صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

كلمات متشابهة في القرآن الكريم (المكيال والميزان) (ح 1)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال الله عز وجل عن الكيل "فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلَا تَقْرَبُونِ" ﴿يوسف 60﴾ كيل بعير اي مقدار حمل بعير،، و "وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ۖ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي ۖ هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ۖ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ۖ ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ" ﴿يوسف 65﴾، و "وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" ﴿الأنعام 152﴾ ونلاحظ هنا أنه ذكر الكيل والميزان لا الكيل أو الميزان، وهذا يعني وجود فرق بينهما، و "وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿الأعراف 85﴾ الفرق بين الكيل والميزان فالكيل يوضح حجم السلع أو الوزن فيوضح ثقل السلع، وهنا يجب أن نعرف بأن ليس كل ما يكال يوزن وليس كل ما يوزن يكال، و "وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ ۚ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ" ﴿يوسف 59﴾، و "فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" ﴿يوسف 63﴾. وردت كلمة كيل في القرآن الكريم: الْكَيْلَ، الْمِكْيَالَ، كَيْلَ، نَكْتَلْ، كِلْتُمْ، اكْتَالُوا، كَالُوهُمْ
ما هو الكيل؟ الكيل هو ما يكال به الطعام فهو يمثل تلك الأداة التي تستخدم في قياس حجم السلع، وكان من أشهر الأدوات المستخدمة في الكيل أداة عرفت بالصاع وكانت تستخدم في كيل الشعير و القمح والبر والتمر وغيرها من أنواع الأطعمة أو السلع التي تستخدم في الطعام، ويبرز استخدام الكيل مع تلك الأشياء التي يصعب وزنها إذ أن هناك من السلع ما يمكن كيله ووزنه أيضًا، لم تتطور تلك الادوات الخاصة بالمكايل تطور ملحوظ. ما هو الميزان؟ هو أداة تستخدم في قياس الثقل وهو غالبًا ما يتم استخدامه مع السلع التجارية لذا فقد عرف الميزان، بأنه تلك الأداة التي يتم استخدامها لتحديد كتلة ووزن الأشياء أو ثقلها، وتختلف وحدات الموازين من بلدة إلى أخرى ونجدها متدرجة بشكل متنوع وواسع إذ تشتمل على وحدات موازين من أخف الأشياء إلى أثقلها مثل حبات الأدوية و الأسمنت والحديد وغيرها من الأشياء التي يمكن وزنها. عرفت المكاييل والموازين منذ عصور قديمة جدًا وكان دائمًا هناك فرق بينهما إلا أنه الآن هناك الكثير ممن يخلطون بينهما وينظرون إليهما كما لو أنهما مترادفان، وهي فكرة خاطئة فكما رأينا من تعريف كل منهما فهناك فرق واضح بينهما حتى أنه في القرآن تم التفرقة بينهما بشكل واضح في أكثر من موضع ومنها قول الله عز وجل ” وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” (الانعام 152) كما قل رب العزة ” وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا” (الاسراء 35) ونرى هنا بأن رب العالمين أطلق على الميزان القسطاس المستقيم.
قال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم (الكيل مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة) وذلك أن أهل المدينة معروفون بالزراعة، فأُرجِع الكيل إليهم، وأهل مكة لم يعرفوا بالزراعة وإنما بالتجارة فأُرجِع الوزن إليهم؛ لأنهم يزنون الأموال. ومذاهب اسلامية اعتمدت على هذا الحديث الشريف وذلك بالرجوع إلى كيل أهل المدينة وميزان أهل مكة، وإلى القول بأنه إذا لم يوجد يرجع إلى عرف أهل البلد. على العموم الكيل يرجع إلى الحجم مثل التمر والبُر والشعير والملح، أما الوزن يرجع الى الثِّقَل مثل الذهب والفضة. وهناك أمور لا تكال ولا توزن وإنما هي معدودات. في الوقت الحالي يقاس الحجم بالسنتمتر او الملمتر المكعب او ملتر وغيرها وهي قياس المكيال. اما قياس الميزان فوحداته الغرام، والرطل والكيلو غرام والطن وغيرها.
الميزان يستخدم للامور الاكثر دقة مما في الامور التي تستخدم في المكيال والاكثر ثمنا. لذلك يستخدم الميزان في الامور المعنوية ومنها الامور العلمية فيوزن الكلام لمعرفة دقته ومدى انطباقه على الحقيقة. ولا يستخدم المكيال في الامور المعنوية لان ذلك يعني ان الكلام خفيف معظمه لا معنى له غير مفيد ولا يطابق الحقيقة.
البخس في المكيال والميزان ويسمى بالتطفيف، ولشدة حرمته أفرد الله سبحانه له سورة خاصة في كتابه المجيد، سماها سورة المطففين، وابتدأها بقوله تعالى: "وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ" إلى آخر السورة، وقال تعالى: "فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (هود 85).
قال الله تبارك وتعالى "وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ" (هود 84) جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي وقوله: "وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ" (هود 84) المكيال والميزان اسما آلة بمعنى ما يكال به وما يوزن به، ولا يوصفان بالنقص وإنما يوصف بالنقص كالزيادة والمساواة المكيل والموزون فنسبة النقص إلى المكيال والميزان من المجاز العقلي. وفي تخصيص نقص المكيال والميزان من بين معاصيهم بالذكر دلالة على شيوعه بينهم وإقبالهم عليه وإفراطهم فيه بحيث ظهر فساده وبان سئ اثره فأوجب ذلك شدة اهتمام به من داعى الحق فدعاهم إلى تركه بتخصيصه بالذكر من بين المعاصي. وقوله: "إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ" (هود 84) أي أشاهدكم في خير، وهو ما أنعم الله تعالى عليكم من المال وسعة الرزق والرخص والخصب فلا حاجة لكم إلى نقص المكيال والميزان، واختلاس اليسير من أشياء الناس طمعا في ذلك من غير سبيله المشروع وظلما وعتوا، وعلى هذا فقوله: "إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ" (هود 84) تعليل لقوله: "وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ" (هود 84). ويمكن تعميم الخير بأن يراد به أنكم مشمولون لعناية الله معنيون بنعمه آتاكم عقلا ورشدا ورزقكم رزقا فلا مسوغ لان تعبدوا الالهة من دونه وتشركوا به غيره، وأن تفسدوا في الأرض بنقص المكيال والميزان، وعلى هذا يكون تعليلا لما تقدمه من الجملتين أعني قوله: "اعْبُدُوا اللَّهَ" (هود 84) الخ، وقوله: "وَلَا تَنقُصُوا" (هود 84) الخ، كما أن قوله: "وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ" (هود 84) كذلك.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/05



كتابة تعليق لموضوع : كلمات متشابهة في القرآن الكريم (المكيال والميزان) (ح 1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net