كل نخله تتمنى أن تحمل العز والتاريخ الذي حملته منذ قرون، يتبارك بي النخل حتى أن بعضه يرى إنني نزلت من السماء.
سمعت ذات حكاية قيل له كيف أصبحت قال (أبيع تمرا وأكتم أمرا)
ما هي مميزاتي لأنال هذه البركات؟ وما حكاية الحبيب الذي سيخلدني بدأت الحكاية...
كان ميثم التمار عبدا لامرأة من بني أسد، اشتراه أمير المؤمنين عليه السلام
ـ ما اسمك؟
سالم
ـ اخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن اسمك الذي سماك به أبوك ميثم
صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، صدقت يا مولاي أمير المؤمنين فهو والله اسمي.
ـ ارجع إلى اسمك ودع سالما فهو الكنية
فكناه أبا سالم
(يبدو أن الحكاية غريبة، هناك شعور، والنخل صاحب نظرة ويقين لارتفاعه العالي الذي يجعل الناس ترفع الراس لتراني.
لا أحد يتجرأ ليرميني بالحجار.
أراد أن يفعلها أحد الصبية الشرسين لكن فجأة صعق الولد وذهب باكيا، لا أحد يعرف الى اليوم سر الحكاية، هل رأى ميثم هو يدافع عني ويطرده؟ هل راه مصلوبا، أم قبل الصلب؟
بالنسبة لي ألفت منظره مصلوبا حتى صرت لا أتذكر شكله قبل الصلب.
يا سبحان الله، حتى الحيوانات لا تتجرا لتقترب إلي، وكأن هناك شاخص يطردهم.
قال مولاي أمير المؤمنين في أحدى أماسيه
(ليس من عبد امتحن الله قلبه بالإيمان إلا أصبح يجد مودتنا على قلبه، ولا أصبح عبد سخط الله عليه إلا يجد بغضنا على قلبه، فأصبحنا نفرح بحب المؤمن لنا ونعرف بغض المبغض لنا وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم وأصبح مبغضا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، فكأن ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، وكأن أبواب الرحمة فتحت لأصحاب أهل الرحمة فهنيئا لأصحاب الرحمة رحمتهم وتعسا لا صحاب النار مثواهم)
ابتسامة الفرح تعاشر كل سعفة من سعفي،
قالت إحدى العمات المتوهجات بالحكمة وهي تخاطب جذعي طوبى لك، وما ينتظرك من فخر، وبكت عمتنا النخلة وأبكت معها النخل.
نحن النخل مرهفو الإحساس نعشق المواقف الإنسانية، هل جرب أحدكم أن يهب ولدا من أولاده ليشبع جائعا؟ الكرم شيمتنا
كل يوم أزداد محبة بالغد، صرت أؤمن كنخلة أن الغد لي وأشعر بحاجة إلى أن أكتشف هذا الغد.
كل نخل الله يسمى باسم أصحاب العقار، بستان أو بيت إلا أنا اسمي باسم ميثم وميثم ليس من أهل البساتين.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام من أحب أن يعلم حاله في حبنا يمتحن قلبه، فإن وجد فيه حب من آلب علينا فليعلم إن الله عدوه وجبرائيل وميكائيل والله عدو الكافرين.
من هنا تبدا الحكاية، بهذا الإدراك يحفل الإنسان بالوعي، ببهجة الانتماء وكل ابتسامة بلا هوية هي ابتسامه زور وبهتان.
إني أنتظر حلما جميلا رائعا ينقلني إلى عالم أكثر سموا، حيث لا حجر يرمى ليسقط التمر عنوة.
ذات ريح عنيفة وميثم التمار في سفينه، نظر إلى الريح وقال شدوا سفينتكم إن هذه الريح عاصف، مات معاوية الساعة، هنا محور القضية هل هي نبوءة حكمة أم سراج علم، ومواقف الحلم يسعدها الوئام، يقول أبو خالد التمار استوثقنا الخبر
ـ يا عبد الله ما الخبر؟
الناس على أحسن حال، هلك معاوية.
يبهجني أن ميثم التمار صار سلوة أحاديث الناس، وصار النخل يخبرني بكل كلمة تقال عنه، الناس تتحدث عن النبوءات والكثير من المواقف.
يقول حمزة بن ميثم التمار خرج أبي إلى العمرة قال استأذنت على أم سلمة فضربت بيني وبينها خدر أو قالت
ـ أنت ميثم؟
نعم أنا ميثم
ـ كثيرا ما رأيت الحسين عليه السلام يذكرك
أين هو؟
ـ خرج في مشوار عمل
ـ أنا والله أكثر فاقرئيه مني السلام فأني مبادر
نادت جاريتها يا جارية أخرجي فادهنيه، دهنت لحيتي ببان
قلت:
أما والله لئن دهنتها لتخضبن فيكم بالدماء
همس يدور عند كل مخبر، والروح تهفو لمثل هذا النبع المرتوي دهشة.
أنا أتوقع ما لا يتوقعه الآخرون.
بالمناسبة كل ما يدور من أحاديث عنه أشعر بصلة بها.
ابن عباس يقف أمام ميثم وإذا بهذا العالم ينصت منبهرا أمام ثقته بنفسه، يا ابن عباس سلني ما شئت من تفسير القران فاني قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه السلام وعلمني تأويله.
قال يا جارية هاتي دواة وقرطاس فأقبل يكتب
يا ابن عباس كيف بك إذا رأيتني مصلوبا تاسع تسعة أقصرهم خشبة واقربهم بالمطهرة
قال ابن عباس: ـ أتتكهن أيضا، خرق الكتاب
قال ميثم: ـ يا ابن عباس احتفظ بما سمعت مني فإن تبين لك صدق ما أقول لك حقا أمسكته وأن يكن باطلا خرقته.
قال: ـ هو ذاك
يسالني بعض النخل عن ميثم، هو ورجل يحمل موته معه أينما يذهب يقينا موثقا وليتثاءب العالم مثل ما يريد.
هل هذه الأحداث من صنع خياله؟ أم هي فكر استباقي يدرك معناه ثقة.
فما لبث يومين بعد قدومه من الحج، حتى أرسل عبيد الله بن زياد عليه فصلبه تاسع تسعة أقصرهم خشبه وأقربهم إلى المطهرة
ـ كيف للإنسان أن يحمل وسامة الاطمئنان لحظة مقتله، لحظة يفارق فيها الإنسان كل شيء ويرحل إلى المجهول هذا هو شغل اليقين، لا مجهول في الرحلة، والموت أليف لمن قلبه عامر بالإيمان.
أقترب إليه القاتل وهو يحمل الحيرة دليلا على ضعف القوه والتهالك على مصاطب الشر والبهتان والجريمة.
يقول: ـ أما والله لقد كنت ما علمتك إلا قواما، ثم طعنه في خاسرته احتقن الدم، في اليوم الثالث بعد العصر قبل المغرب انبعث من منخريه دما فخضبت لحيته.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat