صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

النازفون رحيق الحياة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في بداية حياتي المهنية , كنت خافرا في ردهة الطوارئ , وذات صباح , أحضروا شابا بكامل قيافته المدنية ورباطة عنقه , وقد تضرج بدمائه , وكان ميتا ولا يمكن إنقاذه.
وقصته أنه كان في سيارته , وقد مر من قرب علوة بيع المواشي , فشاهد أخاه في شجار مع أحدهم , فتوقف وترجل من السيارة , وحاول أن يكون مع أخيه على الآخر , الذي طعنه بمديته في بطن فخذه الأيسر , فأصاب الشريان الذي يغذي الطرف السفلي , فتدفق الدم بسرعة هائلة , لم يتمكن الآخرون من إسعافه , فسقط ميتا قبل أن يضعونه في السيارة.
تذكرت ذلك الشاب الذي نزف دم عروقه , وأخذت أقارنه بمجتمعاتنا , التي راحت تطعن نفسها بالمديات كل يوم عدة مرات , وكأنها تريد أن تنزف دم وجودها حتى الموت.
فما يحصل في واقعنا الأليم , أن الواحد منا صار يطعن نفسه , بمدية يخترعها , وكأنه يريد الإنتحار , أو إيذاء نفسه , وبمشاركة جميع أفراد المجتمع في هذا السلوك الإنتحاري الإنقراضي , فأن المجتمع بأسره سينزف دمه , وسيسقط مغشيا عليه  في غرف الغواية الحضارية المركزة , التي لا تداوي ولا تسعف , بقدر ما تقتل وتفترس.
فالمجتمع ينزف ما فيه من الطاقات والقدرات والعقول والأمنيات , ويتحول إلى وجود شاحب عليل لا يصلح إلا للرحيل.
وكلما أدمن المجتمع على هذا السلوك الدامي , أصبح هو القاتل وهو القتيل.
ولا يمكن تفسير ذلك , إلا أنه سلوك يأس وفقدان أمل وسوداوية , وإختناق في دوامة الإنهيارات والقهر والتداعيات , وفعل انتحار جماعي , تقوم به المجتمعات التي وجدت نفسها في قبضة الهلاك , وفقدان الرغبة بالحياة.
ترى هل أننا ننتحر كمجتمعات , وننزف ما فينا حتى الموت , وهل أن حقيقة سلوكنا وعنوانه ,   إستنزاف نعالجه بإستنزاف؟!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/07



كتابة تعليق لموضوع : النازفون رحيق الحياة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net