صفحة الكاتب : الشيخ حسن السندي

بين يدي المرجعية الرشيدة
الشيخ حسن السندي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين .
وبعد :
 
فقد تشرفت بزيارة مراجع النجف الأشرف آية الله العظمى السيد السيستاني ، وآية الله العظمى السيد الحكيم وآية الله العظمى الشيخ النجفي (حفظهم الله) ، في العاشر من شهر شوال لعام 1434 من الهجرة النبوية المباركة ، فاستفدت من محضرهم الشريف عدة أمور اتفق الجميع على بيان بعضها وانفرد البعض بالبعض الاخر ومن تلك الأمور :
 
الامر الأول : 
بين السيد السيستاني ( انعم الله على الامة بجواهر علمه و حكمته) ان دور المربي خطير جدا ، فينبغي عليه ان يعمل جادا على تربية الحدث وفق منهج اهل البيت عليهم السلام ، ويعلمه القران حفظا بالجملة او في الجملة وتفقها في معارفه ومعارف العترة الطاهرة التي امر رسول الله (صلى الله عليه واله) بالتمسك بها كما امر بالتمسك بالقران الكريم .
 
ان من المهم ان نوجه الأبناء ليشغلوا أوقاتهم بما ينفعهم ، وان نهتم برفع مستوى وعيهم وثقافتهم ثم بين ( لا حرمنا الله من نمير علمه ) ان الأوضاع الدولية وما يجري في منطقة الشرق الأوسط تحت عنوان ( الربيع العربي) يوقف المتابع على ان أصحاب المصالح والمطامع يلعبون بالكبار ويصيرونهم حيث يريدون ، فإذا كان هذا حال الكبار الذين لهم تجارب طويلة فما حال الصغار والأحداث .
 
وأضاف (حفظه الله) بانه في قراءته للأوضاع الدولية يهتم بملاحظة أمور كثيرة وعناصر متعددة لها دخل في تحديد الواقع وتشخيص الوظيفة بدقة ، ويتعامل في النواحي السياسية والاجتماعية بنفس النفس الذي يتعامل به في تحقيق المسائل العلمية من حيث التدقيق وملاحظة كل ما قد يكون له دخل في جعل النتائج اقرب الى الواقع .
 
كما اكد على وحدة الصف الشيعي وتجاوز الخلافات الشخصية ، وعدم الاعتناء بالإساءة التي تصدر من المؤمنين ، وتجنب إتلاف الوقت في الدفاع عن الذات ، فيما اذا تعرضت للتشوية او الإهانة .
 
الامر الثاني :
ذكر السيد الحكيم ( لا حرمنا الله علمه وحكمته ) ان المذهب قوي جدا لا خوف عليه من الأصوات النشاز ، وان الشيعة وبسبب عمق ودقة ومتانة أصولهم ومبادئهم وتوازن مواقفهم يشقون طريقهم نحو المكانة المناسبة لهم و يكتسبون التقدير و احترام العالميين ، ويزداد اهتمام الامم بهم وبمعرفة ثقافاتهم ومبادئهم التي ينطلقون منها ويحددون المواقف على ضوئها .
 
فينبغي على اهل العلم و عامة المؤمنين ان لا يشعروا بحالة الارتباك والقلق فيما اذا وجد كلام هنا او كلام هنالك لا يرقى حتى إلى مستوى الشبهة . و هنا قلت لسماحته (حفظه الله) ان مجتمعنا يعيش حالة شبيهة بحالة العراق ابان دخول المد الشيوعي ، اقول حالة شبيهة .
 
وهنالك من يتاثر بالعناوين البراقة التي يرفعها الليبرالي والعلماني ودعاة التنوير والتجديد وان الأطروحات المخالفة والتي ينفرد بها اصحابها عن الحق والحقيقة تجد آذانا صاغية في مكان هنا او مكان هنالك ، فما هو موقفنا ؟
فأجاب ( متع الله المؤمنين بطول بقاه) : بان واقعنا الحالي في العراق دليل فشل سعي أصحاب هذه الدعوات المضلة ، لقد عمل الشيوعيون على ترويج أفكارهم وتشكيك الناس في الدين بأساليب الخداع والغش ومما اتذكر أنهم كانوا يعدون الناس بالرخاء والعيش الرغد في ظل مبادئ الشيوعية ، ومما قالوا في ذلك ان السيارة المرسيدس تباع بسعر زهيد جدا في ألمانيا الشرقية الشيوعية مقارنة بالغربية ، ولكن مع مرور الوقت سقطت الأقنعة ، وانكشف للناس زيف هذه الشعارات ، وفشل هذه الدعوات ، ثم قال. ( حفظه الله ) مبتسما : وظهر انه لا توجد في ألمانيا الشرقية سيارة المرسيدس صلا .
 
لقد تكسر أمواج هذا التوجه واضمحلت وصارت عاقبتها الفناء والزوال لما اصطدمت بصخور الدين الراسخ في نفوس الشعب العراقي .
انا لا انكر وجود من يدعو الى ترك الدين ، ويثير بعض الامور حول المعارف والشعارات الدينية ، كما لا انكر وجود بعض الضعفاء في إيمانهم ، الخفاف في تلبية دعوة الباطل والذين ينتظرون أصحاب الدعوات المضلة الموافقين لهم في الهوى ان يتكلموا ليتبنوا أفكارهم ويعملون على ترويجها ، ولكن أقول : ان وجود هؤلاء لا يشكل قلقا مادام الناس ملتزمون بالدين والشعائر الدينية ، والذي انتهيت اليه من خلال لقاءاتي ومشاهداتي هو تزايد الالتزام الديني والتمسك بتعاليم المرجعية ، وهذا ما يدعو الى التفاؤل و يبعث على الاطمئنان .
 
الأمر الثالث :
ليس كل مشكك او مشوة للحقائق يستحق الرد والتعليق من المرجعية ، فان بعض هؤلاء ينبغي ان يكتفى في مقام التصدي للرد عليه بعرض عقائد المذهب بعمق ودقة بالنحو الذي يحصن عامة المؤمنين ويجعلهم قادرين على معرفة مواطن الخلل ومواضع الضعف في كلامه. 
 
والسر في ذلك يعود الى ان بعض المشككين والمشوهين للحقائق والواقع لا يوجد عندهم ما يستحق الرد والتعليق ، نعم هم يقتاتون على الأثارات وتفاعل الناس مع ما يطرحون من كلام هزيل ضعيف ، فالتصدي للرد عليهم يطيل عمرهم ويديم انشغال الناس بتشويشاتهم ، ولو أهملوا لأهملهم الناس بمرور الوقت ، ولم يعيروا كلامهم اي أهمية .
 
الأمر الرابع : 
تحدث الشيخ النجفي ( رزقنا الله من علمه وغيرته ) عن دور حوزة النجف الأشرف وامتيازها عن سائر الحوزات ، كيف وهي مدينة امير المؤمنين ( عليه السلام ) باب مدينة العلم ، وفيها تاريخ مجيد لآلاف العلماء والمحققين والعباد والزهاد الذين ما زالت ترفرف أرواحكم و يجد الطالب والباحث نصب تذكار جدهم ومثابرتهم و آثارهم العلمية في كل زاوية من زوايا هذه البلدة المباركة التي لم يخلق مثلها في البلاد .
 
ثم بين (جعل الله سعيه مشكورا) لطيفة من لطائفه وما اكثرها ، وهي ان علماء الطبيعة يقولون الهواء يحمل خواص المكان الذي يأتي منه وينتقل عنه ، وحيث ان النجف كانت مقصدا يدفن فيها موتى الشيعة منذ مئات السنيين وجميع بقاعها هي في الأصل مدافن للشيعة للعلماء منهم والشهداء وغيرهم ، فن هذا التراب الذي ينتقل في هواء النجف محمل بأجزاء أولياء الله وأحبائه ، و بهذا تصلح مدينة النجف ملقى البركات في جانبيها المعنوي والمادي .
 
ثم قال ( حفظه الله ) ان هذا الغبار الذي يقع على عبائتكم شيخنا لعله من يد عالم او قلب شهيد او عين سيدة علوية نجيبة.
وهنا استثمرت لحظة الحديث عن النجف الأشرف فقلت لسماحته ( اطال الله بقاءه في عنايته الخاصة) ؛ شيخنا المعظم ان مما يؤسف له ان يتهم علماء عاصمة التشيع ، بعدم العناية بالقران الكريم ، فهل لك يا مولاي ان تعلق على أمثال هذه الاتهامات الظلمة والجائرة .
 
فقال ( مد الله ظله ): شيخنا كن على يقين بان الذي يستهدف حوزة النجف وعلمائها سوف تكسر رقبته ، وان كان جاهلا ونيته الإصلاح ، فان لإضعاف هذه الحوزة أثرا وضعيا يصيب كل من يوهن او يقلل من شان هذه الصرح الإيماني الذي عبرتم عنه - موفقين - بعاصمة التشيع .
واما بخصوص تهمة عدم العناية بالقران ، فان علماء النجف من أكثر العلماء عناية بالقران واهتماما بمعارفه .
 
ثم ضرب ( حفظ الله لنا أنفاسه ) مثالا على ذلك من علماء النجف ، وهو زعيم حوزتهم السيد الخوئي ( رحمه الله) فقال : ان السيد كان مشتغلا بتدريس القران وعلومه ، و قد كتب رحمه الله دروسه في تفسير البيان .
وهنا سألته ( حفظه الله) : هل كان عنده ( رحمه الله ) درسا مستقلا في التفسير او كان يتعرض للتفسير ضمن دروس الفقه والأصول ؟
فأجاب ( دام عزه) : بان السيد ( رحمه الله ) كان له درس مستقل واستمر لعدة سنوات ، وقد توقف عنه بسبب ظروف قاسية .
ثم بعد ذلك دخل سماحته ( حفظه الله) في بيان مجموعة من اللطائف حتى انتهى به المقام الى بيان بعض الفوائد والنكات التفسيرية ، فاظهر تفسيرا لطيفا يعكس احاطته العميقة بعلم التفسير والفلسفة والروايات في تفسير قوله تعالى :(اني لأجد ريح يوسف) وقوله تعالى : ( وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا).
هكذا باختصار كان جواب الشيخ النجفي ( دامت عافيته ) عن السؤال المتعلق بتهمة عدم العناية بالقران .
 
واما السيد الحكيم ( حفظه الله من كل مكروه ) فقد قال مستغربا : هل العلماء لا يقرؤون القران ! لا يتدبرون في آياته ! لا يستدلون بها في العقائد والفقه ! 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ حسن السندي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/21



كتابة تعليق لموضوع : بين يدي المرجعية الرشيدة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : رحيم ، في 2014/06/16 .

احسنتم شيخنا،وفقكم الله




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net