صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

الفاتيكان
حيدر الحد راوي
عصفت الرياح , ولاح البرق في السماء , دوى صوت الرعد في الافاق , فهاج البحر وماج , وتلاطمت الامواج , ولفظ امرا شنيعا , كان يخفيه بين اسراره , فصرخ صرخة  تردد صداها في عنان السماء . 
خرج مرعوبا , مرعبا , خائفا , مخيفا , قبيحا , ذميما , يتدفق كما يتدفق الماء , يتموج كتموج مياه البحار , يحمل بين شمائله جملة من التناقضات , رغم انه بعين واحدة , يرى كل شيء ,  لديه اذان لا تسمع الا ما يعجبه , وجهه قبيح الا ان اكثر الناس تراه جميلا , هيئته وحش كاسر , لكنهم يرونه حملا وديعا , يبيت الخبيث من النوايا , فيعتقدون انه حسن السريرة , ويظنون انه جاء هاديا , بينما جاء ضالا , مضلا , جاء ليدق ناقوس الخطر , ويحارب ناموس البشر . 
يبحث عن انصاره واعوانه , وكل من كان في انتظاره , يرمقهم بطرفه , يراهم كثرة كاثرة , مشتتين , متفرقين , منتشرين في ارجاء المعمورة , يوحدهم , يجمع شملهم , يعيد تنظيمهم , يكلمهم ولا يكلمونه , يخطب فيهم , ولا يخاطبونه , يرشدهم ولا يرشدونه , يدلهم , ولا يدلونه , هو بحاجتهم , وهم يحتاجونه , حوارهم صامت , غامض , يبادلهم اسرارا مكتومة , وعلوما مخفية , لا ترقى ان تكون , ولا يمكن ان تصون , هذا الجمع الغريب , فصرخ فيهم صرخة تقشعر منها الابدان , وتشمئز منها النفوس ( آن آواني , حان دوري ! ) . 
                         ********************* 
هناك في غرفة كبيرة , يطل البابا بطلعته المهيبة , بروحه العذبة , بسيمائه النبيلة ,  بابتسامته الخفيفة , بأحاسيسه المرهفة , بمشاعره الدفاقة , يسير بترو , بسحر وقار شعره ناصع البياض , يجلس بهدوء على ذلك الكرسي , يرمق الحاضرين بنظرته الحنونة , نظرة اب رؤوف . 
يفتح باب الغرفة , بعد ان طرق ستة طرقات , يدخل صبي حسن المنظر , يحمل بيده صينية احتوت على ستة ارغفة خبز , وستة كؤس , وستة علب ماء , ما ان وقع نظر البابا عليه , حتى اختفت تلك الابتسامة الجميلة , وتغير لونه , فبدا شاحبا , فتح عينيه , حتى كادتا تخرجا من محجريهما , كأنه رأى امرا مهولا , ارتعشت كلتا يديه الناعمتين , استند على الكرسي وحاول النهوض , بالكاد استطاع الوقوف على قدميه , اخفى ما دار في خلده , ينظر الى الصبي تارة , والحاضرين تارة اخرى , فطلب منهم الانصراف جميعا , حالما خرج الجميع , دفن وجهه بكلتا يديه , ثم اسرع نحو المصلى , جلس هناك , وشرع بتلاوة الصلاة , بصوت حزين , حنون , يتصبب العرق على جبينه , مكونا قنوات تجري على خديه , فسمع صوتا يناديه , يتردد صداه بين جدران تلك الغرفة , التفت البابا باحثا عن المتكلم , او مصدر الصوت , فلم يرى شيئا , ولم يسمع سوى : 
( ليس الوقت وقت صلاة , بل حان وقت العمل ) ! .     

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/10



كتابة تعليق لموضوع : الفاتيكان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net