صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تاملات في القران الكريم ح67 سورة المائدة
حيدر الحد راوي
بسم الله الرحمن الرحيم 
 
فضائل سورة المائدة كثيرة , نذكر اهمها : 
عن ابي جعفر (ع) قال : من قرأ سورة المائدة في كل خميس لم يلبس ايمانه بظلم ولا يشرك ابدا . ( ثواب الاعمال ) . 
                            ************************ 
زمان نزولها , ما ورد في تهذيب الاحكام ج1 , الحسين بن سعيد عن صفوان عن العلا عن محمد بن مسلم عن احدهما عن امير المؤمنين (ع) انه قال في حديث طويل : انما نزلت المائدة قبل ان يقبض  (ص واله ) بشهرين .  
                            ************************* 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ{1}
تضمن الخطاب الرباني ثلاثة امور : 
1- (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) : العقود او العهود تنقسم الى قسمين : 
أ‌) عقود او عهود مع الله . 
ب‌) عقود او عهود مع الناس . 
2- (  أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُم ) : بيان حلية بعض الانعام ( البهائم ) , تفاصيل ذلك في كتب الفقه . 
3- (  إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ) : تأمل ! .  
         
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{2}
الاية الكريمة تضمنت احكاما وتوجيهات في خطاب موجه للمؤمنين , نوجزها بعدة نقاط : 
1- (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ ) : نهي عن التعدي على حدود الله تعالى ومعالم دينه . 
2- (  وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ) : نهي عن القتال في الاشهر الحرم ( ذو القعدة – ذو الحجة – محرم – رجب ) . 
3- (  وَلاَ الْهَدْيَ ) : لا تستحلوا حرمة الهدي , وهو ما اهدي للحرم من النعم بالتعرض له . 
4- (  وَلاَ الْقَلآئِدَ ) : جمع قلادة , وهي ما يوضع حول العنق , فكان من عادات الجاهلية , ان يعملوا ظفائرا من صوف او وبر البهائم , ثم يتقلدوا بها , كعلامة ان البهائم هدي , وان الرجل ( المتقلد ) يقصد الحج .
5- (  وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) : ولا تستحلوا قتال قاصدي البيت الحرام (  يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً ) .
6- (  وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ ) : اذن بحلية الصيد بعد انتهاء مراسم الاحرام , للصيد شروط خاصة , تذكرها كتب الفقه . 
7- (  وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ ) : ولا يدفعكم ايها المؤمنون بغضكم لقوم سبق وان منعوكم من المسجد الحرام ( كما حدث قبل صلح الحديبية ) , الى الاعتداء عليهم . 
8- (  وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ) : يأمر النص المبارك بأمرين : 
أ‌) البر : وهو كل ما امر المؤمنون بفعله وعمله . 
ب‌) التقوى : ترك كل ما نهي المؤمنون عن فعله . 
9- (  وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) : نهي عن التعاون او تقديم المساعدة , لمعصية الله والتعدي على حدوده . 
10- (  وَاتَّقُواْ اللّهَ ) : امر مباشر بتقوى الله تعالى , واجتناب وترك كل ما نهى عنه عز وجل . 
11- (  إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) : يشير النص المبارك , الى ان الله عز وجل شديد العقاب لمن خالفه وعصاه .            
 
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{3}
تضمنت الاية الكريمة عدة مضامين , نذكر منها : 
1- احكام تحريم : 
أ‌) ( الْمَيْتَةُ ) : وهي البهيمة التي نفقت من غير تذكية ( شريطة ان تكون البهيمة مما يحل اكله ). 
ب‌) (  وَالْدَّمُ ) . 
ت‌) (  وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ) . 
ث‌) (  وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ) : ما ذكر عليه غير اسم الله تعالى عند الذبح . 
ج‌) (  وَالْمُنْخَنِقَةُ ) : ما حبست انفاسها من البهائم حتى ماتت . 
ح‌) (  وَالْمَوْقُوذَةُ ) : ما ضرب من البهائم بعصا او حجر , حتى ماتت . 
خ‌) (  وَالْمُتَرَدِّيَةُ ) : وهي ما هوت او سقطت في بئر حتى ماتت من البهائم . 
د‌) (  وَالنَّطِيحَةُ ) : ما ضربتها بهيمة اخرى بقرنها , فماتت . 
ذ‌) (  وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ) : وايضا يشمل التحريم ما اكل السبع ( الاسد – النمر – الذئب .... الخ ) , الا ما ادركتم ذكاته قبل ان يموت , فهو حلال . 
ر‌) (  وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) : كل ما ذبح لاجل صنم او وثن او حجارة تمثل اله او لاي اله غيره سبحانه وتعالى . 
ز‌) (  وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) : الازلام جمع زلم , وهي القدح , وكان عددها سبعة , موجودة لدى سادن الكعبة المشرفة , عليها اعلام , وكان عرب الجاهلية يحتكمون اليها في الامور , ويقبلون حكمها , اشبه ما تكون بالقرعة اليوم .                        
2- (  الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ ) : اليوم يأس الكفار منكم ان ترتدوا عن دينكم , بعد ان شاهدوا من قوته وعزيمة وصلابة المؤمنين , بعد ان كانوا يطمعون في ردتكم . 
3- (  فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ) : يجب ان لا يخشى المؤمن شيئا , سوى الله تعالى . 
4- (  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) : كالعادة اختلفت اراء المفسرين في كيفية اكمال الدين الاسلامي , وذهبت بهم المذاهب , وتشتت بهم السبل , رغم البينات والقرائن الواضحة , فمنهم من قال : 
أ‌) اكمال الدين : احكامه وفرائضه فلم ينزل بعدها حلا ولا حرام ( تفسير الجلالين/ السيوطي ) . 
ب‌) اكمال الدين : اما ابن كثير في تفسيره كثيرا من الاراء , في مجملها تتطابق مع رأي السيوطي , الا رأي مختلف ( وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسِيره إِلَى حَجَّة الْوَدَاع . ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيق أَبَى جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس قُلْت وَقَدْ رَوَى اِبْن مَرْدُوَيْهِ مِنْ طَرِيق أَبِي هَارُون الْعَبْدِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْم غَدِير خُمٍّ حِينَ قَالَ لِعَلِيٍّ " مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ " ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَفِيهِ أَنَّهُ الْيَوْم الثَّامِن عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّة يَعْنِي مَرْجِعه - عَلَيْهِ السَّلَام - مِنْ حَجَّة الْوَدَاع ) .
ت‌) اما الطبري , فيقول في تفسيره (الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْيَوْم أَكْمَلْت لَكُمْ دِينكُمْ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ ) , ثم يذكر جملة من الاراء بعضها مطابق لرأي ابن كثير , الا ان في مجملها تعني ( الفرائض والحدود , الاوامر والنواهي , الحلال والحرام ) . 
ث‌) اما القرطبي في تفسيره , يذهب الى ان تمام الاسلام بالحج .  
5- (  وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) : اتمام نعمته عز وجل مرتبط بأكمال الدين , ولكل مفسر رأي خاص , قد يتطابق مع غيره او يتقارب , الا انا لو ربطنا اتمام النعمة واكمال الدين بمناسبة غدير خم , لوجدنا ما يطابق كل الاراء في الخط العام , ويختلف في الخط الخاص ! . 
6- (  وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) : ارتضى الله عز وجل لعباده الاسلام دينا , على نحو الاكمال واتمام النعمة , اما الاخلال بضروريات اكمال الدين واتمام النعمة , يكون اسلاما , لكن غير مرضيا عنده عز وجل ! . 
7- (  فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) : يبيح النص المبارك لمن دفعته الحاجة الشديدة للطعام , ولم يجد ما يسد به رمقه , فدفعه هذا الحال الى اكل ما حرم ( مما ذكر اعلاه ) , غير اثما , ولا مصرا , ولا متعمدا , فلا بأس فيما اكل , على ان يترك ذلك في حال اليسر .                   
اما عن زمن نزول الاية الكريمة , اختلف المفسرون ايضا , فمنهم من يرى انها نزلت في يوم عرفه , كالطبري والقرطبي وابن كثير , الا ان ابن كثير اورد زمانا اخر لها , وهو يوم الثامن عشر من ذي الحجة في غدير خم , كما في اعلاه , وهو المرجح لدى المتأمل لاسباب منها : 
1- ان الحج لا يكتمل يوم عرفة , بل يكتمل يوم العاشر من ذي الحجة , فمن المستبعد ان تكون الاية الكريمة قد نزلت يوم عرفة . 
2- يرجح المتأمل ان الاية نزلت يوم الثامن عشر من ذي الحجة , لان الحجيج قد اتموا فرائض الحج , وبدؤوا يغادرون الى بلادهم , فأمر النبي الكريم محمد (ص واله) على حين غرة , ان يجتمع المؤمنين في غدير خم , ولم يعذر احدا من عدم الحضور لاي سبب كان , والقصة ترويها كتب التاريخ والسير بشكل مفصل , وتشرح ما دار ذلك اليوم , فعند ذلك الحين فقط يكون اكمال الدين , لا قبله ! .   

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/12



كتابة تعليق لموضوع : تاملات في القران الكريم ح67 سورة المائدة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net