صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

الشهيد سليماني وحرب حزيران 2006 (الحلقة الاخيرة) 
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مجريات المعركة
نفذ حزب الله عمليته البطولية وقام بمهاجمة عجلة عسكرية جرح فيها جنديان للعدو وتم اخلاءهما الى داخل الاراضي اللبنانية وتم اخفاء اثرهما قبل ان تتمكن قوات العدو الصهيوني من الوصول الى منطقة العمليات.
كما قام حزب الله بنشر قواته في كافة المناطق اللبنانية بحيث تحولت كل المنطقة الى ساحة للدفاع في وجه اسرائيل.
في اللحظات الاولى لشن اسرائيل الحرب على لبنان قام الطيران الاسرائيلي بقصف جميع الاهداف التي عينها سابقا لتدمير القوة الصاروخية ومخازن العتاد والسلاح التي تعود لحزب الله كما شن حملة لقصف مواقع حزب الله الاخرى لتحقيق هزيمة نفسية لدى اتباع الحزب والحاضنة الشيعية، وبعد القصف الجوي والمدفعي شنت قواته هجوما بريا لاكتساح الجنوب اللبناني الا ان القوات الاسرائيلية فشلت في اختراق دفاعات حزب الله، الشيئ الذي لم يتوقعه حزب الله هو ان تشن اسرائيل حربا بهذه الضخامة لاجل تحرير جنديين من جنودها – لان قيادة حزب الله لم تكن تعلم بالنية المبيتة لدى اسرائيل لشن حرب ابادة في الجنوب اللبناني – كما ان القيادة الاسرائيلية لم تتكن تتوقع اتخاذ حزب الله قراراً  بمنع القوات الاسرائيلية من تدنيس الارض في الجنوب اللبناني.
وكلما كانت اسرائيل تفشل في تحقيق اهدافها في اقتحام الاراضي اللبنانية كانت تزداد شدة القصف الجوي والمدفعي ضمن برنامج كان يهدف الى اجبار الشيعة على النزوح من اراضيهم، حاول الجيش الاسرائيلي الالتفاف على وادي الليطاني لغرض تحقيق هدفه في احتلال الجنوب اللبناني ونقل اللبنانيين كاسرى حرب الى المخيمات التي اعدها لهذا الغرض الا انه فشل في ذلك ايضاً.
ومن ضمن الخطة الهجومية للكيان الصهيوني قطع خطوط الامداد البرية للجنوب اللبناني حيث ان الطريق الوحيد الذي يوصل بين مناطق لبنان والجنوب كان الطريق الساحلي، فارسلت اسرائيل ثلاثة من سفنها الحربية لإمطار الطريق الرابط بين الجنوب ومناطق لبنان الاخرى بحمم من القذائف تمنع حركة السيارات والاليات الاخرى.
في تلك المرحلة من الحرب اعلنت اسرائيل انها دمرت ترسانة الصورايخ التي لدى حزب الله، حيث انها ضربت جميع الاهداف التي تم تحديدها في وقت سابق لدى قيادة العدو، ولكن المفاجئة الكبرى لإسرائيل كانت بقيام حزب الله بقصف الداخل الاسرائيلي بالصواريخ بعد اعلانها شل القوة الصاروخية للحزب، وكان كلما اعلنت اسرائيل استهدافها لصواريخ حزب الله كانت صواريخ حزب الله تمطر فلسطين المحتلة بالصواريخ الامر الذي هز ثقة الداخل الاسرائيلي بقيادته وهز ثقة الجنود بقيادتها العسكرية.
كلما طالت الحرب كلما كان الطيران والمدفعية الاسرائيلية تشتد في قصف المناطق الشيعية في لبنان وبوحشية منقطعة النظير، وكان حزب الله يقوم برد فعل فقط من خلال امطار الداخل الاسرائيلي بصواريخه.
في تلك الفترة عمدت اسرائيل الى اللجوء الى الحرب النفسية، بعد ان رأت الصمود الكبير الذي واجه به حزب الله العدوان الصهيوني بحيث افشل تقدم القوات الاسرائيلية البري على الرغم من التفوق التقني الاسرائيلي وتفوقها في سلاح الجو، الذي كانت معه عمليات القصف الصاروخي التي يقوم بها ابطال حزب الله تتم في ظروف شديدة الخطورة.
اشاع الاسرائيليون ان السيد حسن نصر الله جرح في المعركة، واخذت هذه الاشاعة اثرها في بلبلة الوضع في صفوف مقاتلي حزب الله ومؤيديهم اضافة الى تحريك الشارع لتوجيه اللوم لحزب الله لأسره للجنديين الاسرائيليين الذي نتج عنه الهجوم الاسرائيلي الكاسح ضد المنطقة الشيعية.
كان لابد لقيادة حزب الله ان تعمل على الجبهتين الاعلامية والعسكرية معاً، اعلامياً نشر حزب الله بين افراده - واوصلها الى الجميع حتى من كان في الخطوط الامامية - ان اسرائيل كانت تنوي الهجوم على حزب الله وان هذه العملية جعلتها تخوض المعركة قبل اوانها وان خوض اسرائيل للحرب في هذا التوقيت افقدها عامل المباغتة، وبهذا تمكنت الماكنة الاعلامية لحزب الله من تخفيف الهجمة الاعلامية التي استهدفت انصار المقاومة وقللت من تأثير شحن الجماهير ضد حزب الله، كما ان نشر خبر ان هذه المعركة كمعركة الخندق وان النصر سيكون حليف حزب الله وانها ستكون معركة فاصلة يعيش بعدها ابناء حزب الله مرفوعي الرؤوس كان لها دورها المهم في منح المقاتلين وانصار المقاومة شحنة من الطاقة لتحمل صعاب المعركة غير المتكافئة من حيث العدد والعدة والتقنيات العسكرية والاستخبارية، كما ان ترسيخ الترابط الروحي بين العبد وربه بترديد دعاء الجوشن الكبير كان له كبير الاثر في رفع المعنويات الروحية وخوض الصعوبات في سبيل تحقيق النصر على العدو الباغي بالصبر والاستقامة، وفي النهاية التصدي للدعاية التي استهدفت افراد حزب الله وانصاره على حد سواء حيث اشاع الاسرائيليون ان السيد نصر الله جرح في الحرب، وكان مقترح الشهيد عماد مغنية ان يُبث خطاب للسيد نصر لغرض نشر الطمأنينة في النفوس وافشال الدعاية الاسرائيلية، وفي نفس الوقت في الساحة الميدانية غيرت قيادة حزب الله موقعها في الحرب من الدفاع الى الهجوم فأدخلت صواريخ الكورنيت لأول مرة في الصراع مع اسرائيل، فتم استهداف عدة مصفحات اسرائيلية وتدمير احدى السفن الحربية واسقاط مروحية اسرائيلية.
كانت الحرب التي خاضها حزب الله ضد اسرائيل في 33 يوما نقلة نوعية في الواقع الامني والسياسي والعسكري، حيث هزم حزب الله الكيان الصهيوني هزيمة نكراء فكانت تلك الهزيمة الثانية لإسرائيل امام حزب الله، ولم تقف نتائج هذه الهزيمة عند الحدود اللبنانية الاسرائيلية بل انتقلت الى عمق الشخصية الاسرائيلية وادت الى زعزعة الاستقرار النفسي في القوات الاسرائيلية التي شارفت على الانهيار بعد الضربات الموجعة التي تلقتها على ايدي ابطال حزب الله، فتدمير سفينة حربية ومصفحات بالاضافة الى اسقاط طائرة هليكوبتر وفشل القوات البرية من اقتحام دفاعات حزب الله على الرغم من التغطية الكثيفة لنيران الكيان الصهيوني المدفعية والجوية مثلت رسائل سلبية الى الوسط الاسرائيلي كشفت عن فشل اسرائيل في تحقيق اي تقدم على الارض وفشلها في تحقيق اي هدف من اهدافها التي رسمتها للقضاء على المقاومة اللبنانية.
اسرائيل تستجدي وقف الحرب
ينقل الشهيد سليماني عن امير قطر حمد بن خليفة ال ثاني - الذي رفضت اسرائيل وساطة سابقة له في وقف الحرب - انه كان في مقر الامم المتحدة وانه كان متوجها الى مقر استراحته فجاءه اتصال من سفير امريكا في الامم المتحدة يطلب منه الحضور فوراً، فلما وصل هناك وجد سفير اسرائيل في الامم المتحدة يتحرك باضطراب ذاهباً وجائياً وفور رؤيته للامير حمد طلب منه التحرك فوراً لوقف اطلاق النار، فلما سأله عن السبب مع انه كان يرفض بشدة وقف اطلاق النار فاجابه ان الجيش الاسرائيلي منهار تماما واذا لم يتم اطلاق وقف النار فان الجيش الاسرائيلي لن يبقى له وجود.
الخاتمة 
مثلت الحرب بين حزب الله والكيان الصهيوني منعطفا جديدا في الصراع في المنطقة حيث كان من نتائجها:
1-  زوال اسطورة الجيش الذي لا يقهر، وتحطمت اسطورة التفوق الاسرائيلي والانحدار العربي والاسلامي.
2-  تأكد للشعب اللبناني وشعوب المنطقة انها قادرة على الصمود وان كانت بمفردها في المواجهة.
3-  تطورت على اثر انتصارات حزب الله اساليب المقاومة ضد الطغاة الظالمين فتطور التصدي الفلسطيني بعد الانعتاق من هيمنة الدول العربية من انتفاضة الحجارة الى استخدام الصواريخ في الصراع الفلسطيني الصهيوني على يد حماس وحركة الجهاد، فضلا عن تطور الصراع بين انصار الله وجبهة العدوان.
4-  انهيار الجبهة الاسرائيلية بشكل لم يسبق له مثيل بحيث اصبحت تستجدي تدخل قطر للوساطة لايقاف اطلاق النار، لان الحرب اذا استمرت سوف ينهار الجيش الاسرائيلي تماما.
5-  ايقنت اسرائيل انها غير قادرة على تحقيق مكاسب عسكرية اكبر على الارض ولذا حركت لوبيها في امريكا لطرح مسألة صفقة القرن، وعملت على توسيع دائرة الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني، لتحقيق عدة اهداف في وقت واحد، الاول ان تكون في الخطوط الامامية في مواجهة ايران التي تمثل الدور المحوري لمحور المقاومة، الثاني نقل الفلسطينيين الى الدول المطبعة وانهاء مسالة حق العودة لمهجري 1948، الثالث فتح الاسواق الخليجية امام البضائع الاسرائيلية، الرابع ايجاد سوق عمل للعمالة الاسرائيلية اذ لم تعد الارض المحتلة تفي بحاجات المهاجرين الجدد والزيادة السكانية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/02/07



كتابة تعليق لموضوع : الشهيد سليماني وحرب حزيران 2006 (الحلقة الاخيرة) 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net