صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

الذئب الابيض ! ح8
حيدر الحد راوي

 وقف القائد جنكال بين يدي الملك سبهان , واخبره بمجريات الامور , بينما هم كذلك , سمعوا اصواتا مزعجة , صراخ جنود , حجارة تتساقط , تسارعوا نحو النافذة ليروا ماذا يجري ؟ , فشاهدوا جيش الوحوش محيطا بالقصر , قتلوا كل الجنود خارجه , وسلم من تحصن بالداخل بعد ان اغلقت بواباته , فشرعوا بضرب الحصار , واخذوا يرمون الحجارة بشكل عشوائي على القصر , صارخين , مطالبين بفتح القصر , او فتح خزائنه لهم . 

- قائد جنكال ... افرض سيطرتكم عليهم ... هدئهم ... وسوف اعطيك الكثير الكثير من الاموال .. اموالا لم تكن لتحلم بها . 
- سيدي الملك ... فقدت السيطرة عليهم ... ولم يعد يطيعني الا القليل منهم . 
شرعوا بحفر جدران القصر , واخرون حاولوا تحطيم بوابته بجذوع شجر كبيرة , التفت الملك سبهان نحو الوزير مريطي : 
- اسرع بطلب النجدة من الملك عنيجر ! . 
- امرك سيدي ! . 
                       *************************** 
امعن الملك عنيجر برسالة حملتها الحمامة الزاجل , قرأ ما مكتوب فيها بتمعن , وامر وزيره خنيفر ان يجهز عدة سرايا ويرسلها فورا الى الملك سبهان , عجل الاخير بالامر , واوكل قيادة السرايا للقائد خاجي , الذي انطلق مسرعا وبدون توقف , حتى اذا ما وصلوا الى مكان قريب توقف , وامر سراياه بالتوقف , فقال مخاطبا احد ضباطه : 
- كان المفترض ان يكون هنا الثوار المحاصرين للقلعة ... فاين ذهبوا ؟ ! . 
- لعل جيش الوحوش قد قضى عليهم ! . 
ثم استمروا بالزحف نحو القلعة . 
                         ************************* 
كان الملك سبهان ينتظر بفارغ الصبر وصول المدد , يجيل النظر متفحصا الوجوه حوله , الوزير مريطي , القائد جنكال , ثلاثة من ضباطه الاوفياء , وعشرة اخرون من ضباط جيش الوحوش , بينما هم كذلك , حيث كان السكون يعم المكان , قطعته صرخة جنود برج القصر , مستبشرين بوصول المدد , فجرد القائد جنكال سيفه وغرسه بقوة في قلب الملك سبهان , واسرع ضباطه الباقون في قتل الاخرين . 
دارت معركة حامية داخل القصر , بين جنود الملك سبهان وبين اتباع القائد جنكال , فكانت الغلبة للوحوش , وفتحت بوابة القصر , وفتحت الخزائن , بينما هم مشغولون بنهب الخزائن , صاح القائد جنكال : 
- يا اغبياء ... شغلتكم الاموال ... ونسيتم امر الحصار ! . 
- سنجد طريقة للخروج ! . 
- كيف يا حمقى ... جنود الملك عنيجر من جهة ... و الذئب الابيض ورفاقه من جهة اخرى ! . 
صرخ القائد خاجي بجيش الوحوش , طالبا منهم ان يسلموا له الملك سبهان , فرمى احدهم برأسه اليه وقال : 
- خذ ... هذا ما تريده ! . 
خطب القائد جنكال في جيش الوحوش : 
- هذه هي فرصتكم في النجاة ... افتحوا ابواب القلعة ... اقضوا عليهم واهربوا بما تحملون ! . 
فتحت ابواب القلعة , وانزلت الجسور , فأشتبكت الاسنة بقتال حامي الوطيس , تعالت فيه الصرخات , الوحوش من جانبهم يدافعون عن انفسهم محاولين فتح ثغرة للهروب , وسرايا القائد خاجي في محاولة لتحرير القلعة . 
                             *************************** 
كان الذئب الابيض ورفاقه يتفرجون على المنظر , فأنبرى الوزير حواس سائلا : 
- سيدي ... هل نتدخل ؟ . 
- كلا ... ليس الان ... يجب ان يتعب كلا الطرفين . 
- كلاهما عدو لنا ! . 
- يحزنني اراقة المزيد الدماء ... لكن ليس لدينا حيلة . 
التفت الذئب الابيض نحو تليفه ونجود , وطلب ان يكلمهن على انفراد , فدار بينهم حديثا مطولا , ابدت نجود بعض الاعتراضات : 
- اتريدنا ان نذهب في هذه المهمة ونترك القتال ؟ ! . 
- ان المهمة التي اريدكما ان تنجزانها على قدر كبير من الاهمية والسرية ! . 
قبلت تليفه المهمة بدون أي اعتراض , وحاولت تهدئة نجود واقناعها , واخبرتها انه لا يجب ان تعترض على اوامر القائد , فقال لها الذئب الابيض : 
- نجود ... لا شك عندي في شجاعتك ... لكن المهمة في بالغ الخطورة .
اقتنعت نجود واستسلمت للامر , فقال لهما : 
- هيا ... اذهبا الان ... واسرعا في العودة مع الامانة ! . 
انطلقتا على جواديهما مسرعتين , وعاد هو ليقف الى جانب الوزير حواس , اجال نظره في ساحة المعركة , وقال : 
- الان يجب ان نتدخل ونوقف سفك الدماء ! . 
هرع الثوار من كل حدب وصوب , كل الجراد , واطبقوا على الميدان من جميع الجهات , ذهلت الاطراف المتحاربة , فتوقفوا هنيهة عن القتال , صرخ بعضهم في بعض : 
- الذئب الابيض ورفاقه ! . 
اسرع الوحوش الى التحصن بالقلعة , بينما استعد القائد خاجي لمواجهة الذئب الابيض قائلا : 
- لم نأت لاجلكم ! . 
- نعم ... جئتم لانقاذ الملك سبهان ... وهذا هو رأسه بين يديك ... فخذ جنودك وانصرف ! . 
- لكن يجب ان نحرر القلعة ! . 
- القلعة قلعتنا ونحن المسؤولون عن تحريرها ! . 
استسلم القائد خاجي للامر , وامر جنوده من تبقى منهم ان يحملوا المصابين وجثث موتاهم , فتوجه الذئب الابيض الى الوحوش قائلا : 
- امامكم طريقان ... الاول ... الحرب ... والثاني ... ان تتركوا ما نهبتموه وترحلوا بسلام ! . 
عم الاضطراب بينهم , وطلبوا مهلة ليقرروا , فأمهلهم يوما واحدا فقط . 
                                ********************* 
حاول بعضهم الهروب ليلا , لكنه لم يفلح , سرعان ما القى الثوار القبض عليه , فكبلوه وصادروا كل ما لديه , واختار عددا غفيرا منهم الاستسلام , فيتنازل عن كل ما لديه ليعود الى وطنه سالما , بينما اختار الاخرون الحرب . 
جلس القائد جنكال وضباطه يعدون ويتدارسون الخطط , يبحثون عن خطة يمكنهم من خلالها احداث ثغرة بين الثوار , ثم الفرار بما حملوه من نفائس , تاركين الاخرين فريسة لويلات الحرب . 
                                ************************ 
في صبيحة اليوم التالي , استعد جيش الوحوش للمواجهة , مواجهة مصيرية , ففتحت بوابات القلعة وانزلت الجسور , وبدأت افواج الجيش بالخروج , لتشتبك بقتال دامي , امتزج فيه الغبار المتصاعد مع الدماء النازفة , تهاوت الرؤوس , وتمزقت الاجساد , وخيمت اشباح الموت على المعركة . 
لاحظ الذئب الابيض تنقل بعض البغال المحملة بالصناديق , تتحرك خلف ساحات المعركة , وكأنها تنتظر حدوث فسحة للهروب , فأمر الضابط بريبر وسندال ان يأخذا بعض المحاربين ويكمنوا لها في مكان ما خلف الميدان , وامر الوزير حواس ان يسمحوا للبغال وسائقيها ان يخرجوا بسلام , فظن القائد جنكال ان الفرصة اصبحت مؤاتية لهروب البغال , فأمر سائقيها ان يبعدوها , وحال هو ورفاقه بينهم وبين الثوار , حتى تمكنوا من الخروج , حتى اذا ما ابتعدوا كثيرا , ترك القتال ولحق بهم مع رفاقه , فرحين مبتهجين . 
في طريق الفرار , فاجأهم الضابط بريبر وسندال ومن معهم من الثوار , احاطوا بهم من كل الجوانب , لم يكن هناك طائل من القتال , فقرروا الاستسلام .    
اسرع رسول الضابط بريبر ليبلغ الذئب الابيض بالامر , الذي قرر ان ينهي الاقتتال , وينسحب من المعركة , ليترك المجال مفتوحا للمفاوضات بعد ان اصبح جيش الوحوش بلا قائد . 
                             ******************** 
تليفه ونجود وصلتا الى المكان المطلوب , اقتربت من كوخ قديم , لتكلم الرجل العجوز جوحي : 
- انت جوحي العجوز ؟ . 
- نعم ... انه انا ! . 
اقترب منها , نظر اليها متفحصا اياها وقال : 
- لابد انك تليفه ؟ . 
- هل تعرفني ؟ . 
- كيف لا ... لعلك نسيتي من اكون ؟ . 
- من تكون ؟ . 
- جوحي الحكيم ... مستشار الملك شكاحي ! . 
  حالما سمعت بذلك , هبطت من جوادها هبوطا , وانحنت امامه معتذرة , لتقول : 
- عذرا سيدي ... لقد امرني الذئب الابيض ان اصطحبك والامانة التي في حوزتك .. واعود بكما سريعا . 
- لا بأس ! . 
دخل مسرعا الى الكوخ , وخرج بصحبة شاب ثيابه رثة , مرقعة وممزقة , حاملا كيسا متوسط الحجم , صعدا على ظهر جواديهما , وانطلق الجميع . 
اقتربت نجود من الشاب , نظرت اليه نظرات تفحص , وقالت له : 
- معتوه ... قذر ! . 
استشاط غضبا , وحاول ان يضربها , لكنها تفادت ضربته , ووجهت اليه ضربة اوقعته من ظهر جواده , وترجلت لتكيل له المزيد من الضربات , حاولت تليفه ايقافها , بينما هرع العجوز جوحي نحوه , ساعده على النهوض , نافضا التراب عن ملابسه , فنظر نحوها وقال : 
- حمقاء ... متوحشة ! . 
شنت هجوما اخر عليه , لكن تليفه امسكتها , ولاذ هو خلف الرجل العجوز , وقالت له : 
- جبان ! .  
حاول العجوز اصلاح الامر , واستمروا بالمسير قدما , لكن نجود وذلك الشاب استمرا بتبادل الكلمات النابية . 
                      ****************************** 
عمت الفوضى والاضطراب فيما بين جيش الوحوش داخل القلعة المحاصرة , اتهم بعضهم بسرقة بعض , وتشكل بعضهم على شكل عصابات اتخذت لها اماكن خاصة , وسيطر بعضهم على مخازن الطعام , والبعض الاخر سيطر على موارد المياه , فأقتتلوا فيما بينهم , حتى اصبحت الحياة داخل القلعة كالجحيم , فقرر الكثير منهم الاستسلام للثوار .  
فتحت البوابة , وشرعت افواج المستسلمين بالخروج , فوجا بعد فوج , سلموا كل ما لديهم من ذهب او فضة , وخضعوا للتفتيش , ومن ثم رحل كل الى بلاده خال الوفاض , ولم يبق في القلعة سوى عدة عصابات متناحرة , لا زالت تطمع للحصول على المزيد من الاموال والنفائس , رغم شحة الماء والطعام وحصار الثوار .
كالعادة , قرر الذئب الابيض التريث والانتظار . 
 
******************** يتبع انشاء الله 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/11



كتابة تعليق لموضوع : الذئب الابيض ! ح8
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : متابع ، في 2013/06/11 .

كم انت رائع
ماهذا الوصف كأنني أعيش بالميدان
انتظر الحلقة الأخرى بشغف






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net