ويسألونك عن النهضة الحسينية -١٠-
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لقد قف سيد الإباء الإمام الحسين "عليه السلام" يوم عاشوراء، وفي ساعات المنازلة الأخيرة كان يخاطب الأعداء، ويحذرهم مما يقومون به، إذ يطلبون منه البيعة ليزيد الفجور، فصرخ بوجههم بكل إباء: ((واللهِ لا أعطيكُم بيدِي إعطاءَ الذليلِ، ولا أفٍرُّ فِرارَ العبيدِ))، لقد كانت خطاباته في الدعوة إلى التوبة وعدم متابعة بني أمية قائمة حتى الساعة الأخيرة من بدأ القتال صبيحة عاشوراء، ولكن القوم كانوا مصداقًا لقوله تعالى: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّـهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ)، فكانوا من حزب الشيطان الموالين له، حيث صدرت عنهم تلك الأفعال الدنيئة بحق الرجال والنساء والأطفال من آل محمد.
ولكنه وقف ذلك الموقف الخالد الذي يأبى له أنْ يكون ذليلًا، وهو ابن خاتم الأنبياء فيعطي بيعته لأبناء الطلقاء، الذين يريدون إعادة حكم الجاهلية باسم الإسلام بهتانًا وزورًا، بل تحدى القوم وتصدى لهم بنفسه وأهل بيته وأصحابه، فبذل تلك الدماء الزكية دون إعطاء البيعة، أو الفرار من التصدي لأداء مسؤوليته ورسالته.
إنَّ هذا الموقف وهذه الكلمات الخالدة تؤكد:
١-همية البذل في سبيل الله تعالى، ونصرة الدين، وضرورة تحمُّل المسؤولية، وأداء حقها، وعدم المداهنة أو التهاون أو الضعف، والاستسلام للأعداء!!
٢- إنها رسالة عظيمة للأجيال الملتحقين بالمدرسة الحسينية حيث الاستعداد التام للإيمان بمبادئ الشريعة المقدسة، والتضحية من أجلها، وتسخير كُلِّ الطاقات لتحقيق الغاية السامية، التي تحقق الخلود للدين وأهله، برغم محاولات الأعداء.
٣- إنَّ الذل والهوان الذي يريده أعداء الدين، أو الضعفاء، فهو لا يليق بالمؤمنين؛ لأنَّ الله تعالى تعاهدهم بالعزة والكرامة: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين).
٤- إنَّ عاشوراء معركة المصير والخلود للحق ومبادئه، والوقوف بوجه الجور والباطل وأدعيائه، ولا بد للأمة أنْ تستلهم منه دروسه ومواقفه؛ لتعيش حياة الكرامة لا حياة العبيد.
٥- إنَّ الشجاعة ليست كلمات، وحياة الكرامة ليست شعارات، بل هي مواقف وتضحيات، ولا بد للقائد والمصلح من اختبارات لنفسه وللأمة؛ لمعرفة صدق تلك الدعوات، وقد أثبتت عاشوراء صدق ذلك من خلال تلك التضحيات، والدماء الزاكيات، ولا بد للأمة أنْ تستلهم منها معنى الحياة.
فما أعظمها من صفحة خالدة كتبت بالدماء الزكية يوم عاشوراء، وسيبقى نورها يشع على مدى الأجيال، بل تزداد ألقًا ومنارًا؛ لتعرف الأمة كرامة دماء الشهداء.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat