صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تاملات في القران الكريم ح89 سورة الانعام
حيدر الحد راوي

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ{91}

نستقرأ الاية الكريمة في محورين : 

1- (  وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) : اشارة الى اليهود , انهم لم يعرفوا الله تعالى حق معرفته , وما عظموه حق تعظيمه جل وعلا ,  (  إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ) ادعو ان الله تعالى لم ينزل شيئا , فكان الجواب (  قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى ) , وفيه (  نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ ) , وتكشف الاية الكريمة انهم قد دونوه على الورق (  تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ ) , يظهرون منه ما يوافق اهوائهم (  تُبْدُونَهَا ) , ويخفون ما لا يتفق معها وما فيه خطرا عليهم (  وَتُخْفُونَ كَثِيراً ) , ثم (  وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ ) مما فيه من حكم ومواعظ , سير واحداث , مباحات ومحذورات ... الخ , (  قُلِ اللّهُ ) .                  

2- (  ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ) :  ان لم يكن لهم جواب على هذه الحجة , فدعهم واتركهم ايها النبي ( ص واله) في باطلهم , الذي يسرحون ويمرحون فيه ! .      

مما يروى في سبب نزول الاية الكريمة , ان جمعا من اليهود قالوا لرسول الله (ص واله) : يا محمد احقا انزل الله عليك كتابا ؟ , فقال : نعم , فقالوا : قسما بالله انه لم ينزل عليك كتابا من السماء . ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) . 

 

وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ{92}

الاية الكريمة عرفت القرآن الكريم وبينت وظيفته : 

1- (  وَهَـذَا كِتَابٌ ) : اشارة الى القران الكريم وبيانه : 

أ‌) (  أَنزَلْنَاهُ ) : الله عز وجل انزله . 

ب‌) (  مُبَارَكٌ ) : ذو نفع عظيم . 

ت‌) (  مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ) : مصدقا لكل الكتب السماوية التي سبقته , وهنا نطرح اطروحتين : 

ت-1- ان جميع الكتب السماوية بشرت بنبي اخر الزمان ورسالته وكتابه , وعند نزول القران الكريم كان بمثابة التصديق بتلك الاخبار . 

ت-2- ان جميع الكتب السماوية دعت الى عبادته سبحانه وتعالى , فجاء القران الكريم مؤكدا على ذلك , في ظواهره وبواطنه .  

ث‌) (  وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) : يذكر النص المبارك وظيفة اخرى للقرآن الكريم , (  وَلِتُنذِرَ ) اهل مكة وسائر الناس .         

2- (  وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ) : كل من آمن باليوم الاخر , يؤمن بالقران الكريم انه من عنده جل وعلا , ويخافون شر ذلك اليوم , لما علموا ما فيه من اهوال عظام ومخاطر جسام , عندها يكون حريا بهم ان يحافظوا على الصلاة , وادائها في اوقاتها , وايضا قضاء ما فاتهم منها .     

 

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ{93}

نستقرأ الاية الكريمة في عدة موارد : 

1- (   وَمَنْ أَظْلَمُ ) : من اشد ممن : 

أ) ( مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً ) :  ادعى بدعوات كاذبة ليقول انها منه جل وعلا , كأن يدعي النبوة , او ينفي بعثته (ص واله) . 

ب) (  أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ) : او ادعى ان الوحي ينزل عليه كذبا وزورا . 

ج) (  وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ ) : هناك بعضا من الناس قالوا لو شئنا ننزل ونقول مثل هذا ( القران الكريم ) ! .             

2- (  وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ) : يروي النص المبارك ما يجري عند سكرات الموت وشدائده بالنسبة للكفار . 

3- (  وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ ) : بالضرب والتعذيب . 

4- (  أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ ) : خلصوا انفسكم من العذاب . 

5- (  الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) : في ذلك اليوم يكون جزاءكم عذاب الذل والهوان , ويذكر النص المبارك سببين لنزول هذا العذاب : 

5-أ- (  بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ) . 

5-2- (  وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) .           

مما يروى في سبب نزول الاية الكريمة , انها نزلت بشأن شخص يسمى ( عبدالله بن سعد ) من كتاب الوحي , ثم خان فطرده رسول الله (ص واله) , فراح يزعم انه قادر على قول مثل ايات القران الكريم . ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) . 

 

وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ{94}

نستقرأ الاية الكريمة في عدة محاور : 

1) (  وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) : كل فرد يأتي بمفرده , لا يغني عنه الاهل والاحباب شيئا , عراة كما ولدتهم امهاتهم . 

2) (  وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ ) : خلفتم وراءكم كل ما تفضل الله تعالى به عليكم من اموال واملاك وغيرها . 

3) (  وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء ) : اما ما كنتم تعبدون من دونه عز وجل الذين تظنون فيهم الظنون , قد تخلوا عنكم , فلم يشفعوا او يدافعوا عنكم .  

4) (  لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ) : تشتت شملكم . 

5) (  وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ) : ضاع عنكم ما كنتم تعتقدون بشفاعته وشراكته . 

مما يروى في سبب نزول الاية الكريمة , ان مشركا اسمه النضر بن الحارث قال : ان اللات والعزى ( وهما من اصنام العرب المشهورة )  سوف يشفعان لي يوم القيامة , فنزلت هذه الاية جوابا له ولامثاله . ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .               

 

إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ{95}

تروي الاية الكريمة عدة جوانب لقدرته عز وجل : 

1- (  إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى ) : شاق الحب والبذور ليخرج منها الاشجار . 

2- (  يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ) :  كالانسان والحيوان من النطفة والبيضة . ( تفسير الجلالين للسيوطي ) . 

3- (  وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ) : النطفة والبيضة . ( تفسير الجلالين للسيوطي ) . 

4- (  ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) : ذلكم الله الفالق " الى اين تنصرفون عنه الى غيره ؟  " . ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .                      

 

فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ{96}

تكمل الاية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة , وفيها اربعة مواقف للتأمل : 

1- (  فَالِقُ الإِصْبَاحِ ) : شاق الصبح من ظلمة الليل . ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) . 

2- (  وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ) : تسكن فيه الخلائق , وتهجع فيه بعد عناء العمل و مشاغل الحياة . 

3- (  وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ) : ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ{5} الرحمن , جريان الشمس والقمر في فلكيهما , بشكل محكم ومتقن , لا يحدث فيه اختلال وما شابه , فيترتب على ذلك حسابات لمعرفة الوقت والشهور ... الخ , وهذا النص المبارك يؤكد ان الشمس ليست ثابتة , بل لها حركتها الخاصة بها . 

4- (  ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) : ذلك تقدير العزيز في ملكه وسلطانه , العليم بخلقه وشؤونهم . 

 

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{97}                                   

كان العرب يتخذون من النجوم علامات في اسفارهم , برا وبحرا , فلا يضلون الطريق ابدا , وهذه من اياته عز وجل التي بينها لمن يفكر ويتدبر ! . 

 

وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ{98}

الله عز وجل انشأ البشر (  مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ) وهي ادم (ع) , (  فَمُسْتَقَرٌّ ) في الارحام , (  وَمُسْتَوْدَعٌ ) في الاصلاب , قد بين الله تعالى الايت لقوم يفقهون ( يفهمون ) ما يقال لهم .  

للاية الكريمة خصائص وفضائل لوجع الضرس . " طب النبي (ص واله) ". 

 

وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99} 

نستقرأ الاية الكريمة في  موقفين : 

1- (  وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) : ينسب النص المبارك انزال الماء من السماء اليه عز وجل , ويلاحظ فيه عدة امور غريبة , ينبغي تأملها : 

1-1- طالما وان الله عز وجل يتكلم عن نفسه , فلماذا استخدم ضمير الغائب المفرد ( هو ) ؟ ! , لابد ان يترتب على ذلك امورا حكيمة , ينبغي التوجه بها الى العارفين ذوي الشأن . { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }الأنبياء7 .

1-2- في النص المبارك استخدم ضمير الغائب المفرد , بينما في نصوص الاية الكريمة اللاحقة استخدم ضمير المتكلم الجمع , لذلك عدة وجوه , نذكر منها :

1-2-أ- غالبا ما يستعمل المتكلم ضمير المتكلم الجمع للتعظيم . 

1-2-ب- اشارة الى الملائكة , الذين ينفذون الاوامر الالهية , كملائكة الموت , حيث اوكل الله تعالى اليهم مهمة قبض الارواح ... الخ . 

1-2-ج- ان الله يأخذ بالاسباب , فيكون في ذلك اشارة الى الاسباب الطبيعية لنزول المطر , كما يشرح عملية تكون ونزول المطر العلماء اصحاب الاختصاص .   

1-3- ذكر المطر في القران الكريم على عدة وجوه , فمرة يكون كما جاء في النص المبارك , ومرات اخرى بصيغ واسماء مختلفة فمنها { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ }الأعراف 84 , { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }الروم48 , { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ }الشورى28 , الى غير ذلك . 

أ‌) (  فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ ) : جميع نصوص الاية المباركة ترتكز على نص مطلعها , وفي اية كريمة اخرى { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ }الأنبياء30 . 

ب‌) (  فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً ) : النبات الاخضر . 

ت‌) (  نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً ) : ومن النباتات الخضراء , يخرج حبا يركب بعضه بعضا كالسنبل . 

ث‌) (  وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ ) : الطلع اول ما يخرج من ثمر النخيل , عراجين كالعناقيد قريب بعضها من بعض , وسهلة التناول .

ج‌) (  وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ) : بساتين بعضها يماثل بعضا في اللون والطعم وبعضها مغاير له في اللون والطعم والرائحة ( عطرها ) . 

ح‌) (  انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ) : دعوة للنظر في الثمار منذ بدء تكونها , حتى نضوجها .             

2- (  إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) : ان في ما تقدم من ايات علامات دالة على عظمة خلقه عز وجل , لمن يبحث عن الله تعالى الخالق الموجد لكافة الموجودات , بحثا عقليا لغرض الوصول اليه , والتعرف عليه بغية الايمان .      

 

وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ{100}

نستقرأ الاية الكريمة على وجهين : 

1- (  وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ) : الله عز وجل خالق كل شيء , والجن ( مخلوقات عاقلة )  خلق من خلقه عز وجل , يعرف العلماء ذوي الاختصاص الجن على انهم ( اجسام هوائية لطيفة ) , يعيشون في بعد خاص , يعلم الانسان بوجودهم منذ امد بعيد , فعمل بعض البشر على الاتصال بهم عن طريق العزائم والاقسام ورياضات روحية خاصة , فتعلموا منهم العديد من الحيل والالاعيب , ما دفعهم الى الضلالة والاضلال , واتخاذ الجن شركاء لله تعالى في خلقه يمكن ان يكون من وجوه عدة نذكر منها : 

أ‌) في عملية تحضير الجن , يطلب الساحر من الجني الخدمة , فلا يعطيها اياه الا بعد ان يوافق الساحر على عبادة ذلك الجني , في احيان كثيرة يوافق الساحر على عبادة ذلك الجني , بعد ان يرى قدراته الخارقة للطبيعة , فيعتقد ( الساحر ) ان الجني يأتي بتلك القدرات بشكل مستقل عن قدرته عز وجل ! . 

ب‌) الطاعة : عندما يرفض الساحر عبادة الجني , واتخاذه كآله , يعمد الجني الى طلب اخر , وهو الطاعة , فيلزم الساحر نفسه بطاعة ذلك الجني في كل ما يأمره به , بالتأكيد ان اوامر الجني ستكون مخالفة لاوامره عز وجل ! .   

2- (  وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ) : واختلقوا ان له جل وعلا اولاد كعزير ابن الله , وعيسى ابن الله , او الملائكة بنات الله , تعالى عن ذلك علوا كبيرا ! .   


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/15



كتابة تعليق لموضوع : تاملات في القران الكريم ح89 سورة الانعام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net