صفحة الكاتب : سمير داود حنوش

هل إختلف الزمن أم الإختلاف فينا؟
سمير داود حنوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ربما أصبحت الأمور تسير على النحو الأفضل مما كان يُريده إبليس، فقد ظنّوا كما ظن أنهم جميعاً خُلُقوا من النار وليس من الطين.

ذلك الطين الذي نَسي ساعةً أنه طينٌ حقير، فصار تَيهاً وعَربد..كما تقول أبيات الشاعر إيليا أبو ماضي في إستلهام مفاهيم التُراب والحياة.

فقدوا أرواحهم الطاهرة وذهب عنهم ذلك الحَياء حين رَحل عنهم العود وبقى اللِحاء.

قديماً قالوا "الناس على دين حاكمهم، إن صَلَحَ صَلحوا وإن فَسَدَ فسدوا" فأيُّ فسادٍ للرَعيّة نعيشه اليوم؟ وأيُّ زمنٍ للنفاق والعُهر الأخلاقي نَحياه ونحنُ نعيش في قعور الإنحلال والتخلف والإستبداد.

في ذلك الزمن كان الشباب يتسابق لإستضافة الفتاة الواقفة التي تصعد إلى الحافلة للجلوس في أماكنهم، أما اليوم فقد غابت الغيرة عنهم سواء التي كانت واقفة شابة أو عجوز فالدياثة أصبحت شعاراً للكثير.

حتى وصايا اللصوص لإتباعهم قد تغيرت من ذلك الزمن حين كَتَب أحدهم وصيّة لأتباعه اللصوص قائلاً "لاتسرقوا إمرأةً ولا فقيراً ولا جاراً، وإذا سرقتم شيئاً فإسرقوا نصفه وإتركوا نصفه الاخر ليعتاشوا عليه، ولاتكونوا أنذالاً أو ظَلَمَة أو قَتَلَة" حقاً في ذلك القِدم كان اللصوص أصحاب شرف وقيم ومبادئ، بينما لصوص اليوم لم يكتفوا بسرقة الكراسي بل سرقوا حتى الأوطان، هل هو عالم الشر المُطلق الذي يحكُمُنا؟ بكل تأكيد..نعم..بدليل أن عناوينه القتل، الفُقر، الجوع والخراب.

هل الزمن الذي تغير أم نحنُ الذين كُنّا من المُتغيرين؟ لاندري لكن المؤكد أن هُناك خللاً في المنظومة الحياتية والأخلاقية أدت إلى الإختلال في النُظم والموازين.

سألوا أباهم كيف أصبحوا في هذا الزمن؟ قال لهم "كدقيقٍ فوق شوكٍ نثروه، ثم قالوا لِحُفاةٍ يومَ ريحٍ إجمعوه" فكان حصاد الرياح إما قاتلاً أو قتيلاً ضاعت دمائهم بين الشعوب، بينما خيرات وطنهم تذهب إلى الأعداء.

عُذراً لك أيُها الزمن حين غَدر بك الأنذال وباعوا الأوطان وسَكن فيها أهل الزَيفِ والذُل والأنكال.

هل العَيبُ في الزمن أم فينا؟ سؤال يتأرجح في الجواب لِغياب الثوابت والقيم والمبادئ التي كُنّا نقيس فيها أفعالنا وأخلاقنا عندما ضاعت تلك البوصلة في خِضم الفوضى والإرباك والجهل الذي نعيشه.

لم يستطع البشر الإجابة عن ذلك السؤال الذي ظل يُحيّرهم ويشغل بالهم، إن كانوا يعيشون في أزمة أخلاق أم أخلاق أزمة؟ لِيبقى ذلك التوتر والتذبذب قائماً في العلاقة بين الراعي والرعيّة في حروب تفرضها النزوات والمصالح والمنافع تتنقل بين الحرب والسلام الذي يسبق العاصفة.

الأمور أصبحت أفضل مما كان يرغب به إبليس حين تفوقَ عليه البشر بعد أن طبّقوا نظرية تَغلّبَ التلميذ على المُعلم.

في المُحصّلة يعتقد الكثير أنَّ العالم لم يعُد يصلُح للعيش النظيف، ولم تعُد البيئة صالحة للنمو البشري أو الإستقرار بعد أن لوّثها عالم الشر والخراب.

إنقلبت الأمور وتغيرت العناوين وأصبحت الخطيئة مَفخرة يُجاهر بها البعض بعد أن كان إعلانها عاراً وأصبح الأبيض أسوداً والعكس صحيح، وعندما سَكَت أهل الحق عن الباطل ظن أهل الباطل أنهم على حق، كما دوّنتها أنامل الإمام علي بن أبي طالب (ع).هل العَيب في الإنسان أم في الزمن؟ إسألوا أنفسكم لعلها تُجيبكم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سمير داود حنوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/16



كتابة تعليق لموضوع : هل إختلف الزمن أم الإختلاف فينا؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net