صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

فضائياتنا .. حتى للدجل.. دعاية ؟!
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من ثمرة الحرية التي يتمتع بها ابناء الشعب العراقي ، الانفتاح الواسع في الأعلام ، وهذا امر أيجابي ، اذ نرى الفضائيات الكثيرة المتنوعة ، لكنْ ان نتمتع بالحرية شئ وأن نسيئ استخدامها شئ اخر ، الكل يعرف أنّ للحرية ثمن ، وهي حق لكل انسان ، كما انه يترتب على من يتمتع بالحرية مسؤولية، والحرية اشبه بسلاح ذوحدين ، يمكن ان يكون وسيلة للدفاع والمحافظة على الحياة ، ويمكن ان يكون وسيلة للعنف والقتل والعدوان والجريمة ، لذا من لوازم الحرية ، الضوابط القانونية والعرفية ، والضمير الحي ، والوعي والثقافة ، والشعور بالمسؤولية ، ومثل هذه الامور تحتاج الى مَن ينمّي بذرتها في نفس المواطن ، الدولة من واجبها تنمية الوعي والثقافة والشعور بالمسؤولية عند المواطن، وكذلك منظمات المجتمع المدني ، والقادة الدينيون ، والمؤسسات الانسانية والدينية ، والاخرون من ذوي الشأن ،  ايضا من لوازم الحرية  احترام الاخر ، والألتزام بالقيم الأخلاقية ، وعدم التجاوز على حقوق الاخرين ، وصيانة المال العام ، لأن جميع الناس مشتركون في ملكيته ومنافعه ، ومن لوازم الحرية ، احترام مشاعر الاخرين ، وعدم التجاوز عليها ، الى غير ذلك من الألتزامات ، ومعروف أن ثمن الحرية غالٍ .

من ثمرة الحرية ايضا التنوع في الفكر والاتجاهات ، اذ نرى فضائيات منوعة الاتجاهات السياسية والفكرية ، لكن في نفس الوقت وللاسف الشديد نجد فضائيات تساهم في تقويض الامن ، والتشجيع على التمرد ، وتدعم الارهاب ، ومثل هذه الفضائيات مدعومة من دوائر المخابرات الخارجية ، اصبح من الطبيعي ان يرى العراقي لكل حزب ودين ومذهب وطائفة ، بل احيانا لبعض الاشخاص من ذوي الاتجاهات والارتباطات الخاصة ، يرى لكل منهم فضائيته الخاصة به ، تبشر بما يريد ايصاله الى الاخرين حقا اوباطلا .

بات المشاهد العراقي يرى في بعض الفضائيات مشاهد لا يمكن تصنيفها الا في خانة الدجل والشعوذة ، طبعا ممارسة السحر والشعوذة بأطار ديني ، سمة من سمات الفكر المتخلف والمتحجر ، طرفا المعادلة في السحر والشعوذة ، هما الساحر او المشعوذ ، والطرف الاخر المواطن البسيط الذي يكون ضحية هذا المشعوذ ، الطرف الاول ، المشعوذ أنسان فكره متخلف ، وعقله متحجر ، يجهل روح الدين ، ويتخذ منه ستارا لتحقيق ماربه في السحر والشعوذة ، وهو كسب المال الحرام ( السحت )، وبعضهم له من الغايات ما هو ابعد من المال ، وهو تحقيق اهداف مخابراتية للجهات التي وظفته في هذه المهمة ،  وهذا التوجه هو جزء من اهداف هذه الفضائيات التي تأوي هؤلاء المشعوذين ، وتريد نشر الدجل والشعوذة في المجتمع ، وهو لون من الوان التخريب الاجتماعي والفكري الذي تقوم به هذه الفضائيات التي تتبنى مثل هذا التوجه ، الملقي ( المشعوذ او الساحر ) ، والمتلقي المواطن الضحية ، يشكلان حلقة لتشويه الدين ، رغم ان المواطن مغرر به ، ويمتلك النوايا الحسنة ، هذا اللون من الاداء المتخلف المتزين بالدين تشجعه الاوساط المعادية للاسلام والمسلمين ، لأنّ فيه التشويه والانحراف والابتعاد عن مبادئ الدين السامية ، وفيه تخدير للجماهير التي تتعاون مع المشعوذ الساحر ، وفيه تحنيط للعقل ، وتجميد للفكر ، وفيه ابعاد للجماهير عن أهدافها الحقيقة ، وصرف لنظرها عن قضاياها المصيرية .

الامر الملفت للانتباه أنّ هؤلاء الدجالين تتبناهم بعض الفضائيات ، أما بتقديم برامجهم بشكل مباشر ، أو تقديم الدعايات لهم ، وهذا أمر يؤسف له ، لأنّ حالة الانفتاح والحرية المتاحة للأعلام ، تُستغل في قضايا تؤذي الجماهير وتسمم أفكارهم وتجلب لهم التشويش والقلق ، وتسبب الامراض النفسية للكثير من الناس البسطاء الذين يتابعون مثل هؤلاء الدجالين .

حالة الانفتاح الواسعة سمحت بتعدد الفضائيات التي كان الشعب العراقي محروما من خدماتها وكذلك خدمات الموبايل أيام الطاغية صدام ، الفضائيات الكثيرة هذه ، لكل واحدة منها منحى فكري ، أو هدف سياسي ، واحيانا ارتباطات خارجية مخابراتية ، لكل فضائية توجد جهة معينة تمولها وهي التي تتحكم في اتجاهاتها ، الفضائيات اضحت ذات نفع وذات ضرر في الوقت نفسه ، ضررها التخريب والهدم والتشويه ، وحتى التشجيع أو المشاركة في الأرهاب ، ونفعها ألبناء والتنوير وتصحيح الافكار والمفاهيم الخاطئة ، وخلق الوعي الجماهيري ، وتبصيرها بمصالحها وبما يحاك لها في الغرف المظلمة، وحث الجماهير على الألتزام بالمبادئ الأنسانية والمصلحة الوطنية العامة .

ممارسة الدجل والشعوذة من خلال بعض الفضائيات المشبوهة هو جزء من مشروع التخريب الذي تتبناه هذه الفضائيات ، وهذا مؤشر على أن الفضائية التي تتبنى مثل هذه البرامج التي تشجع على السحر والشعوذة ، انما هي فضائية تتبنى مشروعا في غير صالح الجماهير ، وربما تكون ممولة من احدى الجهات الخارجية المخابراتية المعادية للأسلام وللشعب العراقي ، وحتى أنْ كانت بعض الفضائيات تقدم دعاية من هذا النوع بدوافع مادية ، فأنها تحسب وفق المعايير العامة ،  كجزء من لعبة التخريب والهدم التي تقوم بها الجهات المعادية للأسلام وللشعب العراقي من خلال هذه الفضائيات .

هذه المؤشرات تدعونا للمطالبة من ذوي الشأن ، بتشريع القوانين ووضع الضوابط التي تمنع ممارسة مثل هذه الظواهر المضرة ، والمشوهة والمخدرة لعواطف وعقول الجماهير ، لأن ضرر هذه البرامج التي تشجع على الشعوذة والسحر ، بات كبيرا ومؤذيا لكثير من الناس البسطاء الذين يقعون ضحية هؤلاء الدجالين والمشعوذين ، ولابد من فرض عقوبات رادعة بحق الفضائيات التي تمارس وتشجع على الشعوذة والدجل ، وتشوه الدين ، كذلك معاقبة المشعوذين أنفسهم ، ومن يشجعهم على ممارسة هذا الدجل ، ويتعاون معهم في نشره بين صفوف الجماهير ، لأنه بات يشكل خطرا على العقول والعواطف لكثير من الناس ، وخطره الاكبر أنه يمارس باسم الدين ، وبذلك يعتبر هؤلاء المشعوذين ، ومَن يتعاون معهم مشاركا بشكل عملي في اعطاء صورة مشوهة عن الاسلام دين العقل والعلم ونصرة الانسان والفكر الحر  .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/03



كتابة تعليق لموضوع : فضائياتنا .. حتى للدجل.. دعاية ؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net