صفحة الكاتب : بكر ابوبكر

علم فلسطين مازال يرفرف في حوارة  
بكر ابوبكر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بلدة حوارة الصامدة قرب مدينة نابلس امتلأت بالفخر والكرامة، ورائحة البطولة لمقاومتها الباسلة المستمرة، فهي البلدة التي دأبت بشكل متكرر على رفع علم فلسطين بإباء ضد دوريات الاحتلال  التي تواصل اقتحام وسط البلدة، واقتحام شارعها الحيوي لإزالة الإعلام الفلسطينية، ولترويع المواطنين والاعتداء عليهم، والاعتداء على ممتلكاتهم ومحلاتهم.

بلدة حوارة التي يشكل شارعها الرئيسي رئة جنين-نابلس-رام الله-القدس، تواصل مقاومتها بالصدور العارية في وجه المعتدين من الجيش، ومن المستعمرين الإرهابيين، كما الحال من جاراتها الصامدة قرى (بيتا) و(قصرة) و(برقة) وغيرها، بالإضافة الى مدينة نابلس ذاتها.

تحولت حوارة "ليلة الحريق الكبير" الى مسرح مفتوح للأعمال الإجرامية والإرهابية التي قام بها المستعمرون وعصاباتهم بدعم وحماية قوات جيش الاحتلال، وبتشجيع مَن يتسمون بقادة "مجالس المستوطنات" في شمال الضفة الغربية، بالإضافة الى فتاوى الحاخامات المتطرفين الذين يقيمون في المستعمرات على أرضنا حول نابلس.

تصدى أبطال حوارة والمناضلون من جميع القرى المجاورة لهجوم المستعمرين المدعومين من الجيش الحامي، فلم يتوانى كل فلسطيني وأساسًا من أبطال حركة فتح، وغيرها إلا وقَدِم للدفاع عن البلدة ضد الاعتداءات الوحشية الرهيبة التي دمّرت الكثير، وجرحت وقتلت. ولكن أبناء البلدة والأبطال من كل مكان سجّلوا بأحرف من نور قدرة المقاومة الشعبية في صدّ العنصريين الإرهابيين واعتداءاتهم على الأهالي رغم الثمن الباهظ.

 تبني وزراء في الحكومة الصهيونية هذه الأعمال الإجرامية الإرهابية فرحين ومحرضين على المزيد، وتجاوز بعضهم للحدود "الاخلاقية" المصطنعة لديهم، وتجاوزوا الخطوط الحمراء بالدعوة النازية الى محو هذه البلدة من الوجود، وممارسة ذلك فعليًا، استكمالًا لما كان من محو أكثر من 500 قرية من قبل العصابات الصهيونية إبان النكبة عام 1948.

لم يكن هذا العمل الإجرامي، في حوارة جديدًا على الإسرائيلي فلقد كان الطرد قائمًا في فكر وممارسات "بن غوريون"، كما هو في فكر "جابوتنسكي" الذي حاول تبرير طرد العرب "أخلاقيًاً"! ليقيم دولة اليهود نظيفة! في فلسطين والأردن معًا حين رفع شعاره القائل أن نهر الأردن يقسم البلاد الى شرق وغرب موضحًا أن هذه لنا وهذه لنا! يقصد فلسطين والأردن معًا، لتصبح سياسة المستعمرين للضفة اليوم استكمالًا لهذه السياسة وإن بشكل مقلّص جغرافيًا بأن هذه لنا أي الداخل، وهذه لنا أي الضفة .

إن دعوة الإرهابي الوزير في وزارة الجيش ووزير المالية "بتسلئيل سموتريتش" الشخصية المليئة بالحقد والأدلجة والعنصرية، ونواب في الكنيست يمثلون حزب بن غفير أمثال "تسفيكا فوغل"، و"ميليخ" الى محو بلدة حوارة  من الوجود، تمثل دلالة واضحة على ما ينتظر الفلسطينيين عاجلًا او آجلًا حيث تتكشف حقيقة مخططات العقل الصهيوني اليميني، واليمين الديني المغرق في عنصريته وكرهه للعرب وبرامج طردهم، ومنع استقلال دولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والتاريخي والقانوني. 

إن الهدف لغزوة حوارة لم يكن فقط  تخويف وترويع الفلسطينيين، بقدر ما كان أيضًا تدريبا وتمرينا حيًا لما هو قادم كما يحلم  اليمين الديني والصهيوني الحاكم، ولما يأمله المستعمرون (المستوطنون) وزعماؤهم من أصحاب السوابق الارهابية الساعين بقوة لإقامة دولة المستعمرين في الضفة الغربية.

في عمل وحشي غير مسبوق هاجمت عصابات المستعمرين/المستوطنين من المستعمرات والبؤر الاستعمارية المقامة على أراضينا في منطقة جنوب نابلس ، بلدة حوارة في ليلة دامية شُبّهت بليلة "الكريستال" الألمانية النازية ضد اليهود الألمان، على الطريقة الاسرائيلية .

ما جرى في هذه البلدة البطلة (26-27/2/2023م) جاء في سياق تحريض عنصري فاشي واضح من الوزراء سموتريتش وبن غفير، ومن نائب رئيس ما يعرف بالمجلس الإقليمي"شومرون" الاستيطاني "دافيدي بن تسيون" ، الذي دعا، قبيل ساعات من جريمة إحراق البيوت والمحلات  والسيارات في تغريدة في حسابه على  تويتر لـ "محو حوارة من الوجود اليوم قبل الغد"، واستعادة الردع فوراً حيث لا مكان للرحمة" كما قال. قابله  "سموتريتش" اليميني المؤدلج بإعجاب واتبعه بعد أيام بدعوة مباشرة لمحو البلدة من الوجود

كما يذكر تقرير الاستيطان الأسبوعي الصادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض بداية شهر مارس عام 2023م، فإن: الهجوم الارهابي على حوارة والقرى المجاورة لها، جنوب نابلس كان بحماية جنود الاحتلال، الذين سهلوا على المستوطنين اقتحامهم وتنفيذ اعتداءاتهم، حيث أغلقت قوات الاحتلال الحواجز المحيطة بمدينة نابلس، ومنعت المواطنين من المرور عبرها في كلا الاتجاهين، واحتجزتهم ، وأطلقت قنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع صوبهم، ما اسفر عن استشهاد الشاب سامح حمد الله محمود أقطش (37 عاماً) من قرية زعترة القريبة جراء إصابته بالرصاص الحي وإصابة أكثر من 390 آخرين وحرق أكثر من 30 منزلا وأكثر من 100  مركبة.

"غني عن البيان أن حرق المساجد والكنائس والمنازل الفلسطينية، هي جزء أصيل من العمل الإرهابي الذي مارسته عصابات المستوطنين ضد أهلنا ومقدساتنا على جانبي الخط الأخضر، ابتداء من محاولة إحراق المسجد الأقصى مرورا بحرق كنيسة "الخبز والسمك" في طبرية، وانتهاء بحرق جثة الطفل محمد أبو خضير بعد قتله، وإحراق عائلة دوابشة الفلسطينية داخل بيتها في قرية دوما-نابلس، شمالي الضفة" كما أشار الكاتب سليمان أبوإرشيد بمقاله.

"سموتريش" الشخصية المركزية في أحداث الضفة الغربية، ولربما يرى بنفسه الحاكم الفعلي أو ما يشبه المندوب السامي فيها كان في الكنيست عام 2016م قال مخاطبا أحمد الطيبي بعنصرية وفاشية يهودية: "إنكم لا تنجحون بإمتحان البسيخومتري (امتحان القبول للجامعة). الأميون عندكم يستولون على المقاعد الدراسية في الجامعات. أظهر لي عربيا واحدا مر بإمتحان بسيخومتري عند دخوله الجامعة"؟!

وقالت زوجته الارهابية المتعصبة أيضًا للقناة العاشرة أثناء ولادتها أنها "طردت طبيب مولد من غرفة [الولادة]. أريد أيدي يهودية أن تلمس طفلي، ولم أشعر بالراحة بالإستلقاء بالغرفة ذاتها مع امرأة عربية. أنا أرفض التعامل مع مولدة عربية، لأن الولادة بالنسبة لي هي لحظة يهودية وطاهرة".

يقول الكاتب وليد حباس في توضيحه لدور المتطرف "سموتريش" أن: السيناريو المتوقع خلال العامين 2023-2024، هو أن الصهيونية الدينية ستتمكن، وبشكل زاحف، من السيطرة على كل الأقسام والدوائر التي تعنى بتوسيع الاستيطان داخل الإدارة المدنية (بالضفة). وقد لا تسعى إلى توسيع الوحدات الاستيطانية بشكل واضح، وإنما إلى فرض المشاريع والمخططات التي قد تغير شكل الضفة الغربية مستقبلا (وليس خلال العامين التاليين)، وتبقى نافذة حتى في حال انهيار الائتلاف الحكومي الحالي.

إن صمود بلدة حوارة-كما حال عديد المناطق في كل فلسطين- رغم "ليلة الحريق الكبير" هو نموذج على فاشية الحكومة الحالية ومتطرفيها المستعمرين من جهة، وهي نموذج أيضًا لما يمكن أن يفعله الفلسطينيون بصدورهم العارية رغم النزيف المادي، وهو نموذج على ما يمكن به أن يغيّر الفلسطينيون بالميدان المعادلة السياسية المتراجعة الى الخلف. وستظل حوارة وكل مدن وبلدات فلسطين ترفع علم فلسطين عاليًا بكل فخر وإباء وعزة، وما الدعوات العنصرية والفاشية الإسرائيلية الا هاوية يلقي فيها المتطرفون أنفسهم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بكر ابوبكر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/14



كتابة تعليق لموضوع : علم فلسطين مازال يرفرف في حوارة  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net