صفحة الكاتب : د . مرتضى الشاوي

وفرة الأقنعة والترميز العددي واللوني قراءة سيمائية في ديوان ( لا نزيف لليواقيت ) للشاعر ناصر الأسدي*
د . مرتضى الشاوي

القسم الأول

مدخل :

         تهدفُ الدراسة إلى إبراز بعض الجوانب السيمائية الطارئة على حداثة الشعر المعاصر ولاسيما في جنس قصيدة النثر السردية  ؛ متخذة من ديوان ( لا نزيف لليواقيت ) أنموذجاً بصرياً  عراقياً للتطبيق .

        وقد لاح نجم الشاعر والقاص ناصر الأسدي في سماء الإبداع الشعري والقصصي ، وفي مجال الخطاب النقدي الحداثوي ، فضلاً عن كونه باحثاً أكاديمياً وتدريسياً في جامعة البصرة .

        تجلّت الدراسة عن  ثلاثة محاور رئيسة  يقتفي النص الشعري أثرها  بباقة من الصور المعرفية المتعددة ، وقد ارتأيت تلك المحاور الثلاثة من ( وفرة الأقنعة والترميز وفاعلية الأعداد وجاذبية الألوان ) عند تجربة الشاعر ناصر الأسدي في باكورة أعماله الشعرية الأولى المطبوعة ( لا نزيف لليواقيت ) ؛ لما لها من أهمية فنية وبراعة أسلوبية في توظيف الشخوص رمزياً ، وأيضاً لما لها من وقع تاريخي وفني وموضوعي ، فضلاً عن الحراك العددي في جذب انتباه المتلقي وشده في توظيف الشاعر نفسه لا لغاية العدد نفسه ، بل لفاعلية تلك الأعداد في التصوير الشعري في مجال القصيدة السردية الحداثوية .

      ويضاف إلى ذلك مدى استعماله التصوير اللوني متخذاً من جاذبية الألوان في طرح الأبعاد النفسية القائمة الصورة الشعرية برتابتها ، وليس قاصدا ًاللون نفسه بل اعتباطاً ؛ لتكمل الصورة الشعرية بوصفها لوحة فنية متعدد الجوانب من تراكيب لغوية وأبعاد اجتماعية وزخارف لونية وظواهر أسلوبية متنوعة .

وفرة الأقنعة والترميز :

       تبدو ظاهرة التقنيع والترميز جلية في شعر ناصر الأسدي في باكورة أعماله الشعرية ، وهي حالة فريدة واستثنائية في استدعاء الشخصيات العائدة إلى حضارات قديمة مستفيداً من البعد الثقافي الخزين ، فمرة يستدعي شخصية تراثية كلياً ، ومرة أخرى يستدعي الشخصية جزئياً كما ورد في قصيدة " صحو العقيق":

" وفي الكعبةِ أبوابٌ وأستار

وفي الركن صخرٌ صلدٌ ومعاول

لارتقي .

و أبرهة

 والفيل

 في عامه

نفقت أفياله " ( ص 29 )

وربما يستدعي الشخصية بسماتها وأفعالها ومنظوماتها القيمية والفكرية ، كما أشار إلى " وليد الكعية  " في القصيدة نفسها :

 " ولا شيء يحرك الصخر موضعه

غير المتسامي

في علوه علي .

إذ جاءها المخاض

ولم يكن غير صحو العقيق

وفي الحجر القدسي

كيف يكن هذا النفوذ ؟

أرأيت كيف تنفذ من حنايا الحجر الأصم  أرواح وأجساد ؟

أم كيف زحزح الحجر القبول ؟

أم كيف تذعن للوليد حجارة من الأصم ؟ " ( ص 30 )

      لكنّ الشخصية نفسها تعاد مرة أخرى في رمزية ثلاثية ( الإمام علي (ع ) ، وسيف ابن ملجم ، وقطام ) ؛ لتشكل نهاية مأساوية في تاريخ الأمة الإسلامية ، وهي مقتل الإمام علي بن أبي طالب (علي السلام) ، لقد استفاد الشاعر من الأبعاد الفكرية والقيمية في نقل تركيبة المجتمع الإسلامي آنذاك ، وهو يتآمر على رمز من رمز الأمة كونه أخ رسول الله ( صلى الله عليه وآله )  في السراء والضراء وأبا سبطيه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وخليفته من بعده وكيف تطاولت الأيادي لا من أجل ملك زائل بل اشتراك بين حسد وحقد في انهيار الكيان الإسلامي وضربه من الصميم ، كما أشار إلى تلك الثلاثية في قصيدة ( الرهان الأخير ) :

" خلا المسجد

وغير عليّ لم يكن !!

وغير نائم على الوجه !!!

يخفي سيفه المسموم

هو ذاك الشقي مهر قطام

 سيف ،

وجارية ،

وقتل عليّ " ( ص 23 )

        ويستدعي الشاعر أكثر من شخصية تراثية في نص واحد  ؛ ليمزج  فيما بينها الأبعاد النفسية والاجتماعية ، وهو يشير إلى شخصيات تراثية لحضارات قديمة قبل الإسلام تمتدّ في عمق التاريخ ، كما أشار في قصيدة ( مراثي السكون ):

" والريح تسرق المسير

وتشرب الأعنة والخيول

وحدها

" عشتار " إذ تكون

وتموز تسفح البقاء

وتموز قربان حقير

وهابيل واهب الجمال

وأجمل الخراف قربان قابيل

قابيل يقتل الحياة

وامرأة في أعماقنا

تندب الخطوب

تلطم الصدر المعبأ بالسواد "( ص 84 )

       وهو في هذا النص يمازج مقاربة ومقارنة بين شخصيات مؤمنة وأخرى غير مؤمنة وبين شخصيات تراثية داعية للحس الإنساني في أصالتها للخطب والنماء .

بلا شك أنّه يستفيد في رحلته في الحياة وتجربته الاجتماعية ؛ إذ يستذكر تاريخ أبيه ؛ ليمضي  في معادلة أقنعة تراثية ، كأنّه سندباد الأقاليمن  وهي ترنيمة يستوحي منها تراثه من أجل أن يفخر بالتراث الأصيل نفسه لغرض المدح والفخر كما في قصيدة ( أنا وأبي ) :

" مثل أبي أغدو بمعولي

وكلّ الصخور الأرض

تعرف غايتي أحارب العدى

أحطم القنا لكنني أعيش في جلبابه

.....

أنا الفتى

ودائماً أقول

إنّي أنا ذلك الفتى

 أسبق المدى

أعشق النجوم والثريا والثرى

أنا السندباد في عصره

أغامرُ في البحار "( ص : 77 – 79 )

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مرتضى الشاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/23



كتابة تعليق لموضوع : وفرة الأقنعة والترميز العددي واللوني قراءة سيمائية في ديوان ( لا نزيف لليواقيت ) للشاعر ناصر الأسدي*
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net