صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

محاورة برئية
علي حسين الخباز

 

باغتني أحد الاطفال قبل ايام بسؤال مرير:ـ هل تضرب ابنك؟ 
وقفت مع نفسي لأبحث عن دوافع هذا السؤال... 
قلت له: وانت حين تفعل ما يسيء ماذا تتوقع من أبيك؟ 
اجاب الطفل:ـ سيغضب ويصرخ ويضربني...
قلت:ـ طيّب... وحين تفعل شيئا حسنا؟ 
أجاب الطفل فورا:ـ لا شيء... 
:ـ كيف ألا يفرح له ابوك؟ ألا يرتاح؟ 
ألا يشكرك ويقول لك: احسنت يا ولدي الجميل... عملك رائع... (عفية) عليك؟
فسألني:ـ هل تشكر ابنك؟ 
قلت:ـ نعم اشكره، وأحييه، واقبّله، واشتري له هدية حين يعمل حسنا، وأذكـّره دائما بهذا العمل الرائع، واحاول ان افتخر به امام امه واخوته والجيران والأصدقاء والأقارب كي يتشجّع على عمل الحسن... 
كرر سؤاله بلهجة استغراب:ـ هل تشكره فعلا؟ 
رحت انظر الى هذا الطفل المسكين، وأحسست بما يعاني من آثار نفسية اثر استغرابه الشديد من حالة الرضا على ولدي!! فلماذا نرى سيئات ابنائنا، ولا نرى حسناتهم؟ لماذا نجعلهم يشعرون بهذا الغبن الذي من المؤكد أنه سيصبح حاجزا نفسيا يسيء اليهم، ويبقى معهم حتى حين يكبرون؟ ومن المؤكد أني لو اردت الإلحاح على اسئلة هذا الطفل، لتوصلت الى جميع توقعاتي؛ مثل الاحساس بالفشل، وفقدان الثقة بالنفس، والتي ظهرت من خلال تكرار السؤال، والخوف والاضطراب النفسي، والشعور بالنقص، وانعدام الأمان، والخوف من الناس... ولا شك ان مثل هذه الحالات ستؤدي الى الانكسار، وعدم القدرة على التصرف السليم، ويتعرّض مثلما اعتقد لحالات انفعالية، ويعاني من حدة الطباع، وتقلـّب المزاج، والنظرة السوداوية... نحن جميعا نعرف اننا نحب اولادنا، تلك مسألة لا تقبل النقاش، فليس هناك اب يكره ابنه، ولكن علينا ان نشعرهم بهذه المحبة، وهذا الحنو الذي من خلاله سيتقبل الطفل النصيحة والتوعية او النقد السليم كي لا يمتلك نزعة التمرّد منذ نعومة اظفاره. فنحن نحتاج الى الشدة، اما هم فيحتاجون الى الرفق... 
ونحن نحتاج الى القسوة اما هم فيحتاجون الى الرحمة... 
فسألته هل يروي لك ابوك قصصا؟ أجاب دون ان يتروّى لحظة بالنفي:ـ لا... لا... 
قلت مع نفسي... وأكيد هو لا يحاوره... فلا وقت لديه للتلذذ بنقاش ولده، ولا ابتسامة في شفتيه كي يوزعها لأولاده!! وفجأة باغتني الطفل وكأنه يستيقظ من غيبوبة... نظر إليّ بشيء من الوجوم الدافىء... وقال لي بفم مليء بالحسرة:ـ ليتك كنت أبي !!!!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/16



كتابة تعليق لموضوع : محاورة برئية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net