التغرير
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

سألت مرة أحد الفضلاء ممن أثق في دينهِ وعلمه السؤال التالي : أنا أستمع لدروس بعض أساتذة الحوزة عن طريق التسجيل ، فهل يحق لي أن أعدّهم من أساتذتي ..؟ فقال : ( مصطلح الأستذة والتلمذة منصرف إلى الحضور الخارجي ، لا الإستفادة الإلكترونيّة ؛ فإذا ادّعيت أنّني من تلامذة السيّد الخوئي لأنني حضرت الدورة إلكترونيًّا ففي ذلك تغرير ) . لم يغب عن ذهني هذا الجواب وخاصةً عبارة ( ففي ذلك تغرير ) وتعلّمت منه الكثير في تطبيقات هذا الموضوع الحساس ..

يُقال : غرّهُ يغرّهُ غرورا ، خدعهُ ، وأطمعهُ بالباطل ..

التغرير من الموضوعات المهمّة في حياة الإنسان بكافة جوانبها وتفاصيلها ، وقد تناولَتهُ القوانين الوضعية والسماوية لأهمّيته وخطورة النتائج المترتبة عليه .. يقول أحمد شوقي :

إِنّ الغرورَ إِذا تملَّكَ أمةً × كالزهرِ يخفي الموتَ وهو زؤامُ

ويقول تعالى ( وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ) - الزخرف ٣٣- أي لولا تغرير الناس وإطماعهم بالكفر لجعل الله لبيوت الكافرين سقفاً من فضة .. تعجيلاً لهم بالحسنات لتبقى الآخرة للمتقين ..!

وربما نعيش في كل يوم حالة أو أكثر من حالات التغرير ، بعضها نستطيع تجاوزه بسهولة لوضوحه وجلاء أمره ، بينما يكون في بعض الحالات خفيّاً ودقيقاً لا يّكتشف إلا بعد فوات الآوان والوقوع في المحذور ..

ولهذا فإن الغرور من أسماء وصفات الشيطان عليه لعائن الله ، فهو سلاحه القاطع الذي يغري به الإنسان لارتكاب المعاصي والوقوع في الآثام ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) النساء ١٢٠

وقبل فترة حاول أحد المسؤولين تطبيق قرار معين وبأثر رجعي ، مما يعود سلباً على بعض الأشخاص .. فقلت له هذا لا يجوز لأنه نوع تغرير بالمقابل الذي تصرّف وعمل على أساس عدم وجود هكذا قرار ، فكأنما صنعنا له مصيَّدة .. فاقتنع بالفكرة بحمد الله ..

الموضوع السابق الأقنعة السياسية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat