صفحة الكاتب : محمد علي جواد تقي

لا نبكي على أم البنين!
محمد علي جواد تقي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ما أن يطرق سمعنا اسم؛ أم البنين،، عليها السلام، حتى تقشعّر ابداننا، وتهيج عواطفنا، فنستذكر مصابها الأليم بأولادها الأربعة، وقبلها؛ وفائها الاستثنائي للصديقة الزهراء، بحزنها الشديد على مصاب الإمام الحسين، عليه السلام، قبل الحزن على أولادها، فتنساب العواطف مع الدموع على شكل طقوس وممارسات يلتزم بها الكثير من المؤمنين في العالم، كلها تحمل اسم أم البنين؛ “سفرة أم البنين”، “الفاتحة لأم البنين”، والتوسّل بها الى الله ـ تعالى- في الشدائد بما جربه الناس منذ الازمان الماضية، وكيف أنها تشفع في قضاء أعظم الحوائج.

نجد من حقنا، كمؤمنين موالين لأهل البيت، عليهم السلام، ومحبين لأم البنين، أن نتقرّب اليها ـ بعد الله- بدموعنا السخينة، وتعاطفنا الجيّاش مع مصابها ومشاعرها، فنطلب بما لديها من منزلة عند الله لقضاء حوائجنا، ومن حقنا ايضاً أن نعرف من هي هذه المرأة أساساً، وهي ليست من أهل بيت رسول الله، صلى الله عليه وآله، إنما تبلورت شخصيتها بزواجها من أمير المؤمنين، و وبرز دورها الخاص في واقعة الطف؟

أم البنين، عليها السلام، قبل أن تكون عنواناً للمصيبة، والدموع، والعواطف، هي سلوك، وآداب، وتهذيب للنفس، وإيمان، ثم وفاء، وتضحية، إذن؛ فهي دين وأخلاق كونت شخصية فاطمة بنت حزام الكلابية، تلك الفتاة العربية السمراء التي تميزت بين مئات الفتيات في المدينة آنذاك، فكانت جديرة بأن تكون زوجة لأمير المؤمنين، عليه السلام، وأن تلد له أبطالاً يخلدهم التاريخ، ويكونوا أحد أهم أركان القضية الحسينية.

⭐ أم البنين، عليها السلام، قبل أن تكون عنواناً للمصيبة، والدموع، والعواطف، هي سلوك، وآداب، وتهذيب للنفس، وإيمان، ثم وفاء، وتضحية

نحن نبكي على أم البنين إجلالاً وإعجاباً بشخصيتها، وهذا يعني بالضرورة أن نسعى للاقتداء بهذه الشخصية واتخاذها نموذجاً في حياتنا، وإلا ليس من المنطقي أن يُظهر شخصاً اعجابه بشخص آخر وهو غير مقتنع به، وربما يتقاطع معه في الثقافة والسلوك والعقيدة!

فهل يصحّ ـ والحال هكذا- أن تهيج عواطفنا وتفيض عيوننا بالدموع، ثم تتحرك أقدامنا نحو أماكن، أو نقوم بأعمال وممارسات تتعارض ومنهج أم البنين في الحياة؟

أم البنين، عليها السلام، اليوم في أعلى عليين، تحظى بمنزلة رفيعة عند رب كريم، وليست بحاجة الى بكائنا بقدر ارتياحها عندما تكون حياتنا كلها إيمان وأخلاق وتفضيل مرضاة الخالق على مرضاة المخلوق، فان روحها تكون سعيدة، وتفخر بنا كمؤمنين ومحبين لها يوم القيامة، وربما هذا يزيدها فخراً واعتزازاً بين المقربين عند الله، والعكس يكون بالعكس قطعاً.

لذا أجد من الجدير أن نبكي على انفسنا أولاً؛ كمرحلة أولى لإعادة الحسابات فيما نحن عليه، لنكون على طريق تهذيب النفس الذي مضت عليه أم البنين وهي فتاة صغيرة، وحتى نكون على طريق الإيمان الذي مضت عليه هذه السيدة العظيمة وهي تنهل من عظمة أهل البيت، في بيت الزوجية، حينئذ تكون علاقتنا بأم البنين حقيقية، وتواسلاتنا بها مستجابة. إنها شفيعتنا الى الله، هذا صحيح، والصحيح ايضاً أن نحمل معنا الآنية الطاهرة والنظيفة لنأخذ ما نريد من هذه السيدة العظيمة، أليس كذلك؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد علي جواد تقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/13



كتابة تعليق لموضوع : لا نبكي على أم البنين!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net