهاء الشر كله إليه، وانتشاره منه لعنه الله إلى أوليائه بالوحي والوسوسة وذلك شائع في لسان الأخبار)(29).
 
ثمّ قال قدس سره تحت عنوان (بحث فلسفي): (من المعلوم وقوع أفعال خارقة للعادة الجارية للمشاهدة والنقل، فقلّما يوجد منّا من لم يشاهد شيئاً من خوارق الأفعال أو لم ينقل إليه شيء من ذلك _ قليل أو كثير _ إلاّ أن البحث الدقيق في كثير منها يبين رجوعها إلى الأسباب الطبيعية العادية، فكثير من هذه الأفعال الخارقة يتقوّى بها أصحابها بالاعتياد والتمرين كأكل السموم وحمل الأثقال والمشي على حبل ممدود في الهواء إلى غير ذلك، وكثير منها تتكي على أسباب طبيعية مخفية على الناس مجهولة لهم كمن يدخل النار ولا يحترق بها من جهة طلاية الطلق ببدنه أو يكتب كتاباً لا خط عليه ولا يقرأه إلاّ صاحبه وإنما كتب بمائع لا يظهر إلاّ عرض لكتاب على النار إلى غير ذلك.
 
وكثير منها يحصل بحركات سريعة تخفى على الحس لسرعتها فلا يرى الحس إلاّ أنه وقع من غير سبب طبيعي كالخوارق التي يأتي بها أصحاب الشعبذة فهذه كلّها مستندة إلى أسباب عادية مخفية على حسَّنا أو غير مقدورة لنا، لكن بعض هذه الخوارق لا يحلل إلى الأسباب الطبيعية الجارية على العادة كالإخبار عن بعض المغيبات، وخاصة ما يقع منها في المستقبل وكأعمال الحب والبغض والعقد والحل والتنويم والتمريض وعقد النوم والإحضار والتحريكات بالإرادة مما يقع من أرباب الرياضات وهي أمور غير قابلة للإنكار، شاهدنا بعضاً منها ونُقل إلينا بعض آخر نقلاً لا يطعن فيه، وهو ذا يوجد اليوم من أصحابها بالهند وإيران والغرب جماعة يشاهد منهم أنواع من هذه الخوارق.
 
والتأمل التام في طرق الرياضات المعطية لهذه الخوارق والتجارب العملية في أعمالهم وإرادتهم يوجب القول بأنها مستندة إلى قوة الإرادة والإيمان بالتأثير على تشتت أنواعها، فالإرادة تابعة للعلم والإذعان السابق عليه، فربما توجد على إطلاقها وربما توجد عند وجود شرائط خاصة ككتابة شيء خاص بمداد خاص في مكان خاص في بعض أعمال الحب والبغض أو نصب المرآة حيال وجه طفل خاص عند إحضار الروح أو قراءة عوذة خاصة إلى غير ذلك فجميع ذلك شرائط لحصول الإرادة الفاعلة.
 
فالعلم إذا تم علماً قاطعاً أعطى للحواس مشاهدة ما قطع به ويمكنك أن تختبر صحة ذلك بأن تلقن نفسك أن شيئاً كذا أو شخصاً كذا حاضر عندك تشاهده بحاستك ثمّ تتخيله بحيث لا تشكّ فيه ولا تلتفت إلى عدمه ولا إلى شيء غيره فإنك تجده أمامك على ما تريد وربما توجد في الآثار معالجة بعض الأطباء الأمراض المهلكة بتلقين الصحة على المريض، وإذا كان الأمر على هذا فلو قويت الإرادة أمكنها أن تؤثر في غير الإنسان المريد نظير ما توجده في نفس الإنسان المريد إما من غير شرط وقيد أو مع شيء من الشرائط.
ويتبيّن بما مرَّ أمور: أحدها: أن الملاك في التأثير تحقق العلم الجازم من صاحب خرق العادة وأما مطابقة هذا العلم للخارج فغير لازم كما كان يعتقده أصحاب تسخير الكواكب من الأرواح المتعلق بالأجرام الفلكية ويمكن أن يكون من هذا القبيل الملائكة والشياطين الذي يستخرج أصحاب الدعوات والعزائم أسماءهم ويدعون بها على طرق خاصة عندهم، وكذلك ما يعتقده أصحاب إحضار الأرواح من حضور الروح فلا دليل لهم على أزيد من حضورها في خيالهم أو حواسهم دون الخارج وإلاّ لرآه كل من حضر عندهم وللكل حس طبيعي.
 
وبه تنحل شبهة أخرى في إحضار روح من هو حي في حال اليقظة مشغول بأمره من غير أن يشعر به والواحد من الإنسان ليس له إلاّ روح واحدة، وبه تنحل أيضاً شبهة وهي أن الروح جوهر مجرد لا نسبة له إلى زمان ومكان دون زمان ومكان، وبه تنحل أيضاً شبهة أخرى ثالثة وهي أن الروح الواحدة ربما تحضر عند أحد بغير الصورة التي تحضر بها عند آخر، وبه تنحل شبهة رابعة وهي أن الأرواح ربما تكذب عند الإحضار في أخبارها وربما يكذب بعضها بعضاً. فالجواب عن الجميع: أن الروح إنما تحضر في مشاعر الشخص المحضر لا في الخارج منها على حدَّ ما نحسُّ بالأشياء المادية الطبيعية.
 
ثانيها: أن صاحب هذه الإرادة المؤثرة ربما يعتمد في إرادته على قوة نفسه وثبات أنيته كغالب أصحاب الرياضات في إراداتهم فتكون لا محالة محدودة القوة مقيدة الأثر عند المريد وفي الخارج، وربما يعتمد فيه على ربه كالأنبياء والأولياء من أصحاب العبودية لله وأرباب اليقين بالله فهم لا يريدون شيئاً إلاّ لربهم وبربهم وهذه إرادة ظاهرة لا استقلال للنفس التي تطلع هذه الإرادة منها بوجه ولم تتلوَّن بشيء من ألوان الميول النفسانية ولا اتكاء لها إلاّ على الحق فهي إرادة ربانية غير محدودة ولا مقيّدة والقسم الثاني إن أثرت في مقام التحدي كغالب ما ينقل من الأنبياء سمّيت آية معجزة وإن تحققت في غير مقام التحدي سمّيت كرامة أو استجابة دعوة إن كانت مع دعاء، والقسم الأوّل إن كان بالاستخبار والاستنصار من جن أو روح أو نحوه سمّي كهانة وإن كان بدعوة أو عزيمة أو رقية أو نحو ذلك سمّي سحراً.
ثالثها: إن الأمر حيث كان دائراً مدار الإرادة في قوتها وهي على مراتب من القوة والضعف أمكن أن يبطل بعضها أثر البعض كتقابل السحر والمعجزة أو أن لا يؤثر بعض النفوس في بعض إذا كانت مختلفة في مراتب القوة وهو مشهود في أعمال التنويم والإحضار)(30).
ثمّ قال قدس سره تحت عنوان (بحث علمي): (العلوم الباحثة عن غرائب التأثير كثير والقول الكلي في تقسيمها وضبطها عسيرة جدّاً، وأعرف ما هو متداول بين أهلها ما نذكره:
منها: السيمياء وهو العلم الباحث عن تمزيج القوى الإرادية مع القوى الخاصة المادية للحصول على غرائب التصرف في الأمور الطبيعية ومنه التصرف في الخيال المسمى بسحر العيون، وهذا الفن من أصدق مصاديق السحر.
 
ومنها: الليمياء وهو العلم الباحث عن كيفية التأثيرات الإرادية باتصالها بالأرواح القوية العالية كالأرواح الموكلة بالكواكب والحوادث وغير ذلك بتسخيرها أو باتصالها واستمدادها من الجن بتسخيرهم وهو فن التسخيرات.
 
ومنها: الهيمياء وهو العلم الباحث عن تركيب قوى العالم العلوي مع العناصر السفلية للحصول على عجائب التأثير وهو الطلسمات فإن للكواكب العلوية والأوضاع السماوية ارتباطات مع الحوادث المادية كما أن العناصر والمركبات وكيفياتها الطبيعية كذلك، فلو ركبت الأشكال السماوية المناسبة لحادثة من الحوادث كموت فلان وحياة فلان وبقاء فلان مثلاً مع الصورة المادية المناسبة أنتج ذلك الحصول على المراد وهذا معنى الطلسم.
ومنها: الريمياء وهو العلم الباحث عن استخدام القوى المادية للحصول على آثارها بحيث يظهر للحس أنها آثار خارقة بنحو من الأنحاء وهو الشعبذة، وهذه الفنون الأربعة مع فن خامس يتلوها وهو الكيمياء الباحث عن كيفية تبديل صور العناصر بعضها إلى بعض كانت تسمى عندهم بالعلوم الخمسة الخفية.
قال شيخنا البهائي: أحسن الكتب المصنّفة التي في هذه الفنون كتاب رأيته ببلدة هرات اسمه (كلّه سر) وقد ركّب اسمه من أوائل أسماء هذه العلوم الكيمياء والليمياء والهيمياء والسيمياء والريمياء، انتهى ملخص كلامه. ومن الكتب المعتبرة فيها خلاصة كتب بليناس ورسائل الخسر وشاهي والذخيرة الإسكندرية والسر المكتوم للرازي والتسخيرات للسكاكي وأعمال الكواكب السبعة للحكيم طمطم الهندي.
ومن العلوم الملحقة بما مرَّ علم الأعداد والأوفاق وهو الباحث عن ارتباطات الأعداد والحروف للمطالب ووضع العدد أو الحروف المناسبة للمطلوب في جداول مثلثة أو مربعة أو غير ذلك على ترتيب مخصوص.
 
ومنها: الخافية وهو تكسير حروف المطلوب أو ما يناسب المطلوب من الأسماء واستخراج أسماء الملائكة والشياطين الموكلة بالمطلوب والدعوة بالعزائم المؤلفة منها للنيل على المطلوب، ومن الكتب المعتبرة فيها عندهم كتب الشيخ أبي العبّاس التوني والسيد حسين الأخلاطي وغيرهما.
ومن الفنون الملحقة بها الدائرة اليوم التنويم المغناطيسي وإحضار الأرواح وهما كما مرَّ من تأثير الإرادة والتصرف في الخيال، وقد اُلّف فيها كتب ورسائل كثيرة واشتهار أمرها يغني عن الإشارة إليها ههنا والغرض مما ذكرنا على طوله إيضاح انطباق ما ينطبق منها على السحر أو الكهانة)(31)، انتهى كلامه.
 
أقول: والغرض من هذا التطويل في النقل التنبيه على مدى وكثرة العلوم الغريبة الباحثة حول الأفعال التي بظاهرها خارقة للعادة ولكنها في الحقيقة عادية لمن مارس وتعلّم تلك العلوم أو تلك الرياضات الباعثة على تقوية الإرادة وتأثيرها وأن لهذه الأفعال أسباباً عادية ولكنها خفية على أكثر الناس فيتوهّم الجاهل أنها معاجز أو كرامات لصاحب تلك الأفعال والأمور.
 
وفي هذا العصر قد خصصت الجامعات والمعاهد العلمية الحديثة كليات وتخصصات مرتبطة بهذه العلوم كالتنويم المغناطيسي وعلم التسخير وإحضار الأرواح والتنبّؤ والإخبار بالمغيبات المستقبلية الأرضية ونحو ذلك كثير ومن أراد الإطلاع فليراجع النشرات الدورية الصادرة من مختلف الجامعات الأكاديمية في البلدان المختلفة.
 
وفي الختام لهذا الفصل نتعرّض لما قاله المحقق السيد الخوئي قدس سره في الإعجاز وفرقه مع السحر والشعبذة ونحوها قال: (وهو في الاصطلاح أن يأتي المدّعي لمنصبٍ من المناصب الإلهية بما يخرق نواميس الطبيعة ويعجز عنه غيره شاهداً على صدق دعواه)(32).
 
أقول: ولا يخفى أن التعميم في التعريف لكل منصب إلهي أتقن مما تقدم من التعريفات حيث لا ينحصر إظهار الفعل الخارق بمدّعي النبوة والإمامة بل يعمُّ النواب والسفراء للإمام المعصوم عليه السلام كما نصَّ على ذلك الشيخ المفيد(33) في أوائل المقالات قال: (القول في ظهور المعجزات على المنصوبين من الخاصة والسفراء… إلى أن قال:
أقول: إن ذلك جائز لا يمنع منه عقل وسُنّة ولا كتاب)(34)، انتهى كلامه رفع مقامه.
ونصَّ على ذلك السيد المرتضى في كتاب (الذخيرة) في فصل عقده لذلك بعد الفصول التي ذكرها في معجزات الأنبياء وسيأتي ذكر بعض ما ظهر على أيديهم من الكرامات.
وقال السيد الخوئي قدس سره تتمة لما سبق: (وإنما يكون المعجز شاهداً على صدق ذلك المدّعي إذا أمكن أن يكون صادقاً في تلك الدعوى وأما إذا امتنع صدقه في دعواه بحكم العقل أو بحكم النقل الثابت عن نبي أو إمام معلوم العصمة فلا يكون ذلك شاهداً على الصدق ولا يسمّى معجزاً في الاصطلاح وإن عجز البشر عن أمثاله).
مثال الأوّل: ما إذا ادّعى أحد النبوة بعد نبي الإسلام، فإن هذه الدعوى كاذبة قطعاً بحكم العقل المقطوع بثبوته الوارد عن نبي الإسلام وعن خلفائه المعصومين بأن نبوّته خاتمة النبوّات وإذا كانت الدعوى باطلة قطعاً، فماذا يفيد الشاهد إذا أقامه المدّعي؟ ولا يجب على الله جلَّ شأنه أن يبطل ذلك بعد حكم العقل باستحالة دعواه أو شهادة النقل ببطلانها)(35).
أقول: تقييد دعوى صاحب الأمر أو الفعل الخارق للعادة بكون دعواه مما يحتمل صدقها عقلاً ونقلاً، أي لا يقوم دليل عقلي أو نقلي قطعيين على كذبه قد يوهّم أن الأمر الخارق للعادة ليس شاهداً قطعياً على الصدق وبالتالي لا تكون المعجزة شاهداً على الصدق، ولكن هذا الوهم فاسد فإن المراد أن قيام الدليل العقلي أو النقلي القطعي كاشف عن عدم كون هذا الأمر خارقاً للعادة ومن قبل الله عز وجل ودليل على كون هذا الأمر خارقاً للعادة صورةً وظاهراً لا واقعاً أي إنه مخفي سببه لا أنه يعجز عنه البشر أجمع بل من يطلع على سببه يتمكن من ذلك.
وقال قدس سره: (وليست من الإعجاز المصطلح عليه ما يظهره الساحر والمشعوذ أو العالم ببعض العلوم النظرية الدقيقة وإن أتى بشيء يعجز عنه غيره ولا يجب على الله إبطاله إذا علم استناده في عمله إلى أمر طبيعي من سحر أو شعبذة أو نحو ذلك، وإن ادّعى ذلك الشخص منصباً إلهياً وقد أتى بذلك الفعل شاهداً على صدقه فإن العلوم النظرية الدقيقة لها قواعد معلومة عند أهلها وتلك القواعد لا بدَّ من أن توصل إلى نتائجها وإن احتاجت إلى دقّة في التطبيق وعلى هذا القياس تخرج غرائب علم الطب المنوطة بطبائع الأشياء وإن كانت خفيّة على عامة الناس بل وإن كانت خفيّة على الأطباء أنفسهم وليس من القبيح أن يختص الله أحداً من خلقه بمعرفة شيء من تلك الأشياء وإن كانت دقيقة وبعيدة عن متناول أيدي عامة الناس، ولكن القبيح أن يغرى الجاهل بجهله وأن يجري المعجز على يد الكاذب فيضل الناس عن طريق الهدى)(36).
أقول: فبعد وضوح الموارد التي لا بدَّ أن يبطلها الله تعالى والموارد التي ليست كذلك فلا يتوقع ذو الذهن الساذج أن كل مورد يقصر ذهنه ولم يبطله الله تعالى فهو معجز، بل عليه التحري بنفسه أو بتوسط ذوي الخبرة والإطلاع كما مرَّ في كلام الحكيم النراقي قدس سره(37).
وتابع السيد الخوئي قائلاً: (تكليف عامة البشر واجب على الله سبحانه وتعالى وهذا الحكم قطعي قد ثبت بالبراهين الصحيحة والأدلّة العقلية الواضحة فإنهم محتاجون إلى التكليف في طريق تكاملهم وحصولهم على السعادة الكبرى والتجارة الرابحة فإذا لم يكلفهم الله سبحانه فإما أن يكون ذلك لعدم علمه بحاجتهم إلى التكليف وهذا جهل يتنزّه عنه الحق تعالى وإما لأن الله أراد حجبهم عن الوصول إلى كمالاتهم وهذا بخل يستحيل على الجواد المطلق، وإما لأنه أراد تكليفهم فلم يمكنه ذلك وهو عجز يمتنع على القادر المطلق، وإذن فلا بدَّ من تكليف البشر ومن الضروري أن التكليف يحتاج إلى مبلّغ من نوع البشر يوقفهم على خفي التكليف وجليه: ((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ))(38))(39).
ومن الضروري أيضاً أن السفارة الإلهية من المناصب العظيمة التي يكثر لها المدّعون ويرغب في الحصول عليها الراغبون، ونتيجة هذا أن يشتبه الصادق بالكاذب ويختلط المضلّ بالهادي.
وإذن فلا بدَّ لمدّعي السفارة أن يقيم شاهداً واضحاً يدلُّ على صدقه في الدعوى وأمانته في التبليغ، ولا يكون هذا الشاهد من الأفعال العادية التي يمكن غيره أن يأتي بنظيرها فينحصر الطريق بما يخرق نواميس الطبيعة.
وإنما يكون الإعجاز دليلاً على صدق المدّعي، لأن المعجز فيه خرق للنواميس الطبيعية، فلا يمكن أن يقع من أحد إلاّ بعناية الله تعالى وإقدار منه، فلو كان مدّعي النبوة كاذباً في دعواه كان إقداره على المعجز من قبل الله تعلى إغراءً بالجهل وإشارة بالباطل، وذلك محال على الحكيم تعالى… وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى في كتابه الكريم: ((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأَْقاوِيلِ * لأََخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ))(40).
*   *   *
 
 
 
 
 
الهوامش:
 
(1) البحار 11: 70، نقلاً عن علل الشرائع، وعيون أخبار الرضا عليه السلام للصدوق.
(2) المصدر السابق.
(3) المحقق نصير الدين الطوسي من أكابر علماء الإمامية وله خدمات كبيرة للمذهب، وقد برع في علوم كثيرة كالفلسفة وعلم الكلام والفلك والهيأة والهندسة وغيرها، وقد بنى المرصد الفلكي المشهور بمراغة.
(4) تجريد الاعتقاد: 350/ طبعة جماعة المدرسين/ (1407هــ).
(5) العلامة الحلّي هو الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر، شيخ الطائفة وعلاّمة وقته وصاحب التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف، انتهت الإمامية إليه، برع في العلوم العقلية والنقلية.
(6) أي إلى أن قال.
(7) شرح تجريد الاعتقاد: 350.
(8) تجريد الاعتقاد: 351.
(9) شرح تجريد الاعتقاد: 351.
(10) المحقق الميرزا (أبو القاسم القمي قدس سره) من كبار فقهاء الشيعة له كتاب (قوانين الأصول) في أصول الفقه، و(جامع الشتات)، و(غنائم الأيام) في الفقه وغير ذلك، واشتهر بالمحقق القمي.
(11) رسالة في أصول الدين/ المحقق القمي.
(12) أنوار الملكوت في شرح الياقوت/ العلامة الحلّي: 184.
(13) هو العلامة الجامع للفنون والعلوم العقلية والنقلية ذو الفضائل الأخلاقية والملكات النورانية، صاحب كتاب (جامع السعادات).
(14) أنيس الموحّدين/ العلامة النراقي.
(15) المصدر السابق.
(16) الكهانة الإخبار عن المستقبل بتوسط الجن بعد انصياعهم للكاهن بسبب نمطٍ من الأعمال وهي قريبة من السحر.
(17) هذا إذا لم يكن الطلب بداعي العناد واللجاج، بل لاستكشاف حقيقة الحال، كما كان يتفق ذلك مع النبي صلى الله عليه وآله حينما كانت قريش تطلب منه بعض المعجزات.
(18) هو العلاّمة السيد محمّد حسين الطباطبائي قدس سره (صاحب تفسير الميزان) من بيت العلم والفضل، له تاريخ طويل في خدمة الشريعة حيث إن أربعة عشر من أجداده كانوا من العلماء المبرزين، كان واحد هذا العصر في العلوم العقلية والتفسير.
(19) الجن: 26 و27.
(20) السجدة: 11.
(21) المائدة: 110.
(22) النساء: 171.
(23) البقرة: 102.
(24) الآية السابقة.
(25) الآية السابقة.
(26) تفسير الميزان 1: 234 و235.
(27) البقرة: 102.
(28) تفسير القمي 1: 55، وذلك نقلاً عن تفسير الميزان 1: 237، بحث روائي.
(29) تفسير الميزان 21: 337.
(30) تفسير الميزان 1: 244.
(31) البيان في تفسير القرآن: 33/ المدخل.
(32) المصدر السابق.
(33) هو فخر الشيعة أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المتوفي (413هـ)، ويعرف بابن المعلّم، أجلّ مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم وكل من تأخّر عنه استفاد منه، وفضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية، أوثق أهل زمانه وأعلمهم، انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته.
(34) أوائل المقالات: 80/ الطبعة الثانية.
(35) البيان: 33/ المدخل.
(36) البيان: 34/ المدخل.
(37) في الصفحة (36) من هذا الكتاب.
(38) الأنفال: 42.
(39) البيان: 35/ المدخل.
(40) الحاقة: 44 – 46.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/26



كتابة تعليق لموضوع : في الفرق بين السحر والمعجزة والكرامة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net