بموجب القانون والدستور : المناصب بالوكالات منتهية المفعول
باسل عباس خضير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باسل عباس خضير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من المبادئ الإدارية السائدة في معظم البلدان إن المسؤولية والصلاحية تتلازمان في أداء الأجهزة الإدارية الحكومية وفي سائر المنظمات ، فالمدير بمختلف المستويات والاختصاصات لا يمكن أن يضطلع بمسؤوليته المحددة بموجب العرف او القانون أن لم تكن له الصلاحية ( السلطة ) التي تكافأ ما يقوم به من أعمال ، وعلى قدر الصلاحية الممنوحة له تتم مسائلته ومحاسبته عن تفاصيل مسؤوليته واستخدمه الصلاحيات ونتائج الأداء ، فهو لا يستطيع أن يساءل الأفراد في هيكله الإداري والتنظيمي إن لم تكن له صلاحيات مالية وإدارية وفنية وغيرها تتناسب مع حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه ، وينطبق ذلك على الأنظمة المركزية واللامركزية فلا مسؤولية بدون صلاحيات ، ولان الصلاحيات ستحجب عن من يدير الإدارات بالوكالة في بلدنا ابتداءا من 1/ 12 / 2023 ، فإنهم من الناحية القانونية والدستورية لا يتحملون المسؤولية استنادا إلى :
- نص المادة 71 من قانون الموازنة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023 والتي جاء فيها ( تلتزم الحكومة بإنهاء إدارة مؤسسات الدولة كافة بالوكالة في موعد أقصاه 30 / 11 / 2023 ، على أن تقوم الدائرة المعنية بإيقاف جميع المخصصات المالية والصلاحيات الإدارية في حالة استمرارها بعد التاريخ المذكور أعلاه ، وعلى مجلس الوزراء إرسال المكلفين بمناصب رؤساء الهيئات المستقلة والدرجات الخاصة ( أ، ب ) ووكلاء الوزارات والمستشارين إلى مجلس النواب قبل ثلاثين يوم من التاريخ أعلاه ، ويلتزم مجلس النواب باتخاذ القرار بالتصويت خلال 30 يوم من تاريخ إرسال الأسماء ) .
- قرار المحكمة الاتحادية بالدعوى المرقمة (153 /اتحادية /2023) التي أصدرت حكمها بتاريخ 7 / 8 / 2023 بخصوص الدعوى المقامة أمامها من المدعي ( رئيس مجلس الوزراء / إضافة لوظيفته ) ضد المدعى عليه ( رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته ) الخاصة بالطعن بمواد من القانون رقم (13 ) لسنة 2023 (( الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنوات المالية 2023 ، 2024 ، 2025 )) ، وأصدرت قرارها البات والملزم للسلطات كافة والمتضمن الحكم برد الطعن الذي قدمته الحكومة حول المادة 71 من قانون الموازنة الاتحادية .
- إعمام وزارة المالية الموجه إلى الوزارات كافة بالعدد 50713 في 16 / 8 / 2023 الذي أشار بان المادة 71 من قانون الموازنة قضت إنهاء إدارة مؤسسات الدولة كافة بالوكالة في موعد أقصاه 30 / 11 / 2023 ، على أن تقوم الدائرة المعنية بإيقاف جميع المخصصات المالية والصلاحيات الإدارية في حالة استمرارها بعد التاريخ المذكور أعلاه .
ويحق لكل مواطن أن يسال كيف لماذا ستؤول إليه مؤسسات الدولة التي تدار بالوكالة بدءا من 1/ 12 / 2023 ، والجميع يعلمون إن اغلب المناصب والإدارات من درجة مدير عام فما فوق تدار بالوكالة وقد تضمن برنامج حكومة السيد السوداني على فقرة تتضمن إنهاء الوكالات ، ومجلس الوزراء صوت على المناصب في ثلاث وجبات منهم 442 من المديرين العامين الذين تم تقييمهم في الوجبتين الأولى والثانية وأضيف لهم 12 في الوجبة الثالثة التي تم التصويت عليها في جلسة مجلس الوزراء قبل أيام ، وإذا كان المجموع يقترب من 500 فانه اقل من 10% من المجموع الكلي للمناصب واجبة التغيير حيث ورثت الحكومة الحالية تبعات ( دولة الوكالات ) التي لم تعالجها الحكومات السابقة ، والبعض يعذر حكومة السوداني في عدم القدرة على إجراء التغيير بكل المناصب خلال عمرها الذي يبلغ عام ، آخذين بنظر الاعتبار إن موازنة 2023 وان كان نفاذها يعد من بداية 2023 إلا أنها نشرت في الوقائع العراقة بالعدد 4726 في 26 حزيران 2023 ، أي قبل خمسة أشهر من المدة التي حددها مجلس النواب بموجب مواد قانون الموازنة الاتحادية ، وسواء إن كان هذا العذر مقبول او غير مقبول إلا انه لا يشكل حجة قانونية في تعطيل تنفيذ مادة موجودة في قانون استكمل جميع متطلبات النفاذ سيما وان المحكمة الاتحادية أصدرت حكمها بخصوص هذه المسالة بشكل بات ، وحسب رأي أصحاب الاختصاص فانه ليس هناك مجال لإعادة النظر بالمادة 71 لأنه سبق وان تم الطعن بها ، والطعن بها من جديد يتعارض مع المدة المحددة في الدستور للطعن بالقرارات والذي تم تحديد ب30 يوم انتهى اجلها منذ أشهر .
ومن المخارج القانونية الممكنة للموضوع في حالة الحاجة لتعديل المدة فانه يتم من خلال تعديل المدة المحددة للمادة 71 من قانون الموازنة بمشروع قانون يقدم لمجلس النواب ليأخذ سياقاته في التشريع ، استنادا للقاعدة المعروفة ( لا يغير القانون إلا بقانون ) ، ولكن ذلك قد غير ممكنا لعدة أسباب أولها إن نفاذ المادة قد بدا بالفعل كما إن مجلس النواب حاليا في حالة عدم انعقاد بسبب تمتعه بالعطلة التشريعية وخلوه من الرئيس وثانيها انشغال البلد بانتخابات مجلس المحافظات بالموعد المحدد لها في 17 / 12 / 2023 ، وبموجب ما اشرنا إليه فان الخيارات غير معروفة ولم يعلن عنها ، مما يعني إن عشرات او مئات المناصب ستبقى بدون إدارات وصلاحيات ومخصصات لان المضي بها يخالف القانون والدستور وقد يعرض الحكومة لدعاوى قضائية تقام هنا او هناك ، وربما تتبع بعض الوزارات الإجراء الذي اتخذته وزارة المالية بصدد الموضوع ، حيث أصدرت السيدة طيف سامي بصفتها الوزير الأمر الوزاري 304 في 30 / 11 / 2023 الذي تقرر فيه تكليف مجموعة من الموظفين للقيام بأعمال التشكيلات في وزارة المالية اعتبارا من 1/ 12 / 2023 لحين البت بموضوع المكلفين الصادرة بشأنهم أوامر ديوانية بتكليفهم بأعمال دوائر الوزارة من قبل الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء وتضمن الأمر 15 تشكيل في وزارة المالية ، وهذا الأمر ليست فيه أية شارة لممارسة الصلاحيات او منح المخصصات ، كما انه أمر وزاري يخص وزارة المالية ولم يشير إلى الوزارات الأخرى أي بعكس الأمر الوزاري 50713 في 16 / 8 / 2023 الذي اشرنا إليه في أعلاه في إيقاف الوكالات والصلاحيات والمخصصات والموجه للوزارات كافة .
وقد يتبادر لذهن البعض هل إن الحكومة قد وقعت بحرج بسبب القيد الذي جاء في نص المادة 71 ، والجواب إن الحكومة لم تعلن عن وجود حرج رغم إننا دخلنا في اليوم الأخير ، ولو كان من حرج لتمت الإشارة إليه في الجلسة 48 لمجلس الوزراء التي انعقدت في 28 تشرين الثاني أي قبل يومين من انتهاء المهلة القانونية ، وقد تضمنت إحدى فقرات الجلسة المصادقة على 12 مدير عام في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة ، وربما سيكون للحكومة رأي في موضوع إدارة المناصب ومنح الصلاحيات على غرار ما قامت به وزارة المالية او بمنحها مهلة إضافية لإكمال الاختيار والتعيين باعتماد المعايير والآليات المعدة من اللجنة المؤلفة بموجب الأمر الديواني ( 23059 ) لتقييم عمل المديرين العامين وأدائهم ، وربما يتم اللجوء لإعادة الطعن بالمادة 71 لدى المحكمة الاتحادية من باب كسب الوقت و لحين حسم أمر الوكالات ، ويقف الكثير مع موضوع إنهاء الوكالات فواقع الحال إن الكثير من المواقع لا تشغل أصالة وإنما بالوكالة وتسيير الأعمال مما يؤثر على مستويات وجودة الأداء ، ويعده البعض واحدا من الأسباب الكبيرة للإحباط ولضعف الأداء ومن دوافع الفساد الذي اخذ يتوطن في البلاد ، والمناصب بالوكالات لها جانبين ، أولها تغبن حق النزيهين والأكفاء في الحصول على كامل الصلاحيات والاطمئنان في تنفيذ ما عليهم حيث يمتلكون الرغبة والقدرة ولكنهم قد يخضعون للتغيير بالمزاج لأنه لا وقت محدد لهم في الوكالات ، والجانب الثاني هو إسناد الأعمال لأشخاص غير أكفاء خارج قاعدة الشخص المناسب في المكان المناسب بناءا على أملاءات واتفاقات حزبية او طائفية توفر لهم الحصانة من الوقوع بالأخطاء حتى وان تسبب هدرا في الإمكانيات ، اما الثالث فان البعض يعتقد ان من مصلحة الحكومات العمل بالوكالات لتتوفر لها الفرص للتغيير من صلاحياتها دون تعقيد ، وننتظر قادم الأيام لنرى ماذا ستعمل الحكومة إزاء هذا الموضوع وما هي ردود أفعال مجلس النواب الذي أضاف المادة 71 في موازنة 2023 وربما سيكون للمحكمة الاتحادية رأيا بخصوص التزام المواعيد .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat