كلُّ شيء يمكن أن يخضع للدين ويأتمر بأوامر رجاله ويسير تحت مظلّته وغطاءه الشرعي ، الا الجّاه والمناصب الدنيوية العالية في مجتمعاتها ، فإنها آخر ما يستسلم للدعوات الالهية وأوّل مَن يُثير المشاكل ويضع العراقيل في مسيرة الانبياء والائمة والمصلحين ..
وهذا أسُّ مشاكل الخط الرسالي على طول مساره التاريخي ، فهم في مواجهة مستمرّة مع سادة ورؤساء الشعوب التي بُعثوا لها ومَن حولهم من ذوي المنزلة الاجتماعية وأصحاب الجاه والقوة والمال .. ( وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠ ) الأحزاب ٦٧
وهذا ما واجههُ رسول الله صلى الله عليه واله وأهل بيته عليهم السلام والإسلام عامّة منذ البعثة المباركة وحتى يومنا هذا . فمقولات ( لا تجتمع النبوّة والخلافة في بيت واحد ) و ( منّا أمير ومنكم أمير ) و ( تلقفوها يا ال ابي سفيان تلقف الكرة ) وأمثالها كانت العُقَد الباطنية وراء كل مواجهة وانقلاب على الأعقاب تعرّض له الاسلام .
ولهذا حرصَ القرآن الكريم على التعرّض لقصص وأحداث ما حصل بين بعض الانبياء وطغاة مجتمعاتهم التي بُعثوا لها ، باعتبارها أكبر المشاكل وفي تفاصيلها تكمن الحلول ، بل أوّل الحلول ربما ، فيخاطب الله تعالى نبيه موسى ( اذهب الى فرعون أنه طغى ) كمنطلق وباكورة لعمله ورسالته ..
فلا وجه اذن لمن يعيب علينا نحن المسلمون واتباع مدرسة أهل البيت ؏ خاصة عندما نقوم بالتركيز على هذه الزاوية من مساحة التاريخ في كل مناسبة إسلامية ونستعرض من خلالها سيرة ومعاناة ومصائب النبي وأهل بيته مع رؤوس الكفر والنفاق وقادة الظلم والطغيان ، ففي هذه الصفحات التاريخية بالذات تكمن مشاكل الدين وتُستنتج حلولها ..
فإذا أردنا اختصار بعثة الأنبياء والائمة وتلخيص رسالاتهم وحياتهم نقول ما قاله تعالى ( وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَيۡهِ ٱلضَّلَٰلَةُۚ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ ) النحل ٣٦
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat