صفحة الكاتب : هشام الهبيشان

الأردن يغلي على صفيح ساخن ... ماذا عن أحداث معان !؟
هشام الهبيشان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

حملت مجموعة الأحداث والأضرابات التي جرت تفاصيلها ووقائعها مؤخراً “بمحافظة معان التي تقع بجنوب الأردن وهي اكبر المحافظات الأردنية مساحة والمحاذية للحدود السعودية جنوباً ” مجموعة من التاؤيلات والتحليلات على مستوى الشارع الأردني بشكل خاص وعلى مستوى وسائل الإعلام العربية والإعلامية بشكل عام،تفاصيل وحقائق هذه التاؤيلات والتحليلات التي حملتها ونقلتها بعض وسائل الإعلام بشقيها المحلي والخارجي عن مضمون وسياق الأحداث التي جرت بالمحافظة قد تكون قد خرجت عن سياقها المهني والإعلامي ،فقد تم تصوير الحدث بطريقة سلبية جداً ،وقد تعاطت بعض وسائل الإعلام وللأسف مع الحدث وكأنه عباره عن صراع داخلي بين قوى محلية عشائرية واهلية ومجتمعية وبين الدولة الأردنية ممثلة بركنها السياسي و الأمني ،وهذا خطأ كبير واعتقد انه مقصود من قبل بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية والأقليمية وحتى بعض الدولية ،والهدف هو قلب حقائق الواقع وتشويه صورة سكان محافظة معان ومحاولة الأساءة للأجهزة الأمنية والعسكرية بالأردن .

مجموع هذه الحقائق التي تحدثت عنها أعلاه عن تغطية بعض وسائل الاعلام السلبية لمجمل الحدث بمحافظة معان ،والتعاطي السلبي من قبل بعض هذه الوسائل الإعلامية مع مجمل الحقائق الظاهرة للعيان بالمحافظة يحتم علينا اليوم كمتابعين لمجمل وتفاصيل الحدث ان نتحدث من منظور ومفهوم وقاعدة “ان اهل مكة أدرى بشعابها ” ومن هنا سنتحدث وبتفصيل عن الشق التفصيلي لما جرى بالمدينة من احداث ، لدحض بعض الروايات والأخبار المفبركة التي حملتها بعض وسائل الإعلام والصحف الصفراء والأقلام المأجورة عن الحدث بمحافظة معان وبحيادية مطلقة .

اليوم لن نخوض بتفاصيل وتجليات وقراءات تاريخية عن مجمل الأحداث التي عاشتها وعاصرتها محافظة معان فـ معان تاريخها يتحدث عنها وعن اهلها الطيب الكرام ، رغم محاولة البعض ، ربط كل حدث يجري بالمحافظة بملف عام 1989، فـ المحافظة تعرضت لصورة مشوهة ومقصودة، والبعض صورها مدينة خارجة عن القانون ، وهذا غير صحيح بالمطلق ،رغم حدوث سلسلة من الاحداث المؤلمة التي عاشتها معان خلال السنوات الماضية نتيجة بعض حالات التمرد من قبل بعض الفئات القليلة جداً الخارجة عن القانون بالمدينة والتي اسفرت عن أحداث ماسأوية راح ضحيتها عدد من الشهداء من ضباط ومجندين الأجهزة الامنية وعدد أخر من المواطنين المدنيين ،وهذه الأحداث بمجملها لطالما استدعت حالة من الاستشراف لمستقبل معان من قبل بعض النخب الوطنية والقوى السياسية الرسمية والأهلية لوضع حد لهذه الفوضى التي عاشتها المدينة على مدى وطيلة أعوام خلت .

اليوم ،لايمكن أنكار حقيقة هامة ومضمونها ،أن معان حالها كحال معظم محافظات الأردن، تعيش بواقع مزري تهميشي اقصائي والتي تنتشر بين اكنافها وحواريها واحيائها وبلداتها ظواهر الفقر والبطالة والواقع المزري لكل تفاصيل الحياة والذي انتج بمجموعه حالات من التطرف والخروج عن السياق العام لمفهوم المواطنة الإيجابية بين بعض ابناء المحافظة وهم قلة وهذا يعكس بجملة ما يعكس حجم تقصير الحكومات الاردنية أتجاه هذه المدينة العريقة واهلها الطيب الكرام ،عموم هذه الملفات التي تعيشها معان ،يؤكد غياب الأدارة الناجحة لملفات المحافظة ،فـ الأدارة الناجحة يمكن أن تنقذ ما يمكن إنقاذه بالمبادرات والمتابعات، وهذا شيء شبه مفقود في إدارة أزمة معان عبر السنين للأسف .

 

هنا وبغض النظر عن أتفاقنا او أختلافنا مع السياسة التكتيكيه والعملياتيه التي نفذها أهالي معان من اضرابات لوسائل النقل أو أغلاق للمحال التجارية ،للتعبير عن مطالباتهم المحقة والمشروعة ، ولكن يبقى هناك مجموعة من الخطوط الحمراء التي تتفق عليها مجموعة وقاعدة شعبية واسعة من الاردنيين والتي لايسمح بتجاوزها أبداً ،أولى هذه الخطوط هوعدم السماح لأي شخص أو كيان أو تنظيم داخلي أو خارجي بالتعدي على هيبة الدولة الأردنية والاجهزة الأمنية والعسكرية لأنها جزء رئيسي وضامن حقيقي لهذه الهيبة ،فالتعدي على هيبة هذه الأجهزة الأمنية والعسكرية ومحاولة استفزازها وجرها إلى صدامات مع المجتمعات المحلية هو أمر مرفوض وهو تعدي على هيبة الدولة وهو بالنهاية تعدي على كل مواطن أردني منتمي لهذا الوطن فرجل الأمن بالأردن الملتزم بحدود القانون هو خط احمر ولايسمح بالتعدي عليه ،ثاني هذه الخطوط الحمراء هو عدم السماح لأي جهة محلية داخلية أو حتى خارجية تحاول تشويه صورة ابناء معان وغير ابناء مدينة معان او أي مدينة اخرى اليوم وتسعى لشيطنتهم ،فهذا الأمر مرفوض من مجمل القاعدة الشعبية والوطنية الأردنية ،فأبناء معان كما غيرهم من ابناء المدن الأردنية هم جزء رئيسي ومكون حضاري وتاريخي بمسيرة بناء الاردن الحديث ولهم مساهمات تاريخية وتضحيات كبرى قدموها للأردن وللأمة ،فـ المحافظة كانت مركز انطلاق للقيادة في تحقيق حلم الثورة العربية الكبرى في مطلع القرن الماضي ،وهنا لايسمح أبداً بمس أهل معان وتشويه صورتهم ومحاولة تشويه واقعهم فهذا أمر غير مقبول من معظم ابناء الشعب العربي الاردني ،فخروج مجموعة أو كيان محدود عن الأعراف الوطنية والأمنية المعتاد عليها بالأردن لا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيقه وتعميمه على جميع ابناء المحافظة الطيب الكرام.

وقبل الختام ،يجب التنويه هنا أن الحكومة الأردنية الحالية التي تعتبر من وجهة نظر خاصة هي واحدة من اسوأ الحكومات التي مرت بتاريخ الأردن الحديث من الناحية الأدارية للأزمات،وهي من وجهة نظر خاصة كذلك هي من تتحمل اليوم جزء وجزء كبير من التداعيات المستقبلية لما قد يجري بـ معان اليوم ،والذي سيمتد حتماً لكافة مناطق الأردن ،ولهذا يجب عليها اليوم ان تتحمل مسؤوليتها بهذا الأتجاه ،فالهروب الى الأمام من قضية احداث معان،هو يعكس بجملة ما يعكس ويؤكد ان الحكومة الحالية غير قادرة على تلبية وتحقيق استحقاقات المرحلة ،وهي غير قادرة وعاجزة حالياً على احتواء مجموعة هذه التحديات التي تواجهها اليوم ،وهذا مايدفعنا اليوم إلى التسأول، إلى متى سيبقى صانع ومتخذ القرار الأردني الرسمي يناور بهذه الحكومة ؟التي أوصلت الأردن وشعبه بسياساتها الأستعلائية والاقصائية التي ترفض الحوار والنقاش بمجمل الأزمات التي يعيشها الأردن اليوم ،وهذا ما أوصل بعض القوى الوطنية إلى طرق مسدودة للتواصل والحوار مع هذه الحكومة التي اكرر حديثي هنا واقول ومن وجهة نظر خاصة أنها واحدة من اسوأ الحكومات بتاريخ الأردن الحديث من الناحية الأدارية للأزمات.

اجزم اليوم،أن اغلب ابناء شعبنا العربي الأردني وعلى مختلف مستوياتهم يقفون مذهولين وهم يرون ويسمعون تعليقات مسؤولي "حكومة الخصاونة " ، على مجمل الوضع المعيشي للمواطن ،ما يجعلهم يشعرون بأن الخصاونة ومن معه ،بات بعيداً جداً عن حجم الاحباط والتحديات والمحددات والأزمات التي تواجه الوطن الأردني بمعظم من فيه بهذه المرحلة ، فهذه الأزمات أفرزت سياسة التهميش “الممنهجة والمقصودة” لقطاعٍ واسع منهم، بالاضافة إلى ظاهرة الإحباط والقبول به ،وهي أخطر ما يمكن أن يواجهه أي مجتمع أو دولة ،وهذه الظاهرة بدأت اليوم تطغى على حال طيف واسع من المجتمع الأردني وأخص فئة الشباب منه، نتيجة إفرازات الواقع المعاش ، وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية ، كنتيجة لإفرازات حجم الظلم والتهميش الذي تتعرضُ له طبقات مختلفة من المجتمع الأردني اليوم ، فاليوم يمكن القول بهذه المرحلة تحديداً، إن طيف واسع من المجتمع الأردني مازال يعيشُ بين أرث الماضي القريب الذي تميّز بعيشه بواقعٍ مرير، وهضم لكامل حقوقه، وبين حاضر وواقع مؤلم تمثل بنظريات الإقصاء والتهميش لقطاعٍ هام من نُخب المجتمع الأردني وتواكب هذا الشيء مع أزمات وظروفٍ خانقة، يعيشها المجتمع الأردني هذه الأيام.

ختاماً ،على جميع المتابعين داخل الأردن وخارجه ان يعلموا جيداً وأخص هنا بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية ،أن الأردن الدولة واقصد هنا منظومة الدولة الأردنية بركنها الشعبي والسياسي والأمني ،لايمكن بيوم من الأيام ان تستخدم أو تقبل بتعميم مفهوم الخيار الأمني كبديل عن الحوار والنقاش لحل أي قضية مهما أستعصت طرق حلها ولنا تجارب عدة بالأردن بهذا الأتجاه،فـ الأردن الدولة حسم منذ أمد خياراته الأستراتيجية للتعامل مع ملفات الداخل الأردني ،واعطى دائماً للحل السياسي الاصلاحي السلمي مجالاً واسعاً واولوية قصوى لاحتواء كل الأزمات المحلية الداخلية التي تواجه الأردن اليوم أو واجهته بالماضي القريب ، ولاننسى هنا أحداث 17 (نيسان) عام 1989 فيما عرف بـ«هبة نيسان»، التي حصلت بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبنزين، وكانت الشرارة التي هزت أركان البلاد وتدخل فيها الملك الراحل الحسين بن طلال وقال قولته المشهورة: «إن هذا من سمات الشعوب الحية»، ولاداعي هنا للتذكير بأن معان تلك المحافظة وأهلها كانت ومازالت وستبقى سنداً ومرتكزاً قوياً للدفاع عن الأردن ،ولن تكون بيوم من الأيام خاصرة رخوة لضعاف النفوس وأعدء الأردن للمس بأمن الأردن المجتمعي والأمني ،وأقول للبعض هنا يستحق الأردن منا اليوم أن نعترف أن الدولة الأردنية تعيش اليوم بكل مكوناتها بوضع خطير جداُ وبظواهر لايمكن أن يسكت عنها ،ولا يمكن لأي حر وشريف أن يسكت عنها ،لأن السكوت عنها بهذه المرحلة ، هو خطيئة وجريمة كبرى لاتغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله .

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هشام الهبيشان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/12/16



كتابة تعليق لموضوع : الأردن يغلي على صفيح ساخن ... ماذا عن أحداث معان !؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net