صفحة الكاتب : محمد الكوفي

موكب السبايا. صرخة في وجه الطغاة
محمد الكوفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

دخول سبايا  } آل البيت { عليهم السلام.{ من الكوفة إلى الشام حيث مقر الإمارة الظالمة والخلافة الكاذبة.

************

15/ محرم / سنة 61هـــ خروج السبايا من الكوفة إلى الشام.

غرة شهر صفر سنة 61 هـــ ذكرى ورود السبايا إلى دمشـــــق.

5/ صفر/ سنة61 هـــ وفات السيدة رقية بنت الإمام الحسين {ع} في الشام وعمرها ثلاث سنوات.

************

بسم الله الرحمن الرحيم

}} يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي {{ صدق الله العلي العظيم. أتمنى منكم دعاء بـ مغفرة ورحمه.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله المصطفى محمّد وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين  المعصومين المظلومين.

واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين...

وبعد: قال الشيخ الكفعمي والشيخ البهائي وغيرهما: أُدخل رأس الحسين { عليه السلام.{ إلى دمشق في الأول من شهر صفر، ـ  وهو عيد عند بني أمية ـ وتتجدد فيه الأحزان.

قلت: ويحق أن يقال:­­­­­­

كانت مآتم بالعراق تعدها ****** أمية بالشام من أعيادها.

************

مقال خاص: إلى الأخوة الأعزاء المشرفين المحترمين في موقع كتابات في الميزان .

الحلقة  الثانية: بحث وتحقيق. محمد الكوفي/ أبو جـــاسم،

************

أتقدم بأحر التعازي والمواساة إلى صاحب العصر والزمان وإلى مراجعنا العظام والأمة الإسلامية والقراء الأعزاء  جميعاً وذالك بمناسبة خروج سبايا آل البيت الرسول محمد { صلى الله عليه وآله.{ من الكوفة إلى دمشق من الله لكم ولي الأجر والثواب واخص بالذكر إخوتي وأخواتي العاملين والعاملات في موقع كتابات في الميزان المحترمة  والأخ المسؤول والمشرف والكادر العام ، في هذا الموقع المحترم، وكذالك المواقع الإسلامية والعلمانية المحترمة الأخرى.

************

معجزة رأس الحسين {عليه السلام:{ روى القطب الراوندي عن منهال بن عمرو انّه قال: أنا والله رأيت رأس الحسين { عليه السلام .{ حُمل وأنا بدمشق وبين يديه رجل يقرأ الكهف حتى بلغ قوله: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً».

فأنطق الله الرأس بلسان ذرب ذلق، فقال: أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي.

تقدَّم رأسُ الحسين {عليه السلام.{ رؤوس الكوكبة التي خلَّفت أجسادها في صحراء ألطف ، وراحت القافلة تخترق الصحاري متوجهة إلى دمشق.

وسارت خلف الرأس الشريف زينب {عليه السلام.{ بطلة كربلاء ،وقد تسلَّمت مَهامَّ الثورة الحسينية ضِدَّ الطُغاة ،هي مِهمَّة الجهاد بالكلمة لا بال سيف.

ثم التحق ركب النساء والأطفال برفقة الإمام السجاد {عليه السلام.{ الذي وضعت بِيَدِه السلاسل ، وجُمِعت إلى عنقه ،وحملوا جميعاً على اقتاب الإبل التي كانت بغير وطاء ، وكان ذلك في التاسع عشر من شهر المحرم ، في سنة {61 هـ{ .

******  « 1  »  ******

دخلت قافلة سبايا أهل البيت النبوة مدينة دمشق، في الأول من شهر صفر عام {61هـ}،

1 } ــــ «- كتب يزيد بن معاوية رسالة إلى واليه على الكوفة عبيد الله بن زياد، يطلب منه أن يرسل السبايا إليه بقوله:

«سَرّح الأسرى إليّ»، فاستدعى ابن زياد بمخفر بن ثعلبة العائذي، فسلّم إليه رؤوس الشهداء مع أسرى أهل البيت{عليهم السلام}، وأمره أن يسير بالسبايا مع شمر بن ذي الجوشن إلى يزيد في الشام.

عانت عقائل الوحي ومخدرات النبوة والإمامة جميع ضروب المحن والبلاء أيام مكثهن في الكوفة، فقد عانين مرارة السجن وشماتة الأعداء، وذلّ الأسر، وبعدما صدرت الأوامر من دمشق بحملهن إلى يزيد أمر ابن مرجانه بتسيير رؤوس أبناء النبيّ {صلّى الله عليه وآله.{ وأصحابهم إلى الشام لتعرض على الشاميّين، كما عرضت على الكوفيّين حتى تمتلئ قلوب الناس فزعاً وخوفاً وتظهر مقدرة الأمويين، وغلبتهم على آل الرسول.

وقد سيّرت رؤوس العترة الطاهرة مع الأثيم زهير بن قيس الجعفي، كما سيّرت العائلة النبوية مع محفر بن ثعلبة من عائدة قريش، وشمر بن ذي الجوشن، وقد أوثقت بالحبال، وأركبت على أقطاب الجمال، وهن بحالة تقشعر منها ومن ذكرها الأبدان وترتعد لها فرائض كل إنسان. » {1}.

******  « 2  »  ******

2 } ــــ «- الشام عند وصول سبايا  محمد  الرسول: {صلّى الله عليه وآله}: قال الشيخ الجليل والعالم الخبير الحسن بن عليّ الطبري، معاصر العلامة والمحقق، في كتابه كامل البهائي ـ الذي ألف قبل - 660 سنة ـ في ذكر ورود أهل بيت الحسين {عليه السلام.{ إلى الشام: وسارت قافلة الأسرى لا تلوي على شيء حتى انتهت إلى  القرب من دمشق ،

ومن الجدير بالذكر أنّ مخدّرات النبوة وباقي الأسرى قد التزموا جانب الصمت فلم يطلبوا أي شيء من أولئك الأنذال الموكّلين بهم، وذلك لعلم العلويات بعدم الاستجابة لأي شيء من مطالبهن.

تزيين الشام وأمرت حكومة دمشق الدوائر الرسمية وشبه الرسمية بإظهار الزينة والفرح للنصر الذي أحرزته بقتل أبناء النبيّ {صلّى الله عليه وآله.{. » {2}.

******  « 3  »  ******

3} ــــ «- وكان يزيد قد أمر بتزيين المدينة، وأمر كذلك بتسيير الراقصات في الشوارع وهن يرقصن على أنغام الطبول، إبتهاجاً بقتل ابن بنت رسول الله { صلى الله عليه وآله وسلم,{

فَجيءَ برؤوس الشهداء يتقدَّمها رأس الحسين { عليه السلام{،إلى بلاط يزيد، فأدخلت عليه، وكان بيده قضيب، فأخذ يضرب به فَمَ الإمام الحسين { عليه السلام{، ويُردِّد الأبيات الآتية:
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا* جزعَ الخَزْرجِ مِن وقعِ الأَسَلْ
لأهلُّوا واستهلُّوا فرحاً* ثُمَّ قالوا يا يزيد لا تُشَلْ
لَعِبَتْ هاشمُ بالمُلكِ فلا* خَبرٌ جَاءَ ولا وَحي نَزَلْ
لَسْتُ مِن خَندف إِنْ لَم أنتَقِم* مِن بَني أحمَد مَا كانَ فَعَلْ
وقد رافق وصول سبايا آل البيت { عليه السلام{، إلى دمشق أيضاً حملة إعلامية مُضلِّلة، تقول: إن أولئك السبايا خرجوا على الخليفة الشرعي يزيد، فقتَلَهُم، وجيء بنسائِهِم وأطفالهم، وأشاعوا ذلك بين الناس، وأمروهم بإظهار الزينة والفرح. » {3}.

******  « 4  »  ******

4} ــــ «- لقد أبدى ذلك المجتمع الذي تربّى على بغض أهل البيت جميع ألوان الفرح والسرور بإبادة العترة الطاهرة وسبي حرائر النبوة.

سهل بن سعد ألساعدي: روى ألمجلسي في جلاء العيون نقلاً عن بعض كتب المناقب القديمة عن سهل بن سعد انّه قال: خرجت إلى بيت المقدس حتى توسطت الشام فإذا أنا بمدينة مطرّدة الأنهار، كثيرة الأشجار قد علقوا الستور والحجب والديباج، وهم فرحون مستبشرون وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول، فقلت في نفسي: لا نرى لأهل الشام عيداً لا نعرفه نحن، فرأيت قوماً يتحدثون فقلت: ياقوم لكم بالشام عيد لا نعرفه نحن؟ قالوا: ياشيخ نراك إعرابيا،

فقلت : أنا سهل بن سعد رأيت محمدا } صلى الله عليه وآله وسلم { ، قالوا : يا سهل ما أعجبك السماء لا تمطر دماً ، والأرض لا تنخسف بأهلها ؟ قلت : ولم ذاك ؟ قالوا : هذا رأس الحسين }{ عليه السلام{، { عترة محمد } صلى الله عليه وآله وسلم { يهدى من أرض العراق ، فقلت : وأعجباه يهدى رأس الحسين والناس يفرحون ؟ قلت : من أي باب يدخل ؟ فأشاروا إلى باب يقال له : باب ساعات ، قال : فبينما أنا كذلك حتى رأيت الرايات يتلوا بعضها بعضاً ، فإذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان عليه رأس أشبه من أشبه الناس وجها برسول الله } صلى الله عليه وآله وسلم { ، فإذا أنا من وراءه رأيت نسوة على جمال من بغير وطاء ولا غطاء ،

سعد والآل: فدنوت من أولادهم، فقلت: ياجارية من أنت؟ فقالت: أنا سكينة بنت الحسين، فقلت لها: ألك حاجة إلي؟ فأنا سهل بن سعد ممن رأى جدّك وسمع حديثه، قالت: ياسهل قل لصاحب هذا الرأس أن يقدم الرأس أمامنا حتى يشتغل الناس بالنظر إليه ولا ينظروا الى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله، قال سهل: فدنوت من صاحب الرأس فقلت له: هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ منّي أربعمائة دينار؟ قال: ماهي؟ قلت: تقدم الرأس إمام الحرم، ففعل ذلك فدفعت إليه ما وعدته.

وفي رواية ابن شهر أشوب انّه: فلما كان الغد أخرج الدراهم وقد جعلها الله حجارة سوداء مكتوب على أحد جانبيها: «وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ » وعلى الجانب الأخر: «...وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ».

ودخلوا على يزيد ودخلت معهم ، وكان يزيد جالساً على السرير وعلى رأسه تاج مكلل بالذهب والياقوت، وحوله كثير من مشايخ قريش، فلما دخل صاحب الرأس وهو يقول.

أوقـر ركابي فضة iiوذهباً  ******  أنـا  قتلت السيد iiالمحجبا
قتلت  خير الناس أما iiوأبا  ******  وخيرهم إذ ينسبون النسبا

قال : لو علمت أنه خير الناس لم قتلته ؟ قال : رجوت الجائزة منك ، فأمر أن يضرب عنقه فجز رأسه ، ووضع رأس الحسين } عليه السلام { على طبق من ذهب وهو يقول : كيف رأيت يا حسين ؟ ثم دعا يزيد عليه العنة بقضيب خيزران فجعل ينكت به ثنايا الحسين } عليه السلام { فأقبل عليه أبو بزرة  الأسلمي وقال : ويحك يا يزيد أتنكت في بقضيبك ثغر الحسين } عليه السلام { ابن فاطمة { عليها السلام } ، أشهد لقد رأيت النبي } صلى الله عليه وآله وسلم { يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن } عليهما السلام { ويقول : { أنتما سيدا شباب أهل الجنة ، فقتل الله قاتلكما وقعة صفين فيه { 1 صفر الخير { سنة { 37 هـ } كانت وقعة صفين بين أمير المؤمنين } عليه السلام { وبين معاوية ، وقيل : في التاسع . قال نصر بن مزاحم: تقاتلوا في تمام ذي الحجة، ثم تركوه في محرم، ثم ابتدؤا به في غرة صفر » {4}.

******  « 5  »  ******

5} ــــ «- الشمر وحرم الرسول: روى السيد ابن طاووس رحمه الله انّه: سار القوم برأس الحسين ونسائه والأسرى من رجاله فلما قربوا من دمشق دنت أم كلثوم من الشمر {لعنه الله} وكان من جملتهم، فقالت له: لي إليك حاجة، فقال: ما حاجتك؟ قالت: أذا دخلت بنا البلدَ فاحملنا في درب قليل النظَّّارة، وتقدم أليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحّونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر ألينا ونحن في هذه الحال. فأمر في جواب سؤالها أن يجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغياً منه وكفراً، وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفّة حتى أتى بهم باب دمشق فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي» {5}.

******  « 6  »  ******

6 } ــــ «- سبايا آل النبي في دمشق: وعانت عقائل الوحي ومخدرات النبوة والإمامة جميع ضروب المحن والبلاء أيام مكثهن في الكوفة، فقد عانين مرارة السجن وشماتة الأعداء، وذلّ الأسر، وبعدما صدرت الأوامر من دمشق بحملهن إلى يزيد أمر ابن مرجانه بتسيير رؤوس أبناء النبيّ { صلّى الله عليه وآله} وأصحابهم إلى الشام لتعرض على الشاميّين، كما عرضت على الكوفيّين حتى تمتلأ قلوب الناس فزعاً وخوفاً وتظهر مقدرة الاُمويّين، وغلبتهم على آل الرسول.

وقد سيّرت رؤوس العترة الطاهرة مع الأثيم زهير بن قيس الجعفي، كما سيّرت العائلة النبوية مع محفر بن ثعلبة من عائدة قريش، وشمر بن ذي الجوشن، وقد أوثقت بالحبال، وأركبت على أقتاب الجمال، وهن بحالة تقشعر منها ومن ذكرها الأبدان وترتعد لها فرائض كل إنسان {1}. وسارت قافلة الأسرى لا تلوي على شيء حتى انتهت إلى القرب من دمشق، فأقيمت هناك حتى تتزيّن البلد بمظهر الزهو والأفراح، ومن الجدير بالذكر أنّ مخدّرات النبوة وباقي الأسرى قد التزموا جانب الصمت فلم يطلبوا أي شيء من أولئك الأنذال الموكّلين بهم، وذلك لعلم العلويات بعدم الاستجابة لأي شيء من مطالبهن. » {6}.

 

******  « 7  »  ******

7} ــــ «- تزيين الشام: وأمرت حكومة دمشق الدوائر الرسمية وشبه الرسمية بإظهار الزينة والفرح للنصر الذي أحرزته بقتل أبناء النبيّ { صلّى الله عليه وآله}، ووصف بعض المؤرخين تلك الزينة بقوله: ووصف بعض المؤرخين تلك الزينة بقوله: ولمّا بلغوا - أي أسارى أهل البيت - ما دون دمشق بأربعة فراسخ استقبلهم أهل الشام وهم ينثرون النثار فرحاً وسروراً حتى بلغوا بهم قريب البلد، فوقفوهم عن الدخول ثلاثة أيام وحبسوهم هناك، حتى تتوفّر زينة الشام وتزويقها بالحليّ والحلل والحرير والديباج والفضة والذهب وأنواع الجواهر، على صفة لم ير الراءون مثلها لا قبل ذلك اليوم ولا بعده، ثمّ خرج الرجال والنساء، والصغار والكبار، والوزراء والأمراء، واليهود والمجوس والنصارى وسائر الملل، إلى التفرّج ومعهم الطبول والدفوف والبوقات والمزامير، وسائر آلات اللهو والطرب، وقد كحّلوا العيون، وخضبوا الأيدي، ولبسوا أفخر الملابس، وتزيّنوا أحسن الزينة، ولم ير الراءون أشدّ احتفالاً ولا أكثر اجتماعاً منه، حتى كأن الناس كلّهم حشروا جميعاً في صعيد دمشق. » {7}.

******  « 8  »  ******

8} ــــ «- لقد أبدى ذلك المجتمع الذي تربّى على بغض أهل البيت جميع ألوان الفرح والسرور بإبادة العترة الطاهرة وسبي حرائر النبوة.

وروى سهل بن سعد ألساعدي ما رآه من استبشار الناس بقتل الحسين، يقول: خرجت إلى بيت المقدس حتى توسّطت الشام، فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار كثيرة الأشجار، قد علّقت عليها الحجب والديباج، والناس فرحون مستبشرون، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول، فقلت في نفسي: إنّ لأهل الشام عيداً لا نعرفه، فرأيت قوماً يتحدّثون فقلت لهم: ألكم بالشام عيد لا نعرفه؟ نراك يا شيخ غريباً؟ أنا سهل بن سعد قد رأيت رسول الله.

يا سهل، ما أعجبك أن السماء لا تمطر دماً، والأرض لا تنخسف بأهلها.

وما ذاك؟ هذا رأس الحسين يُهدي من أرض العراق.

وأعجبا، يهدى رأس الحسين والناس يفرحون! من أيّ باب يدخل؟ وأشاروا إلى باب الساعات، فأسرع سهل إليها، وبينما هو واقف وإذا بالرايات يتبع بعضها بعضاً، وإذا بفارس بيده لواء منزوع السنان، وعليه رأس من أشبه الناس وجهاً برسول الله { صلّى الله عليه وآله} وهو رأس أبي الأحرار، وخلفه السبايا محمولة على جمال بغير وطاء، وبادر سهل إلى إحدى السيّدات فسألها: من أنت؟{أنا سكينة بنت الحسين}. ألك حاجة؟ فأنا سهل صاحب جدّك رسول الله.

{ قل لصاحب هذا الرأس أن يقدّمه أمامنا حتى يشتغل الناس بالنظر إليه، ولا ينظرون إلى حرم رسول الله { صلّى الله عليه وآله}}, وأسرع سهل إلى حامل الرأس فأعطاه أربعمائة درهم فباعد الرأس عن النساء.» {8}.

******  « 9  »  ******

9} ــــ «- الآل في جامع دمشق: الشامي مع زين العابدين:  عندما نزل حريم النبوة في مسجد الجامع بدمشق وهو محل الأسرى، انبرى شيخ هرم يتوكّأ على عصاه ليمتّع نظره بالسبايا، فدنا من الإمام زين العابدين فرفع عقيرته قائلاً: الحمد لله الذي أهلككم وأمكن الأمير منكم.

وبصر به الإمام فرآه مخدوعاً قد ضلّلته الدعاية الأموية فقال له: لأيا شيخ، أقرأت القرآن؟}. فبهت الشيخ من أسير مكبول، فقال له بدهشة: بلى.

{أقرأت قوله تعالى: {قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}، وقوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ}، وقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُربى}؟}.

وبهر الشيخ وتهافت فقال: نعم، قرأت ذلك.

فقال له الإمام: {نحن والله القربى في هذه الآيات.. يا شيخ، أقرأت قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهْلَ الْبَيتِ وَيُطَهَّرَكُم تطْهِيراً}؟}.

قال: بلى. {نحن أهل البيت الذين خصّهم الله بالتطهير}.

ولمّا سمع الشيخ ذلك من الإمام ذهبت نفسه حسرات على ما فرّط في أمر نفسه، وتلجلج وقال للإمام بنبرات مرتعشة:

بالله عليكم أنتم هم؟

{وحق جدّنا رسول الله {صلّى الله عليه وآله} إنّا لنحن هم من غير شكّ..}.

وودّ الشيخ أنّ الأرض قد وارته ولم يجابه الإمام بتلك الكلمات القاسية، وألقى بنفسه على الإمام وهو يوسع يديه تقبيلاً، ودموعه تجري على سحنات وجهه قائلاً:

أبرأ إلى الله ممّن قتلكم. وطلب من الإمام أن يمنحه العفو والرضا فعفا الإمام عنه .

وفي رواية اخرى. فبكي الشيخ ساكناً نادماً على ما تكلم به وقال: بالله أنّكم هم؟ فقال علي بن الحسين {عليه السلام}: تالله أنا لنحن من غير شك وحقّ جدنا رسول الله أنا لنحن هم، فبكى الشيخ ورمى عمامته ورفع رأسه إلى السماء وقال: «اللهم إنّا نبرأ إليك من عدوّ آل محمد من جن وانس»

ثم قال: هل لي من توبة؟ فقال له: نعم، إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا، فقال: أنا تائب، فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ فأمر به فقتل. » {9}.

 

******  « 10  »  ******

10} ــــ «-سرور يزيد: وغمرت يزيد موجات من الفرح حينما جيء له بسبايا أهل البيت،

 وكان مطلاً على منظر في جيرون، فلمّا نظر إلى الرؤوس والسبايا قال:

لـــــما بدت تلك الحمول وأشرقــت ******  تــــلك الــرؤوس على شفا جيرون

نعـــــب الغراب فقلت: قل أو لا تقل ****** فقد اقتـــضيت من الرسول ديوني » {10}.

******  « 11  »  ******

11} ــــ «- لقد أخذ ابن هند ثأره من ابن فاتح مكة ومحطم أوثان قريش، فقد أباد العترة الطاهرة وسبى ذرا ريها تشفّياً وانتقاماً من الرسول الذي قتل أعلام الاُمويّين.

رأس الإمام عند يزيد:  وحمل الخبيث الأبرص شمر بن ذي الجوشن ومحفر بن ثعلبة ألعائدي رأس ريحانة رسول الله وسيّد شباب أهل الجنة هدية إلى الفاجر يزيد بن معاوية، فسرّ بذلك سروراً بالغاً، فقد استوفى ثأره وديون الأمويين من ابن رسول الله، وقد أذن للناس إذناً عاماً ليظهر لهم قدرته وقهره لآل النبيّ { صلّى الله عليه وآله}، وازدحم الأوباش والأنذال من أهل الشام على البلاط الأموي، وهم يعلنون فرحتهم الكبرى، ويهنّئون يزيد بهذا النصر الكاذب » {11}.

******  « 12  »  ******

12} ــــ «- وقد وضع الرأس الشريف بين يدي سليل الخيانة، فجعل ينكثه بمخصرته، ويقرع ثناياه اللتين كان رسول الله { صلّى الله عليه وآله} يترشفهما، وجعل يقول:

{لقد لقيت بغيك يا حسين}. » {12}.

******  « 13  »  ******

13} ــــ «- ثمّ التفت إلى عملائه وأذنابه فقال لهم: { ما كنت أظنّ أبا عبد الله قد بلغ هذا السنّ، وإذا لحيته ورأسه قد نصلا من الخضاب الأسود}. » {13}.

******  « 14 »  ******

14} ــــ «- وتأمل في وجه الإمام{عليه السّلام} فغمرته هيبته وراح يقول: ما رأيت مثل هذا الوجه حسناً قطّ}.» {14}.

******  « 15  »  ******

15} ــــ «-أجل إنّه كوجه رسول الله { صلّى الله عليه وآله} الذي تحنو له الوجوه والرقاب، والذي يشعّ بروح الإيمان، وراح ابن معاوية يوسع ثغر الإمام بالضرب وهو يقول: إنّ هذا وإيّانا كما قال الحصين بن الحمام:

أبـــــى قومنا إن ينصفونا فانصفت ******  قواضب في إيمــــاننا تقـــطر الدما

نُفلِّقـــــن هــــاماً مــن رجال أعــزَّة ****** علينـــــا وهــم كانوا أعقَّ وأظلمـا

ولم يتم الخبيث كلامه حتى أنكر عليه أبو برزة الأسلمي فقال له: أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين، أما لقد أخذ قضيبك في ثغره مأخذاً لربّما رأيت رسول الله { صلّى الله عليه وآله} يرشفه، أما انّك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك ويجيء هذا ومحمّد { صلّى الله عليه وآله} شفيعه}.

ثم قام منصرفاً عنه » {15}.

******  « 16 »  ******

16} ــــ «- السبايا في مجلس يزيد: وعمد الأنذال من جلاوزة الخبيث ابن الخبيث يزيد بن معاوية إلى عقائل الوحي وسائر الصبية فربطوهم بالحبال كما تربط الأغنام، فكان الحبل في عنق الإمام زين العابدين إلى عنق العقيلة زينب وباقي بنات رسول الله { صلّى الله عليه وآله}، وكانوا كلّما قصّروا عن المشي أوسعوهم ضرباً بالسياط، وجاءوا بهم على مثل هذه الحالة التي تتصدّع من هولها الجبال، وهم يكبّرون ويهلّلون بسبيهم لبنات رسول الله وإبادتهم لعترته.

وأوقفت مخدرات الرسالة بين يدي يزيد، فالتفت إليه الإمام زين العابدين{عليه السّلام}، فقال له:

{ما ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللهِ {صلّى الله عليه وآله.{ لَوْ رَآنَا عَلى هذِهِ الصِّفَةِ؟}. فتأثّر يزيد، ولم يبق أحد في مجلسه إلاّ بكى، وكان منظر العلويات مثيراً للعواطف، فقال يزيد: قبّح الله ابن مرجانه لو كان بينكم وبينه قرابة لما فعل بكم هذا.

إنّه لم يصنع بالسيّدات العلويات بمثل هذه الأعمال إلاّ بأمر يزيد وإرضاءً لعواطفه ورغباته واستجابة لعواطف القرشيّين الذين ما آمنوا بالإسلام وكانت نفوسهم مترعة بالحقد لرسول الله {صلّى الله عليه وآله}. والتفت الطاغية إلى الإمام زين العابدين {عليه السّلام}، فقال له: إيه يا عليّ بن الحسين، أبوك الذي قطع رحمي وجهل حقي، ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما رأيت.

فأجابه شبل الحسين بكل طمأنينة وهدوء بقوله تعالى:

{{ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم والله لا يحب كل مختالٍ فخورٍ}}.

وثار الطاغية وقال للإمام: { وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم}. فردّ عليه الإمام:

{هذا في حقّ من ظلم لا في حق من ظُلِم..}.

وزوي الإمام بوجهه عنه ولم يكلّمه استهانة به.» {16}.

 

******  « 17  »  ******

17} ــــ «- خطاب العقيلة: وأظهر الطاغية الآثم فرحته الكبرى بإبادته لعترة رسول الله{صلّى الله عليه وآله} فقد صفا له الملك، واستوسقت له الاُمور، وأخذ يهزّ أعطافه جذلاناً متمنّياً حضور القتلى من أهل بيته ببدر ليريهم كيف أخذ بثأرهم من النبيّ{صلّى الله عليه وآله} في ذرّيته، وراح يترنّم بأبيات ابن الزبعري قائلاً أمام الملأ بصوت يسمعه الجميع:

لَيْــــتَ أَشـــــْيَاخِي بِبَدرٍ شَـهِدُو          جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِـنْ وَقْعِ الأَسَـلْ

فَـــــأَهَلُّوا وَاســـــــتَهَلُّوا فِرَحــاً          ثُمَّ قَالُوا: يَا يَـــــزِيدُ لاَ تُشـَــــلْ

قَــــــدْ قَتَلْنَا الْقَوْمَ مِنْ سَادَاتِهِـمْ          وَعَـــــدَلْنَاهُ بـِـــبَدْرٍ فَاعْتَـــــــدَلْ

لَعِبَـــــتْ هَــــــاشِمُ بالْمُلْكِ فَـــلاَ          خَبَرٌ جـَــــاءَ وَلاَ وَحــــْيٌ نــَزَلْ

لَـــستُ مِنْ خِــنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ          مِـــــنْ بَنِي أَحْمَدَ مِا كَانَ فَعـــَلْ

ولمّا سمعت العقيلة هذه الأبيات التي أظهر فيها التشفّي بقتل عترة رسول الله {صلّى الله عليه وآله} انتقاماً منهم لقتلى بدر، وثبت كالأسد، فسحقت جبروته وطغيانه فكأنّها هي الحاكمة والمنتصرة والطاغية هو المخذول والمغلوب على أمره، وقد خطبت هذه الخطبة التي هي من متمّمات النهضة الحسينية، قالت {عليها السّلام}:

{أَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلىَ مُحَمّدَ وآلِهِ أَجْمَعِيَن، صَدَقَ اللهُ كَذَلكَ يَقُولُ: {ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السؤى أن كذبوا بأيات الله وكانوا بها يَسْتَهْزِؤُونَ}  » {17}.

******  « 18  »  ******

18 } ــــ «- أَظَنَنْتَ - يَا يَزِيدُ- حَيْثُ أَخَذْتَ عَلَيْنَا َقْطَارَ الأَرْضِ وَآفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الإِمَاءِ - أَنَّ بِنَا عَلَى اللهِ هَوَاناً، وَبِكَ عَلَيْهِ كَرَامَةٍ!! وَأَنَّ ذَلِكَ لِعَظِيمَ خَطَرِكَ عِنْدَهُ!! فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَنَظَرْتَ في عَطْفِكَ، جَذْلانَ مَسْرُوراً، حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً، وَالأُمُورَ مُتَّسِقَةً، وَحِينَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وسُلْطَاننَا، فَمَهلاً، أَنَسِيتَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين}. » {18}.

******  « 19  »  ******

19} ــــ «- أَمِنَ الْعَدْلِ يَا بْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَإمَاءَكَ وَسُوقَكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللهِ سَبَايَا؟! قدْ هَتَكْتَ سُتورَهُنَّ، وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ، تَحْدُو بِهِنَّ الأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدِ إلى بلدٍ، وَيَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَازِلِ وَالمَنَاهِلِ.» {19}.

******  « 20  »  ******

20} ــــ «- وَيَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَالبَعِيدُ، وَالدَّنِيُّ وَالشَّرِيفُ، لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالهِنَّ وَلِيُّ، وَلاَ مِنْ حَمَاتِهنَّ حَمِيُّ. وَكَيْفَ تُرْتَجىَ مُرَاقبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الأَزْكيَاءِ، وَنَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ؟!

وَكَيْفَ لاَ يَسْتَبطِأُ فِي بُغْضِنَا أَهلَ الْبَيْتِ مَنْ نَظَرَ إِلَيْنَا بَالشَّنَفِ » {20}.

******  « 21  »  ******

21} ــــ «- لأَهَـــــلُّوا وَاســـــْتَهَلُّوا فَــــرَحاً ****** ثُــــمَّ قَـــالُوا: يَـــا يَزِيدُ لاَ تُشَلْ

مُنْتَحِياً عَلىَ ثَنَايَا أَبِي عَبْدِ اللهِ {عليه السّلام} سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَنْكُتُهَا بِمِخْصَرَتِكَ.

وَكَيفَ لاَ تَقُولُ ذَلكَ، وَقَدْ نَكَأُتَ الْقَرْحَةَ، وَاسْتَأْصَلْتَ الشَّأْفَةَ، بإِرَاقَتِكَ دِمَاءَ ذُرَّيَّةِ مُحَمَّدٍ{ صلّى الله عليه وآله}

 

 

أَللَّهُمَّ خُذْ بِحَقِّنَا، وَانتَقِمْ مِمَّنْ ظَلَمَنَا، وَاحْلُلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَقَتَلَ حُمَاتَنَا.

 

 

 

فَوَ اللهِ مَا فَرَيْتَ إِلاَّ جِلْدَكَ، وَلا حَزَزْتَ إِلاَّ لَحْمَكَ، وَلَتَرِدَنَّ عَلى رَسُولِ اللهِ { صلّى الله عليه وآله} بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرّيَّتِهِ، وَانْتَهكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَلُحْمَتِهِ، وَحَيثُ يَجْمَعُ اللهُ شَمْلَهُمْ وَيَلُمُّ شَعْثَهُمْ وَيَأْخُذُ بِحَقِّهِمْ {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون}   » {21}.

******  «22  »  ******

22} ــــ «- وَحَسْبُكَ بِاللهِ حَاكِماً، وَبِمُحَمَّدٍ { صلّى الله عليه وآله} خَصِيماً، وَجَبِرَئيلَ ظَهيراً، وَسَيَعْلَمُ مَنْ سَوَّلَ لَكَ وَمَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ، بِئْسَ للِظَّالِمِينَ بَدَلاً وَأَيُّكُمُ شَرُّ مَكَاناً وأَضْعَفُ جُنْداً.

وَلَئِنْ جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّوَاهِي مُخَاطَبَتَكَ، إِنِّي لأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ، وَأَسْتَعْظِمُ تَقْرِيعَكَ، وَأَسْتَكْثِرُ تَوْبِيخَكَ، لَكِنِ الْعُيُونُ عَبْرىَ، وَالصُّدَورُ حَرّىَ.

أَلاَ فَالعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللهِ النُّجبَاءِ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ الطُّلَقَاءِ، فَهَذِهِ الأَيْدِي تَنْطِفُ.» {22}.

******  « 23  »  ******

23} ــــ «- مِنْ دِمَائِنَا، وَالأَفْوَاهُ تَتَحَلَّبُ مِنْ لُحُومِنَا، وَتِلكَ الْجُثَثُ الطَّوَاهِرُ الزَّوَاكِي تَنْتَابُهَا الْعَوَاسِل{18}.ُ وَتَعْفِرُهَا أُمَّهَاتُ الْفَرَاعِلِ. »{23}.

******  « 24  »  ******

24} ــــ «- وَلَئِنِ اتَّخَذْتَنَا مَغْنَماً لَتَجِدُنَا وَشِيكاً مُغْرَماً، حِينَ لاَ تَجِدُ إِلاَّ مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ، وَمَا ربُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ، فَإلَى اللهِ الْمُشْتَكىَ، وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ.

فَكِدْ كَيْدَكَ، وَاسْعَ سَعْيَكَ، ونَاصِبْ جَهْدَكَ، فَو َاللهِ لاَ تَمْحُوَنَّ ذِكْرَنَا، ولاَ تُمِيتُ وَحْيَنَا، وَلاَ تُدْركُ أَمَدَنَا، وَلاَ تَرْحَضُ عَنْكَ عَارَهَا.

وَهَلْ رَأْيُكَ إِلاَّ فَنَداً، وَأَيَّامُكَ إِلاَ عَدَداً، وَجَمْعُكَ إِلابَدَداً، يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِ: أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.

فَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَتَمَ لأَوَّلِنَا بِالسَّعَادةَ وَالمَغْفِرةِ، وَلآخِرنَا بِالشَّهَادَةِ وِالرَّحْمَةِ.

وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ، وَيُوجِبَ لَهُمُ الْمَزِيدَ، وَيُحْسِنَ عَلَيْنَا الْخِلافَةَ، إِنَّهُ رَحِيمُ وَدُودُ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل» {24}.

******  « 25  »  ******

25} ــــ «- وهذا الخطاب من متمّمات النهضة الحسينية، ومن روائع الخطب الثورية في الإسلام، فقد دمّرت فيه عقيلة بني هاشم وفخر النساء جبروت الأموي الظالم يزيد، وألحقت به وبمن مكّنه من رقاب المسلمين العار والخزي، وعرّفته عظمة الأسرة النبوية التي لا تنحني جباهها أمام الطغاة والظالمين، وعلّق الإمام الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء على هذا الخطاب بقوله:

أتستطيع ريشة أعظم مصوّر، وأبدع ممثل أن يمثّل لك حال يزيد وشموخه بأنفه، وزهوه بعطفه وسروره وجذله باتّساق الاُمور، وانتظام الملك ولذّة الفتح والظفر والتشفّي والانتقام بأحسن من ذلك التصوير والتمثيل، وهل في القدرة والإمكان لأحد أن يدفع خصمه بالحجّة والبيان والتقريع والتأنيب، ويبلغ ما بلغته سلام الله عليها بتلك الكلمات، وهي على الحال الذي عرفت، ثمّ لم تقتنع منه بذلك، حتى أرادت أن تمثّل له وللحاضرين عنده ذلّة الباطل، وعزّة الحق وعدم الإكتراث واللامبالاة بالقوة والسلطة والهيبة والرهبة، أرادت أن تعرّفه خسّة طبعه، وضعة مقداره، وشناعة فعله، ولؤم فرعه وأصله.» {25}.

******  « 26  »  ******

26} ــــ «- ويقول المرحوم الفكيكي: تأمّل معي في هذه الخطبة النارية كيف جمعت بين فنون البلاغة، وأساليب الفصاحة، وبراعة البيان، وبين معاني الحماسة، وقوة الاحتجاج، وحجّة المعارضة، والدفاع في سبيل الحرية والحقّ والعقيدة، بصراحة هي أنفذ من السيوف إلى أعماق القلوب، وأحدّ من وقع الأسنة في الحشا، والمهج في مواطن القتال، ومجالات النزال، وكان الوثوب على أنياب الأفاعي، وركوب أطراف الرماح أهون على يزيد من سماع هذا الاحتجاج الصارخ الذي صرخت به ربيبة المجد والشرف في وجوه طواغيت بني اُميّة وفراعنتهم في منازل عزّهم ومجالس دولتهم الهرقلية والارستقراطية الكريهة، ثمّ أنّ هذه الخطبة التأريخية القاصعة لا نزال تنطق ببطولات الحوراء الخالدة وجرأتها النادرة، وقد احتوت النفس القوية الحساسة الشاعرة بالمثالية الأخلاقية الرفيعة السامية، وسيبقى هذا الأدب الحيّ صارخاً في وجوه الطغاة الظالمين على مدى الدهر وتعاقب الأجيال وفي كل ذكرى لواقعة ألطف الدامية المفجعة » {26}.

******  « 27  »  ******

27} ــــ «-محتويات الخطاب: وحلّلنا محتويات خطاب العقيلة في كتابنا {حياة الإمام الحسين}، وننقله لما فيه من مزيد الفائدة، وهذا نصّه: وكان هذا الخطاب العظيم امتداداً لثورة كربلاء، وتجسيداً رائعاً لقيمها الكريمة وأهدافها السامية، وقد حفل بمايلي:

أوّلاً: إنّها دلّلت على غرور الطاغية وطيشه، فقد حسب أنّه هو المنتصر بما يملك من القوى العسكرية التي ملأت البيداء وسدّت أفاق السماء إلاّ أنّه انتصار مؤقّت، ومن طيشه أنّه حسب أنّ ما أحرزه من الانتصار كان لكرامته عند الله تعالى وهوان لأهل البيت، ولم يعلم أنّ الله إنّما يملي للكافرين في الدنيا من النعم ليزدادوا إثماً ولهم في الآخرة عذاب أليم.

ثانياً: إنّها نعت عليه سبيه لعقائل الوحي، فلم يرع فيهم قرابتهم لرسول الله { صلّى الله عليه وآله}، وهو الذي منَّ عليهم يوم فتح مكة، فكان أبوه وجدّه من الطلقاء، فلم يشكر للنبيّ هذه اليد، وكافئه بأسوء ما تكون المكافئة.

ثالثاً: أنّ ما اقترفه الطاغية من سفكه لدماء العترة الطاهرة، فإنّه مدفوع بذلك بحكم نشأته وموارثيه، فجدّته هند هي التي لاكت كبد سيّد الشهداء حمزة، وجدّه أبو سفيان العدوّ الأوّل للإسلام، وأبوه معاوية الذي أراق دماء المسلمين وانتهك جميع ما حرمه الله، فاقتراف الجرائم من عناصره وطباعه التي فطر عليها.

رابعاً: إنّها أنكرت عليه ما تمثّل به من الشعر الذي تمنّى فيه حضور شيوخه الكفرة من الاُمويّين ليروا كيف أخذ بثأرهم من النبيّ { صلّى الله عليه وآله} بإبادته لأبنائه، إلاّ أنّه سوف يرد موردهم من الخلود في نار جهنم.

خامساً: إنّ الطاغية بسفكه لدماء العترة الطاهرة لم يسفك إلاّ دمه، ولم يقرِ إلاّ جلده، فإنّ تلك النفوس الزكية حيّة وخالدة، وقد تلفّعت بالكرامة، وبلغت قمّة الشرف، وأنّه هو الذي باء بالخزي والخسران.

سادساً: إنّما عرضت إلى من مكّن الطاغية من رقاب المسلمين، فهو المسؤول عمّا اقترفه من الجرائم والموبقات، وقد قصدت سلام الله عليها مغزى بعيداً يفهمه كل من تأمّل فيه.

سابعاً: أنّها أظهرت سموّ مكانتها، وخطر شأنها، فقد كلّمت الطاغية بكلام الأمير والحاكم، فاستهانت به، واستصغرت قدره، وتعالت عن حواره، وترفّعت عن مخاطبته، ولم تحفل بسلطانه، لقد كانت العقيلة على ضعفها وما ألمّ بها من المصائب أعظم قوّة وأشدّ بأساً منه.

ثامناً: أنّها عرضت إلى أنّ يزيد مهما بذل من جهد لمحو ذكر أهل البيت{عليهم السّلام}، فإنّه لا يستطيع إلى ذلك سبيلاً لأنّهم مع الحقّ، والحقّ لابدّ أن ينتصر، وفعلاً فقد انتصر الإمام الحسين، وتحوّلت مأساته إلى مجد لا يبلغه أي إنسان كان، فأيّ نصر أحقّ بالبقاء وأجدر بالخلود من النصر الذي أحرزه الإمام {عليهم السّلام}،

هذا قليل من كثير ممّا جاء في هذه الخطبة التي هي آية من آيات البلاغة والفصاحة، ومعجزة من معجزات البيان، وهي إحدى الضربات التي أدّت إلى انهيار الحكم الأموي » {27}.

******  « 28  »  ******

28} ــــ «-محتويات الخطاب: وحلّلنا محتويات خطاب العقيلة في كتابنا {حياة الإمام الحسين}، وننقله لما فيه من مزيد الفائدة، وهذا نصّه: وكان هذا الخطاب العظيم امتداداً لثورة كربلاء، وتجسيداً رائعاً لقيمها الكريمة وأهدافها السامية، وقد حفل بمايلي:

أوّلاً: إنّها دلّلت على غرور الطاغية وطيشه، فقد حسب أنّه هو المنتصر بما يملك من القوى العسكرية التي ملأت البيداء وسدّت أفاق السماء إلاّ أنّه انتصار مؤقّت، ومن طيشه أنّه حسب أنّ ما أحرزه من الانتصار كان لكرامته عند الله تعالى وهوان لأهل البيت، ولم يعلم أنّ الله إنّما يملي للكافرين في الدنيا من النعم ليزدادوا إثماً ولهم في الآخرة عذاب أليم.

ثانياً: إنّها نعت عليه سبيه لعقائل الوحي، فلم يرع فيهم قرابتهم لرسول الله { صلّى الله عليه وآله}، وهو الذي منَّ عليهم يوم فتح مكة، فكان أبوه وجدّه من الطلقاء، فلم يشكر للنبيّ هذه اليد، وكافئه بأسوء ما تكون المكافئة.

ثالثاً: أنّ ما اقترفه الطاغية من سفكه لدماء العترة الطاهرة، فإنّه مدفوع بذلك بحكم نشأته وموارثيه، فجدّته هند هي التي لاكت كبد سيّد الشهداء حمزة، وجدّه أبو سفيان العدوّ الأوّل للإسلام، وأبوه معاوية الذي أراق دماء المسلمين وانتهك جميع ما حرمه الله، فاقتراف الجرائم من عناصره وطباعه التي فطر عليها.

رابعاً: إنّها أنكرت عليه ما تمثّل به من الشعر الذي تمنّى فيه حضور شيوخه الكفرة من الأمويين ليروا كيف أخذ بثأرهم من النبيّ { صلّى الله عليه وآله} بإبادته لأبنائه، إلاّ أنّه سوف يرد موردهم من الخلود في نار جهنم.

خامساً: إنّ الطاغية بسفكه لدماء العترة الطاهرة لم يسفك إلاّ دمه، ولم يقرِ إلاّ جلده، فإنّ تلك النفوس الزكية حيّة وخالدة، وقد تلفّعت بالكرامة، وبلغت قمّة الشرف، وأنّه هو الذي باء بالخزي والخسران.

سادساً: إنّما عرضت إلى من مكّن الطاغية من رقاب المسلمين، فهو المسؤول عمّا اقترفه من الجرائم والموبقات، وقد قصدت سلام الله عليها مغزى بعيداً يفهمه كل من تأمّل فيه.

سابعاً: أنّها أظهرت سموّ مكانتها، وخطر شأنها، فقد كلّمت الطاغية بكلام الأمير والحاكم، فاستهانت به، واستصغرت قدره، وتعالت عن حواره، وترفّعت عن مخاطبته، ولم تحفل بسلطانه، لقد كانت العقيلة على ضعفها وما ألمّ بها من المصائب أعظم قوّة وأشدّ بأساً منه.

ثامناً: أنّها عرضت إلى أنّ يزيد مهما بذل من جهد لمحو ذكر أهل البيت{عليهم السّلام}، فإنّه لا يستطيع إلى ذلك سبيلاً لأنّهم مع الحقّ، والحقّ لابدّ أن ينتصر، وفعلاً فقد انتصر الإمام الحسين، وتحوّلت مأساته إلى مجد لا يبلغه أي إنسان كان، فأيّ نصر أحقّ بالبقاء وأجدر بالخلود من النصر الذي أحرزه الإمام {عليهم السّلام}،

هذا قليل من كثير ممّا جاء في هذه الخطبة التي هي آية من آيات البلاغة والفصاحة، ومعجزة من معجزات البيان، وهي إحدى الضربات التي أدّت إلى انهيار الحكم الأموي » {28}.

******  « 29  »  ******

29} ــــ «- جواب يزيد: ولم يستطع الطاغية الجواب على خطاب العقيلة، فقد انهار كبرياؤه وغروره وتمثّل ببيت من الشعر وهو:

يَا صَيْحَــــــةً تُحْمَدُ مِنْ صَوَائِحِ ******  مَـــا أَهْوَنَ الْمَوْتَ عَلَى النَّوَائِحِ

ولا توجد أيّة مناسبة بين ذلك الخطاب الثوري الذي أبرزت فيه عقيلة الوحي واقع يزيد وجرّدته من جميع القيم والمبادئ الإنسانية، وبين هذا البيت من الشعر الذي حكى أنّ الصيحة تحمد من الضوائح، وأنّ النوح يهون على النائحات، فأي ربط موضوعي بين الأموين.

 

اضطراب الطاغية: وتلبّدت الأجواء السياسية على الطاغية، وحار في أمره فقد فضحته العقيلة بخطابها الخالد، وجرّدته من السلطة الشرعية، وأخذت الأوساط الشعبية في دمشق تتحدّاه وتنقم عليه جريمته النكراء بإبادته لعترة رسول الله {صلّى الله عليه وآله}، فأخذ يلتمس له المعاذير، فقال لأهل الشام:

أتدرون من أين أتى ابن فاطمة، وما الحامل له على ما فعل، وما الذي أوقعه فيما وقع؟ لا.

 

يزعم أن أباه خير من أبي، واُمّه فاطمة بنت رسول الله خير من اُمّي، وأنّه خير منّي، وأحقّ بهذا الأمر، فأمّا قوله: أبوه خير من أبي، فقد حاجّ أبي أباه إلى الله عز وجلّ، وعلم الناس أيّهما حكم له، وأمّا قوله: اُمّه خير من اُمّي، فلعمري أنّ فاطمة بنت رسول الله {صلّى الله عليه وآله}، خير من أمي، وأمّا قوله: جدّه خير من جدّي فلعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر وهو يرى أنّ لرسول الله {صلّى الله عليه وآله}، فينا عدلاً، ولا ندّاً.. ولكنّه إنّما أتى من قلّة فقهه، ولم يقرأ قوله تعالى: { والله يؤتي ألملكه من يشاء}. » {29}.

******  « 30  »  ******

30} ــــ «لقد حسب الخبيث أنّ منطق الفضل عند الله تعالى إنّما هو الظفر بالملك والسلطان، فراح يبني تفوّقه على الإمام بذلك، ولم يعلم أنّ الله تعالى لا يرى للملك أي قيمة، فإنّه يهبه للبرّ والفاخر.

لقد تخبّط الطاغية، وراح يبني مجده الكاذب على تغلّبه وقهره لسبط رسول الله{صلّى الله عليه وآله}، وقد خاب فكره وضلّ سعيه، فقد انتصر الإمام في ثورته انتصاراً لم يحرزه أي فاتح على وجه الأرض، فها هي الدنيا تعجّ بذكره، وها هو حرمه يطوف به المسلمون كما يطزفون ببيت الله تعالى، وليس هناك ضريح على وجه الأرض أعزّ ولا أرفع من ضريح أبي الأحرار، فكان حقّاًهذا هو النصر والفتح.

 

العقيلة مع الشامي ويزيد: ونظر شخص من أهل الشام إلى السيّدة الزكية فاطمة بنت الإمام الحسين فقال ليزيد:

هب لي هذه الجارية لتكون خادمة عندي.

وقد ظنّ أنّها من الخوارج فيحق له أن تكون خادمة عنده، ولمّا سمعت العلوية ذلك، سرت الرعدة بأوصالها، وأخذت بثياب عمّتها مستجيرة بها، فانبرت العقيلة وصاحت بالرجل:

{ كذبت ولؤمت، ما ذلك لك، ولا لأميرك..}.

واستشاط الطاغية غضباً من استهانة العقيلة به وتحدّيها لشأنه، فقال لها: كذبت، إن ذلك لي، ولو شئت لفعلت.

فنهرته العقيلة ووجّهت له سهاماً من منطقها الفياض قائلة:

{ كلاّ والله ما جعل لك ذلك، إلاّ أن تخرج من ملّتنا، وتدين بغير ديننا..} وفقد الطاغية إهابه، فقد أهانته أمام الطغمة من أهل الشام فصاح بالحوراء:

إيّاي تستقبلين بهذا، إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك.

ولم تحفل العقيلة بسلطانه ولا بقدرته على البطش والانتقام، فردّت عليه بثقة:

{بدين الله ودين أبي وجدّي اهتديت أنت وأبوك إن كنت مسلماً..}.

وأزاحت العقيلة بهذا الكلام الذي هو أشدّ من الصاعقة الستار الذي تستّر به الطاغية من أنّ الإمام الحسين وأهل بيته من الخوارج، فقد استبان لأهل الشام أنّهم ذرّية رسول الله، وأنّ يزيداً كاذب بادّعائه.

وصاح الرجس الخبيث بالعقيلة:

كذبت يا عدوّة الله.

ولم تجد العقيلة جواباً تحسم به مهاترات الطاغية، غير أن قالت:

{أنت أمير مسلّط، تشتم ظلماً، وتقهر بسلطانك..}.

وتهافت غضب الطاغية وأطرق برأسه إلى الأرض، فأعاد الشامي كلامه إلى يزيد طالباً منه أن تكون بنت رسول الله {صلّى الله عليه وآله}، خادمة عنده فصاح به يزيد:

وهب الله لك حتفاً قاضياً.» {30}

******  « 31  »  ******

31} ــــ «- لقد احتفظت عقيلة الوحي بقواها الذاتية، وإرادتها الواعية الصلبة التي ورثتها من جدّها الرسول {صلّى الله عليه وآله}، فقابلت الطاغية بهذا الكلام المشرّف الذي حقّقت به أعظم الانتصار.

يقول بعض الكتّاب: وقد حقّقت زينب سلام الله عليها - وهي في ضعفها- واستكانتها أوّل نصر حاسم على الطغاة وهم في سلطانهم وقوتهم، فقد أفحمته المرّة بعد المرّة، وقد أظهرت للملأ جهله، كما كشفت عن قلّة فقهه في شؤون الدين، فإنّ نساء المسلمين لا يصحّ مطلقاً اعتبارهن سبايا، ومعاملتهن معاملة السبي في الحروب{26}. وأكبر الظنّ أن كلام الشامي كان فاتحة انتقاد ليزيد، وبداية لتسرّب الوعي عند الشاميّين، وآية ذلك أنّه لم يكن الشامي بليداً إلى هذا الحدّ، فقد كان يكفيه ردّ الحوراء عليه وعلى يزيد، ومقابلتها ليزيد بالعنف الذي أخرجته من ربقة الإسلام إن استجاب لطلب الشامي، وهذا ممّا يشعر أنّ طلبه كان مقصوداً لأجل فضح يزيد»{31}.

******  « 32  »  ******

32} ــــ «- النياحة عند الحسين: وطلبن عقائل الوحي من الطاغية أن يفرد لهن بيتاً ليقمن فيه مأتماً على سيّد الشهداء، فقد نخر الحزن قلوبهن، فلم يكن بالمستطاع أن يبدينه ما ألمّ بهنّ من عظيم الأسى خوفاً من الجلاوزة الجفاة الذين جهدوا على منعهن من البكاء على أبي عبد الله، يقول الإمام زين العابدين: كلّما دمعت عين واحد منّا قرعوا رأسه بالرمح، واستجاب يزيد لذلك، فأفرد لهن بيتاّ، فلم تبق هاشمية ولا قرشية إلا لبسن السواد حزناً على الحسين، وخلدن بنات الرسالة إلى النياحة سبعة أيام، وهنّ يندبن سيّد الشهداء { عليه السّلام }،  بأقسى ما تكون الندبة، وينحن على الكواكب من نجم آل عبد المطلب، وقد اهتزت الأرض من كثرة نياحهن وبكائهن»  {32}،

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض ما عانته سيدة النساء زينب {عليه السّلام }، من المصائب في دمشق. » {32}.

************

رفع الشكوك الواردة حول عودة السبايا إلى كربلاء: من الذين يظهر من عباراتهم وصول حرم الحسين{عليه السلام.{ إلى كربلاء يوم الأربعين أبو ريحان البيروني حيث ورد في الآثار الباقية ص 321 : {العشرين { من صفر.{ رد رأس الحسين إلى جثته حتى دفن مع جثته وفيه زيارة الأربعين وهم حرمه بعد  انصرافهم من الشام } انظر الركب الحسيني ص 290
وقد صرح ابن طاووس في إقبال الأعمال 3/100 إن هناك من قال أنهم وصلوا كربلاء في عودهم من الشام يوم العشرين من صفر ولعله يشير إلى البيروني أو غيره .
ودمتم في رعاية الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه الأحاديث مأخوذة من الكتب العربية و الفارسية الشيعية والسنية ومن مكاتب مواقع الانترنت:

ـــــــــــــــــــــــــــــ

1}ــــ « - حياة الإمام الحسين{عليه السّلام}،371:3.

اللهوف في قتلى الطفوف: 100. اُنظر: اللهوف في قتلى الطفوف: 160.  - تاريخ القضاعي: 70.  - تاريخ ابن الأثير 398:3. - تاريخ الإسلام - الذهبي 351:2.

  - حياة الإمام الحسين{عليه السّلام}، 374:3.  - البداية والنهاية 198:8.»{1}.

 

2}ــــ «اللهوف  في قتلى الطفوف: 100. 2ـ كامل الزيارات: 160.  »{2}.

3}ــــ « كتابه كامل البهائي ـ الذي ألف قبل 660 سنة ـ في ذكر ورود أهل بيت الحسين عليه السلام الشام: - مقتل الحسين{عليه السّلام}، - المقرّم: 437. الحسن بن عليّ الطبري،»{2}.

ــــــــــــــــــــــــــــ

1}ـــ «- تحفة الأنام في مختصر الإسلام: 84. » {1}.

2}ــــ «-  حياة الإمام الحسين {عليه السّلام}  369:3.» {2}.

3}ــــ «- حياة الإمام الحسين{عليه السّلام} 370:3. »  {3}.

4} ــــ «-«1ـ اللهوف قتلى الطفوف:» {4}.

5}ــــ «- -2-3-  ـ أُنظر: اللهوف في قتلى الطفوف » {5}.

6} ـــــ«- تحفة الأنام في مختصر الإسلام: 84. »{6}.

7} ــــ «- حياة الإمام الحسين{عليه السّلام} 369:3. »{7}.

8} ــــ «- حياة الإمام الحسين{عليه السّلام} 370:3.» {8}.

9} ـــــ «- حياة الإمام الحسين{عليه السّلام} 371:3. »{9}.

10} ــــ «- مقتل الحسين{عليه السّلام} - المقرّم: 437. »{10}.

11} ــــ«- البداية والنهاية 198:8. . »{11}.

12} ــــ « حياة الإمام الحسين{عليه السّلام} 374:3. ـ »{12}.

13}ـــــ«- تاريخ الإسلام - الذهبي 351:2.»{13}.

14}ــــ «- تاريخ القضاعي: 70. » {14}.

15} ــــ «- تاريخ ابن الأثير 398:3. » 15}.

16} ــــ «- الإرشاد: 276. » {16}.

17}ــــ «- سورة الروم: الآية 10. » {17}.

18}ـــ  «- سورة آل عِمران: الآية 178. » {18}.

19}ــــ «- المناهل: جمع منهل، وهو موضع الشرب من العيون، والمراد من يسكن فيها. » {19}.

20}ــــ «- الشنف: البغض والعداء. » {20}.

21}ـــ «- سورة آل عمران: الآية 163. »{21}.

22}ــــ «- تنطف: أي تستوفي من دمائنا. »{22}.

23} ــــ «-العواسل: جمع عاسل، وهو الذئب. الفراعل: جمع فرعل، وهو ولد الضبع. » {23}.

24} ــــ «- أعلام النساء 504:2. بلاغات النساء:21. حياة الإمام الحسين{عليه السّلام} 378:3-380. » {24}.

25} ــــ «- السياسة الحسينية:30. » {25}.

26} ــــ «- حياة الإمام الحسين{عليه السّلام}. »381:3. {26}.

27} ــــ «-.حياة الإمام الحسين{عليهم السّلام}، 382:3-383»{27}.

28} ــــ «- الحسين{عليه السّلام} 381:3. »{28}.

29} ــــ «- تاريخ الطبري 226:6. البقرة: 247» {29}.

30}ــــ «-- تاريخ الطبري 265:6. »{30}.

31} ــــ «- حياة الإمام الحسين{عليه السّلام} 390:3.» {31}.

32} ــــ «- حياة الإمام الحسين{عليه السّلام} 392:3..» {32}.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فأنها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}}

وَربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا،


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الكوفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/14



كتابة تعليق لموضوع : موكب السبايا. صرخة في وجه الطغاة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net