الكلمة نور وأهل البيت جسور
د. طالب هاشم بدن 

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

     الاستاذ الدكتور صدام فهد الاسدي استاذ متمرس في الادب الحديث ، تدريسي سابق في كلية التربية للعلوم الانسانية ، كتب عدداً كبيراً من الدواوين الشعرية بحق أهل بيت النبوة واخرها نتاجه الثقافي الادبي المعرفي (أهل البيت القوافي ) . 
يقول الامام الصادق عليه الصلاة والسلام  ( من قال فينا بيتاً من الشعر أهل البيت ضمنا له الجنة ) . 
إن المتطلع والمتابع لنتاج الدكتور الاسدي يلاحظ لا يوجد قصيدة واحدة في حياته إلا وفيها ذكر أهل البيت ناهيك على انه يوصي أولاده وطلابه أن يكتبوا على قبره ( اطال الله بعمره ) المقولة التالية ( إني قسمت العمر بين أثنين الله ربي أولاً وحسيني ) .  
غير إن تعلقه وشغفه بحب اهل بيت النبوة اخذ من شعره مكانة كبيرة وصار ينسج عبر خياله الخصب عبر أبيات شعرية صاغها بأسلوب جميل وذائقة حسية عالية ؛ على وفق بحور شعرية اتخذت البحر الطويل إلى البحر المتدارك وهو السادس عشر بوصفه منهجاً خاصاً لمدرسي اللغة العربية ، إذ يرى المتلقي ان الرسول البحر الطويل المديد والامام علي البسيط والزهراء وزينب الحوراء والعباس عليهم السلام  ،وهكذا أهل البيت الاكارم.
امتزجت ثقافته الواسعة بلغة عميقة ايقاعيتها شعراً  وقافيتها كلمة موزونة استمد طاقته الايجابية من حبه الشاخص للعترة الطاهرة ، تابعاً لنهجهم عارفاً بحقهم مطيعاً لتعاليمهم سائراً على طريقهم الامر الذي أضفى على روحه عبق عطر الحرف وجزالة الاسلوب الذي يستشعره المتلقي الحذق في شعره الخفيف على النفس والاذن لما له من موسيقى دلالية عبر الكلمة ببحورها المتنوعة . 
أن من جماليات الاسلوب الادبي ان يخوض المثقف غمار رؤى مجتمعة ويغوص في ثنايا افكارهم وينسج من خياله روابط عميقة شفافة يوظف من خلالها مادته الخصبة بلغة علمية ونظرة ثاقبة وطرائق تفيد المجتمع علميا وعقليا وفكريا ، وهذا اللون المائز في شعر اديبنا الاسدي عند قراءة دواوينه بتمعن ودراية والتطرق الى فضائل وكرامات واخلاق اهل بيت النبوة ، وهذا ناجم من حبه لتلك السير العطرة ، الامر الذي جعل له خصوصيته عنده وفيه لما فيها من مديح ورثاء ضمنّها في ديوانه الحالي وقصائده السابقة .
تميز ديوان (أهل البيت القوافي ) في التفاتة مهمة وضعها شاعرنا بصورة قصدية أراد من خلالها إخبار المتلقي والقارئ العليم بما لديه من فراسة وقدرة على الاكتشاف وهذه الخصوصية هي إنه بدأ ديوانه بشكل متسلسل مستعملاً حروف العربية على نسق متتابع ، إذ انه بدأ بالهمزة وانتهى بالياء على وفق نمط لغوي نحوي فصيح وطوّع أحرف ابيات قصائده ببحورها ، فأول البحر همزته الصلاة على محمد وآل محمد يسرد بلغة محبوكة شعراً جدائلها يذكر من صفات اهل بيت الرسول عظيمها وعظيم فضل صلاتها . ومثل هذا الفن لا يملكه إلا من وسعت مداركه وقويت قريحته الشعرية وذائقته في اختيار اللفظ المناسب والكلمة الصائبة في مكانها عن طريق صقل الجمل شعراً . 
يقول الاديب والكاتب المصري ( عبد الرحمن الشرقاوي ) في مسرحيتيه ( الحسين ثائراً والحسين شهيداً ) " الكلمة نور وبعض الكلمات قبور ". إذ ان في هذا المضمون دلالة مهمة عن القول ان الشعر في آل بيت النبوة نور وعلى الكفار حجر سجيل وقبور . ولو وضعنا فرضية ان مثل هكذا ملفوظ شعري تسلسل في ذكر شخصيات أرخها التاريخ تناوله المتلقي بعيداً عن الاسلام مثلاً  ، لا يعرف عن أهل بيت النبوة شيء ماذا يحدث ؟؟.  من المؤكد ان القارئ الفطن الذي يتمتع بالنباهة والحذق سيبحث عن تلك الاسماء ويحاول التعرف على مناقبهم وأفضالهم على بني البشر أجمع ، وبذلك يكون قد حقق ديوان شاعرنا هدفاً مهماً وسامِ يتجلى في  الكشف عن تاريخانية الاثر الادبي ضمن سياقه التاريخي مع التركيز على التاريخ الادبي والثقافي ، بالمقابل يعزز الانفتاح على نبش تاريخ الافكار عبر التطور التاريخي والثقافي وقراءة النصوص والخطابات التاريخية بوصفه انتج ظاهرة القراءة المعاصرة الجديدة للنص الديني والتراث الاسلامي والغوص في ثناياه واظهار البعد التاريخي وأهميته ، غير ان التاريخانيين العرب يعتقدون انه من الضرورة التمسك بتاريخية البنى الاجتماعية والفكرية والدينية والتأكيد على انها وجدت بفعل الانسان نتيجة التطور التاريخي السابق ومن ثم دراسة شخصيات تاريخية كانت فاعلة ومؤثرة في المجتمع آنذاك.
يعد المفكر والمؤرخ المغربي عبد الله العروي من دعاة تبني الحداثة الغربية كقيمة انسانية إذ يقول ( ان التاريخانية موقف اخلاقي يرى في التاريخ بصفته مجموعة الوقائع الانسانية مخبراً للاخلاق وبالتالي للسياسة ، لا يعنى التاريخاني بالحقيقة بقدر ما يعنى بالسلوك ، بوقفة الفرد بين الابطال ، التاريخ في نظره ، وهو معرفة عملية أولاً وأخيراً ) . ( عبد الله العروي : ثقافتنا في ضوء التاريخ ، ط2 ، 1988، ص16) . وهذا ما قصده وسار على توثيقه كاتبنا واديبنا (الاسدي ) وهو هدف تربوي تعليمي يراد به نشر ثقافة واسعة للتعريف والتعرّف بمناقب ومزايا اهل البيت عليهم السلام ، إذ إنصب ثقل الاديب الاسدي في ديوانه على بلورة تلك الافكار بصيغ شعرية جميلة منمقة وذات معانِ سامية ، الامر الذي يحيلنا الى ما جسده الكاتب الروائي والاديب اللبناني ( جرجي زيدان ) في كتابة الرواية التاريخية بأسلوب سلسل اطلق عليه ( سلسلة روايات تاريخ الاسلام ) تناول فيها روايات تاريخ الاسلام على وفق بناء حبكي ادخل من خلاله التاريخ الجاف بأسلوب روائي فيه اثارة وتشويق للمتلقي مع الاحتفاظ بالحقيقة التاريخية والمعلومة المهمة ، ما جعل من الشعب العربي يقبل على نهم الحدث التاريخي بأسلوب ادبي جديد بعيدا عن الاسلوب المنهجي التعليمي في تلقي المعلومة التاريخية وصار بأمكان طالب العلم تلقي المعلومة والاطلاع على تاريخ الاسلام بأسلوب ومغامرات جديد حملت صفة التميز والابداع ورسمت ملامح مهمة في تحول الجنس الادبي . 
ان شاعرنا سلط الضوء على حقبة مهمة في  التاريخ الاسلامي وما شكله من تحول كبير في حرية وحياة الشعوب التي تأبى الركون للظلم والعبودية وخير مثال هم الائمة الاثنا عشر الذين ضمنهم في ديوانه شعراً وعلى وفق تسلسلهم التاريخي على شكل ابيات بمعان ثرية ولغة غنية بالملفوظ الثقافي. فلو اخذنا من ديوانه حرف الراء مثلا . 
يقول في احد ابياته ( ان تصلي على محمد وآل محمد    فتحت أعين وتحكم الاقدار ) ومن الملاحظ ان كل ابيات الديوان جاء فيها صدر البيت بالصلاة على محمد وال محمد ومن ثم يأتي العجز منسجماً ومتساوقاً مع حرف الروي الذي يطابق الاحرف الهجائية التي نظمت . 
اذ ان القارئ حصل من قراءة ديوان اهل البيت القوافي اجر الصلاة على محمد عبر تلفظ الصلوات وفيها سكينة الروح والجسد لما حمله من ذكر يفيد المجتمع . 
صلينا مرارا وتكراراً 
وكسبنا من الثواب اجارا 
ولم نفرغ من بيت إلا 
زدنا في النفوس سكينة واستقرارا 
فيه اطمأنت قلوبنا وراحت
 تغفوا بحب ال بيت النبوة قرارا 
وكان لفائدتنا علماً وثقافة معرفة 
ما قيل من جميل الحرف اشعارا 
وسفر جال بصوت شاعر 
تواضع بذل طالبٍ استغفارا 
هو الاسدي ... واسمه معرفة 
ينسج لؤلؤا في الذكر 
ومحبة ال بيت النبي الاطهارا


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د. طالب هاشم بدن 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/26



كتابة تعليق لموضوع : الكلمة نور وأهل البيت جسور
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net