صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

كلنا صدام حسين
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ملاحظة أولى. لكل دكتاتور وطاغية عبر كل أزمنة الناس صورتان.الأولى باقية في أذهان أنصاره ومحبيه والمنتفعين من مجده السلطوي،ومن أبناء قوميته أو طائفته،والذين نذروا أنفسهم للعمل في دائرة سلطانه. الثانية مخلدة في أذهان ضحاياه من المعذبين والجياع والسجناء وأمهات وآباء وأبناء من قتلهم في الزنازين الموغلة في الظلام. ومنذ أيام الناس الاولى في هذه الأرض لم يجمع الناس على صلاح سلطان او فساده بل إختلفوا فيه وبقوة.

(كلنا صدام حسين)..شعار رفعه البعثيون وموظفو الدولة العراقية طوال سنوات حكمه في هذه البلاد الموبوءة بالأساطير والخرافات والأكاذيب والموروثات السخيفة..الحمقى كانوا يرفعون هذا الشعار من أجل الإرضاء المؤقت ولحين مرور العاصفة وتغافل الجميع إن صدام حسين الدكتاتوري المستبد يعيش في داخلنا ،وإن إسقاطه وإعدامه ليس مهما فله قيامة في أرواحنا نحتفل بها كل يوم في المساجد والمقابر والبيوت والوزارات والشوارع والدكاكين والمضايف تحت عنوان (قيامة صدام) كقيامة المسيح عند النصارى.

دكتاتورية صدام  كانت تكبح شهواتنا وظلمنا .وظلم صدام كان فوق ظلمنا الذي كنا نسميه (مظلومية) .. المظلومية تحولت الى ظلم.. حاربنا صدام ليس من أجل المبادئ والشرف ،بل لأنه كان يجثم على صدورنا المثقلة بالضغائن والأحقاد.. ثورتنا ضد صدام حسين كانت كثورة العباسيين على بني أمية بشعار (الرضا من آل محمد) ، ثم كان أول الضحايا لثورتهم هم آل محمد، ولذلك قيل، ما فعل بنو أمية عشر معشار ما فعل بنو العباس .

 منذ العام 2003ونحن نتقمص شخصية صدام حسين (الرجل المتشبث بالسلطة) .

في الحكم ،في التشريع، في إدارة وسائل الإعلام، في الجيش، في الشرطة، في مؤسسات ودوائر الدولة الخدمية ،في نقابات وإتحادات الصحافة، والطب ،والهندسة ،وكرة القدم ،والشعر ،والأدب ،والمجتمع المدني ،والفلاحة، والعمال، والصيادلة ،والبحوث ،والدراسات، والجامعات، والعشائر ، وفي البيوت، وحتى المختارية ،ومسؤولي الدرابين، والحارات، ورجال الشرطة، والمرور ،وموظفي الإستعلامات، وسائقي السيارات، ومديري الصحف والإذاعات والتلفزيونات ،وفي المطاعم والأسواق ،وفي المساجد ،والمدارس، والمعاهد، في كل مكان ،وفي كل حراك إجتماعي وسياسي وديني وثقافي وعلمي ورياضي، نتقمص روح الدكتاتور ونتباهى بها ونفخر ونتحرك.

دلوني على عراقي لم يتمسك بمنصب قيض له أو إستولى عليه أو تقرر أن يكون فيه ثم تركه بعد مدة إلا بالقوة ،حتى صار الواحد منهم يرفع الدعاوى القضائية لإبطال قرار إعفائه من منصبه كما يحصل الآن في مجالس المحافظات والإدارات العامة ،وحتى في وزارتي الدفاع والداخلية تتسرب معلومات عن رشا وأموال تدفع في سبيل بقاء ضابط بعينه في منصبه لكي لا يقال منه أو ينقل الى مكان آخر.

ربما زعل البعض علي من محبي صدام لأني جعلته مثلا لحب الدنيا والسلطة ! وأقول، أنا لا أتمثل بصدام بنسخته التي يتابعها محبوه وموالوه على أساس القومية أو الطائفة ،بل  بصدام الذي أعرفه وعشته، وهو لا يختلف عن أي شخص يحاول البقاء حتى لو كان الثمن ملايين الجماجم والرقاب.

في داخل كل منا دكتاتور وطاغية حتى أن عالم دين رد منتقدي هارون الرشيد العباسي قائلا ،من منكم عرضت عليه دنيا هارون ورفضها؟.

 الإنسان إبن الإبتلاء والإمتحان، وعندها تظهر المعادن..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/27



كتابة تعليق لموضوع : كلنا صدام حسين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net