صفحة الكاتب : معمر حبار

شماتة الأحبة
معمر حبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وصلت البريد رسالة يتحدث فيها صاحبها بفرح ونشوة عن إعصار ساندي الذي ضرب الولايات المتحدة الأمريكية، مرفوقة بقوله تعالى "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ"، المدثر - الآية 31.
إن الشماتة ليست من شيم الكبار ويترفع عنها كل عاقل وذا دين، ولا تليق بالعدو وقاتل الأب، فكيف بمن أصيب بالشدائد والمحن.
أثناء زلزال 10 أكتوبر 1980، الذي ضرب الأصنام سابقا والشلف حاليا، بـ 7.5 على سلم ريشتر، قيل يومها أن الله غضب على أهل المنطقة !، لأنهم ارتكبوا كذا وكذا، وانتشرت هذه الشائعة كالهشيم في النار عبر كامل التراب الوطني، وكان وقعها أشد أثرا على النفوس المجروحة من هول الزلزال ذاته.
 إن أثر الزلزال زال واندثر، لكن الشماتة بمن فقد الأهل والولد، والدار والأحبة، والمال والأعمال، باقية لاتمحوها الليالي والأيام، بل تطفو على السطح كلما حلّت ذكرى زلزال 10 أكتوبر 1980، بدليل أن أذن الصغير يومها، مازالت لغاية اليوم تهمس للكهل ماردّده الشيخ كشك حينها من مرارة وشماتة حول أهل المنطقة بما ليس فيهم ولا منهم.
المطلوب ممن رأى غيره يغرق ويحترق ومقبل على الهلاك، أن يمد له يد العون، ويشدّ على عضده، ويُواسيه بما يُضمّد جراحه ويكفكف دمعه، ويخفّف عنه الوطأ، ويحمل عنه ثقل ماأصابه.
 إن الدول المتقدمة،تتكهن بالمصائب والأعاصير قبل وقوعها، وتُعدّ لها العدّة، وتوقف الحملات الانتخابية لأجل التفرّغ للوطن المُصاب، وتعاقب علماءها إن أخطؤوا في التقدير، لذلك تجد خسائرهم معلومة محدودة رغم جسامة وهول الكارثة.
أما الدول المتخلفة، فإنها تغرق في قطرة ماء جرّاء بَالُوعَة سُدّت، وتنهار عمارات وجسور بسبب غشّ في الحديد وسرقة في الاسمنت، ويُقتل الحُجاج تحت الأقدام، وتُنفقُ الملايير على عشب ملعب كل ثلاثة أشهر كما قال أحد المعلقين، ويهلك ركاب العَبَّارَة في شبر من المياه دون أن يعاقب صاحبها.
  بما أن الأيام ليست ملكا لمخلوق، ويقلّبها مثبّت القلوب كيف يشاء، لايمكن لأحد أن يدّعي الطهر ويحتكر البياض. فالأزمات تحتاج قلوبا داعية، وأيدي منفقة، وصدورا واسعة، وأنفسا رقيقة مشفقة، أما اتهام المصاب المبتلى بالنقمة والعذاب، فذاك يحسنه كل من لايعرف قدر النعم التي بين يديه.    


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معمر حبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/01



كتابة تعليق لموضوع : شماتة الأحبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net