صفحة الكاتب : الشيخ محمد قانصو

يا زمن الحسين !..
الشيخ محمد قانصو
   الله .. يا زمن الحسين !.. 
يا عبق العشق الملازم.. آن التبرعم الأول على أغصان الحياة ..
يا حليبا سُقيناه ..ويا ثوباً لبسناه .. ويا إرثاً حملناه ..
.. أيها الزمن الحبيب : 
عرفتكَ مذ كنتُ صغيرا .. عرفتُ الحسينَ والعباسَ وزينب ..
قرأتُ أسماءهم على الجدران المتّشحة بالسواد .. عاينتُ شموخهم فوق الرايات الحمراء ..
ولطالما حملتُ البيرق مزهوّاً به, وجبتُ الساحة مراراً, مباهياً أقراني بحمل اللواء ..
أخذتني إلى كربلاء دموع أمي .. وعلى خدّيها رأيت الفرات ..
ما زلت أذكر جلستها وحيدةً على تلك الأريكة, تسمع المصيبة المفجعة وتبكي بكاءً مرّاً ..
كانت أمي تحبُّ الحسين على طريقتها, تهدي لروحه طعام " الهريسة", ولروح العبّاس كانت تخبز الكعك وتنذر النذور, وكان العباس حاضراً بقوّة في إيمانها, ووجيهاً مستعاناً في الكربات ..
أمي من "النبطية", من مدينة الحسين كما يسمونها .. من مدرسة "حَسيبة", تلك المرأة الطيّبة التي غرست نخيل الولاء في كلّ القلوب, وكانت دليلاً لكلّ المواسين نحو مصارع الكرام ..
في العاشر من المحرّم من كلّ عام, كانت أمي تأخذنا إلى النبطيّة لنشهد "المصرع" على بيدرها ونرى المدينة بعد ذاك المصرع تغرق بالدماء .. 
كانت أمي عاشقة للنبي وآله عشقاً لم يولد من الكتب و لم يكن نظرياً ولا فلسفيا, فأمي لم تكن تعرف القراءة والكتابة, ولكنها كانت تعرف الدرب الذي لا يُضل, وتملك القلب الذي يعرف الاتجاه..
في هذا الطريق مشى الحسين قديماً, ومشى معه كلّ المظلومين, التحق بركبه كلّ العبيد, كلّ التوّاقين لشمس العدالة, حتى الذين لو يولدوا بعد وكانوا في أصلاب الرجال مشوا مع الحسين ..
 مع الحسين مشى أصحاب القلوب المكسورة, والعيون الدامعة, وكانت أمي في هذا الركب تسير ..
يا زمن الحسين: أريد أن أدخلك من مرفأ الدمع في عينيّ أمي, على مركب الولاء المشرع بالثبات, فوق أمواج التزلزل والتبدّل الكوفيّة الوقحة, أريد أن أكون مع الفقراء الذين استحبّوا الموت معك على حياة الذّل مع الطغاة ..
 يا زمن الحسين : 
أريد أن أعيشك كما عرفتك, وأنتمي إليك كما انتميتُ طفلا  .. وها أنا اليوم آتٍ إليك, ألبس ثوب السواد المهيب, تأخذني أمي بكفٍ حنون نحو أفقٍ أبدي الإحمرار ...
Kansou_1975@hotmail.com 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد قانصو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/21



كتابة تعليق لموضوع : يا زمن الحسين !..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net