صفحة الكاتب : الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

على ضفاف الانتظار(7)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تالي الكتاب وترجمانه

من الصفاتِ التي وصِفَ بها الإمامُ المهدي (عجل الله فرجه) في زيارةِ آلِ ياسين، كونه تاليَ الكتابِ وترجمانه؛ إذ وردَ فيها: (السَّلامُ عَلَيْكَ يا تالِيَ كِتابِ الله وَتَرْجُمانَهُ)
أما معنى تالي الكتاب:
فمن الواضحِ أنّه ليس المقصودُ هو مُجرّدَ قراءةِ الكتابِ الكريم، إذ هذا غيرُ مُختصٍّ به (عجل الله فرجه)، وهو يحصلُ حتى من المُخالفين، بل والنواصب، إنّما المقصودُ هو التالي:
أولًا: ما وردَ في زياراتِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام)، من أنَّ التلاوةَ هي حقُّ التلاوة، التي تعني تطبيقَ حدودِه وعدمَ تجاوزِها قيدَ أنملة، وهذا المعنى لا يحصلُ بمرتبتهِ الكاملةِ إلا من المعصوم (عليه السلام)، فقد جاءَ في زيارةِ أميرِ المؤمنين (عليه السلام): (أشهدُ أنّك أقمتَ الصلاةَ، وآتيتَ الزكاة، وأمرتَ بالمعروف، ونهيتَ عن المنكر، واتبعتَ الرسولَ، وتلوتَ الكتابَ حقَّ تلاوته)
وقد وردَ في الرواياتِ ما يؤكِّدُ أنّ الذينَ يتلونَ القرآنَ حقَّ تلاوته هم أهلُ البيتِ (عليهم السلام)، فقد رويَ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله (عَزَّ وجَلَّ): الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ 121 . قَالَ (عليه السلام): هُمُ الأَئِمَّةُ (عليهم السلام).
ثانيًا: أنَّ المقصودَ من كونِه تاليَ الكتاب هو أنّه الذي يأتي بعدَ الكتابِ مُباشرة، مُلاصقًا له، بحيث لا فاصلَ بينَه وبينَ الكتاب، وهو مفادُ حديثِ الثقلين الذي جاءَ مُتواترًا عن النبي (صلى الله عليه وآله)، فقد رويَ أنَّ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) قال فِي آخِرِ خُطْبَتِه يَوْمَ قَبَضَه الله (عَزَّ وجَلَّ) إِلَيْه: "إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ، لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ الله وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ كَهَاتَيْنِ -وجَمَعَ بَيْنَ مُسَبِّحَتَيْه- ولَا أَقُولُ كَهَاتَيْنِ -وجَمَعَ بَيْنَ الْمُسَبِّحَةِ والْوُسْطَى- فَتَسْبِقَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَا تَزِلُّوا ولَا تَضِلُّوا، ولَا تَقَدَّمُوهُمْ فَتَضِلُّوا"
وعلى كُلِّ حال، فهذه الصفةُ هي ممّا اشتركَ فيهما كُلُّ أهلِ البيت (عليه السلام).
وأما معنى ترجمان القرآن:
فالتَّرْجُمانُ والتُّرْجُمانُ: المُفسِّر، وقد تَرْجَمَه وتَرْجَمَ عنه.
صحيحٌ أنَّ هناك الكثيرَ من مُفسِّري القرآن الكريم، ومن قاموا بترجمانه، إلا أنَّ كُلَّ تفاسيرِهم لا تعدو كونها تعتمدُ على ظواهرِ الرواياتِ التي وصلتْ إليهم، أو على ما استفادوه من المعاني اللغوية لكلماته، أما التفسيرُ الواقعي والتأويلُ الحقيقي وما يُرادُ من الآياتِ وبواطنِها، فهذا من العلومِ التي انحصرتْ بأهلِ البيت (عليه السلام)، والتي لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يصلَ إليها إلا إذا أخذَ عنهم (عليهم السلام)، ولا شكَّ أنَّ الترجمانَ الوحيدَ اليومَ للقرآن الكريم هو الإمامُ المهدي (عليه السلام).
كما إنّه يُمكِنُ القول: إنَّ المقصودَ من كونِه ترجمانًا للكتابِ أنّه هو المُطبِّقُ لأحكامِ القرآن –على نحوِ الإطلاق- وتعاليمه بحذافيرها، لا يخالفُ فيه حرفًا واحدًا، فهو المُترجمُ العملي المُطلقُ للكتاب الكريم.
وعلى كُلِّ حالٍ، فهذه الصفةُ هي ممّا اشتركَ فيهما كُلُّ أهلِ البيت (عليه السلام) أيضًا.
هذا وقد وردَ في زيارةِ الإمامِ الجواد (عليه السلام) وصفُه بترجمانِ القرآنِ أيضًا. (أَشْهَدُ أَنَّكَ وَلِيُّ اللهِ وحُجَّتُه فِي أَرْضِه، وأَنَّكَ جَنْبُ اللهِ، وخِيَرَةُ اللهِ، ومُسْتَوْدَعُ عِلْمِ اللهِ وعِلْمِ الأَنْبِيَاءِ، ورُكْنُ الإِيمَانِ، وتَرْجُمَانُ الْقُرْآنِ)
ومن الجديرِ بالذكر: أنه لا معنى لتفسيرِ معنى الترجمان بالذي سيقومُ بترجمةِ القرآنِ الكريم إلى كُلِّ اللغات؛ لأنّ ترجمةَ القرآنِ واقعةٌ اليومَ حتى من النواصبِ كما هو واضح.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/29



كتابة تعليق لموضوع : على ضفاف الانتظار(7)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net