صفحة الكاتب : جمعة عبد الله

العراقي من روح التحدي الى حالة الخنوع والقنوط . ماذا حدث؟؟
جمعة عبد الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

رغم جبروت زمن الحقبة الدكتاتورية التي تسلطت على رقاب المواطنيين بالحديد والنار وبشاعة اساليب القمع والارهاب في اخضاع المواطن الى مشيئتها وقتل اية بادرة من التذمر والرفض ومسخ عقليته بمسكناتها او بثقافتها التي تعتمد على 

الغباء والجهل والتضليل والخضوع للسلطان الحاكم بخشوع واذلال . لكن هذه الاساليب لم تستطع ان تكسر شوكة وعزيمة المواطن العراقي في التحدي والصمود , ولم تحد او تثبط عزيمته في النضال او الجهاد ضد قوى الظلم والطغيان 
وبهذه الروح الوثابة في المنازلة والمصارعة والرفض وعدم اطفاء شعلة الحرية والانعتاق المتوهجة في الصدور والعقول , وكان نصيبه الاعدامات الجماعية والقبور الجماعية واستخدام السلاح الكيمياوي والارض المحروقة ووسائل التعذيب
الهمجية وعشرات الاجهزة الامنية والمخابراتية التي تحصي انفاس كل مواطن عراقي وتجرد كل بيت وشارع وحارة , بهدف انتزاع روح التحدي والصمود والحلم بتحقيق الحرية والانعتاق الى رحاب النور وتمزيق الظلام , وما مأثرة انتفاضة
الشعب العارمة في اذار عام ( 1991 )  إلا دليل ساطع على ذلك الوهج العراقي الملتهب الذي كاد ان يمرغ جبروت سلطة الطغيان بالوحل ويرميها في مزبلة النفايات , لولا التدخل الاقليمي والدولي الذي وقف لمناصرة سلطة الظلم باستمرارها
حسب شروطهم المذلة . ولكن حين تهاوى عرش السلطة الطاغية , تنفس المواطن الصعداء بازالة الثقل الثقيل من صدره , وبانتهى مرحلة الظلام والانطلاق الى مرحلة النور والحرية والعدل وتشريع دولة الحق والقانون والى الحياة المدنية
بمعانيها السامية , وشطب وتمزيق الظلم والتعسف وثقل الحياة اليومية وضنك المعيشة وقسوتها بالحرمان والعوز والفقر . لكن تجربة العهد الجديد بديموقراطية عرجاء وعوراء والمصاب بالشلل المقعد والمشوهة بالمفاهيم والمضامين التي هي
بعيدة ولا تنتمي الى الديموقراطية لا من بعيد ولا من قريب , والتي اججت الواقع السياسي بالتأزم والتطاحن والخلاف , حيث استغلت بعض الاطراف السياسية المتنفذة بموقعها الريادي في هرم السلطة لتفرض سياسية احادية تتمثل بنهج الابعاد
والاقصاء والاستحواذ على مفاصيل الدولة الحيوية وتجبر الاخرين على القبول بنهجها السياسي والثقافي حسب خطابها الفكري دون الرجوع الى مواقف المكونات السياسية الاخرى , ومع بروز ظاهرة الفساد المالي والاداري , الذي شل عمل
حكومة الشراكة الوطنية في تصفية التركة الثقيلة التي خلفتها الحقبة المظلمة , ان انتشار طاعون الفساد المالي وبروز ظاهرة حيتان اوتماسيح التي لا تشبع شهيتها بنهب وشطف اموال الدولة والسحت الحرام , عطل امكانيات الدولة في الاصلاح
والاعمار والبناء , وكان من المفروض من السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية معالجة هذه الامراض الخطيرة , وليس الهروب الى الامام اوترك الباب مشرعا لها دون رقيب او حسيب , بل انتهجت اسلوب هجين يتشابه الى حد بعيد مع
اساليب الحقبة المظلمة لمعالجتها للقضايا الملحة بخنق الحريات العامة وخنق واضطهاد حق التعبير السلمي والتظاهر السلمي وحتى وضعت شروط بوليسية تمنع حركة الاحتجاجات التي تطالب بتحسين الاوضاع المعيشية المتردية بشكل مأساوي
وتحسين الخدمات الضرورية للمواطن الغريق الذي صار يبحث عن قشة تنقذه من الغرق المحتم . وتمادت السلطة التنفيذية في اساليبها البوليسية وما الهجوم الشرس على النوادي الاجتماعية والثقافية إلا دليل صارخ في اجبار المواطن وبالاكراه
على التكييف والخضوع الى نهج سياسي معين عفا عليه الزمن وبال  , وتمادت اكثر عندما كانت ردود الافعال خجولة وواهية ينقصها التحرك الشعبي الواسع  من المكونات السياسية والثقافية والاجتماعية والصمت المريب لمجلس نواب
الشعب , تطاولت الاجهزة الامنية التي تركت مصير المواطن على كف عفريت او تحت رحمة العصابات الوحشية في ارتكاب افضع الجرائم البشعة بحق الابرياء . ,كأن الاجهزة الامنية لا يعنيها حماية وصيانة امن المواطن . بل وجدت ان 
شارع المتنبي هو وكر الارهاب والجريمة , متجاهلة بان شارع المتنبي يعتبر مزار ثقافي متنوع بالغذاء السياسي والثقافي , اضافة الى هو مصدر رزق العوائل الفقيرة المظلومة والتي هي بعيدة عن ذئاب الارهاب وحيتان الفساد والصراع
والتنافس السياسي على اقتسام الغنائم . ولم تكتفي شهية السلطة التنفيذية بخنق الحياة المدنية وانما تجاسرت اكثر يعني الانحدار يبدا بخطوة ثم ينهمر المطر. لهذا تعتزم اقامة مشروع في ( شارع ابو نؤاس) يحوله الى شارع عريض ومواقف
للسيارات بقلع الاشجار وتحويل الخضرة ومتنفس المواطن من عناء الحياة اليومية وقسوتها تحول هذا المتنزه الى اسفلت اسود يشتعل باللهب في فصل الصيف , ويحرم بغداد من رئة اوكسجين , وليس بعيدا ان نقرأ الفاتحة على تمثال ( ابو نؤاس ) لانه
يمثل الفساد والرذيلة . ان هذه المسالك الخطيرة تحدث على الواقع العراقي في ظل صمت وخنوع وخشوع غريب وهجين على روح المواطن الذي قارع الحقبة الدكتاتورية ولم يخضع الى ارادتها . ان هذا القنوط والخمول وانطفاء شعلة
الحرية والكرامة والمطالبة بالعدل وتطبيق القانون الذي يصون كرامة وانسانية المواطن العراقي والمطالبة بتحسين ظروفه المعيشية ومعالجة الازمات بالحق والعدل ومحاسبة ومعاقبة حيتان الفساد , هنا يبرز تساؤل مؤلم , هل نحن مقبلون على
شتاء قارص يخاف المواطن من خياله 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمعة عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/22



كتابة تعليق لموضوع : العراقي من روح التحدي الى حالة الخنوع والقنوط . ماذا حدث؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net