صفحة الكاتب : سمير داود حنوش

هل يغزو أبو خليل شوارع بغداد؟
سمير داود حنوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هي حكايات لاتنتهي وفصول باهتة تأبى أن تُغادر مُخيّلة العراقيين أو مسرحية يُحاول البعض إشغال الرأي العام بها بعيداً عن قضايا الفساد والنهب العام للبلد لِيوهم الجميع أنه ماضٍ في الطريق الصحيح بعمله لإتخاذ القرارات أو لِشرعنة الرواتب والإمتيازات التي يتلقّاها نظير مايعتقده في مصلحة الوطن والمواطن، والغريب هو لجوء هؤلاء إلى أبعد الطرق وأحلكها وليس إلى أقصرها وأيسرها في قوانين ومقترحات تخدم الشعب وتوفر له وسائل العيش الكريم، لكنهم يتمادون في قرارات تزيد من التأزيم والتعقيد في حياة العراقيين التي هي مُعقّدة أصلاً.

قانون التجنيد الإلزامي الذي ينوي البرلمان تشريعه بِدواعٍ وطنية وخدمة البلد للشباب بأعمار (18-35) سنة وبرواتب تتراوح بين (600-700) ألف دينار عراقي للمُجنّد الواحد ربما فاتهم أو حتى عن تقصّد أن هذا الراتب كان يُمكن به تعيين أعداد من العاطلين عن العمل وتشغيلهم في المصانع المُتوقفة عن العمل والتي تآكلت مكائنها ومُعداتها بسبب الصدأ وكان يُمكن بهذه الرواتب تأهيل هذا الكمّ من الشباب في مجالات البناء والإعمار وحتى إستصلاح الأراضي الصالحة للزراعة والإهتمام ببناء مدارس نموذجية حديثة تصلح لتأهيل الأجيال بَدل تلك المُتهرّئة التي توشك سُقوفها للسقوط على رؤوس الطلبة غير ذلك القرار بِعسكرة المُجتمع خصوصاً وإنَّ عبارة نقص السيولة والخزينة الفارغة دائماً ماكانت تُلازم ألسِنة الحكومات المُتعاقبة.

كُل السياسات والتجارب السابقة تم إستنساخها إبتداءاً من سياسة التجويع وإنتهاءاً بإذلال الشعب، لكن فاتهم من تلك التجارب أن النظام السابق إبتدع فكرة تشغيل الشباب بمصانع التصنيع العسكري من الصباح الباكر وحتى المساء لإلهائهم وإشغالهم تحت هدير أصوات مكائن الصناعات العسكرية وحتى المدنية.

ولاتحتاج السُلطة إلى من يُخبرها أن البلد لايحتاج إلى هذا الكمّ الهائل من المُجنّدين فلديها مايكفي من المُنضوين تحت المنظومة العسكرية وفي مُختلف صنوف السلاح والحشد.

عبارة أبو خليل التي يُسمي بها العراقيون جنودهم لازمتهم منذ أن دخلت الجيوش العربية فلسطين أبّان حرب 1948 والتي توزعت على المُدن الفلسطينية حيث كانت مدينة الخليل من نصيب الجيش العراقي وعندما إشتّد القتال إنسحبت الجيوش العربية من المُدن إلا الجندي العراقي الذي إستبسل بالدفاع عن الأرض، وعند إنتهاء الحرب كان الفلسطينيون يُرحبون بالجندي العراقي ويصفونه بأبو خليل ذلك الشُجاع الذي دافع عن مدينتهم.

وكتحصيل للنتائج المُتوخاة من القرار لم تعد البطالة المُقنّعة ومشاهد أبو خليل في شوارع بغداد تُشعِر المواطن بذلك الإرتياح وهو يتذكّر تلك السنين العِجاف من الحروب والحصار فيما لايُريد العراقي تذكّر سنوات البدلة العسكرية والدم ومشاهد الجُثث التي مالبث أن غادرتها مُخيلته.

رِفقاً بهذا الشعب أيُها البرلمانيون فقراراتكم ليست سوى زَبد سيذهبُ جُفاءً وَلَيتكم تتخذون قرارات تنفع الناس حقاً، فقرار التجنيد الإلزامي ربما كان قرار حق أُريد به باطل من خلال فتح بوابات الفساد والرشى والمحسوبية للذين يكونون قادرين على دفع البدل النقدي من المُتمكنين مادياً فيما سيكون أبناء (الخايبة) ضحايا هذا القرار، كان يُمكن وقبل البدأ بإتخاذه إشباع الروح المعنوية بالوطنية للشباب العراقي ودفعهم إلى المزيد من حُب الوطن وضرب الفساد والفاسدين وإرجاع قيمة المواطن والوطن التي أُهدرت والإهتمام بالجواز العراقي وكل القرارات التي من شأنها أن تُنمّي شُعور المواطنة وحُب الأرض والولاء للبلد، حينها يُمكنكم التفكير بقرارات مثل التجنيد الإلزامي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سمير داود حنوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/07



كتابة تعليق لموضوع : هل يغزو أبو خليل شوارع بغداد؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net