صفحة الكاتب : رسل جمال

ماذا لو تهدم ثالوث الكتابة؟
رسل جمال

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يُقال ان الكُتاب هم صناع الرأي، ويحملون بوصلة الفكر الجمعي، يحركونها بما تشتهي أيديولوجياتهم الخاصة او المستأجرة!

نعم هناك افكار للأجرة، وكُتاب يكتبون بالأجرة، وسنأتي لشرح ذلك بالتفصيل في مقال آخر.

 

ان العلاقة بين (الكتابة) كعمل انساني واعي، و(الكاتب) كشخص مفكر ومؤثر، والموضوع المكتوب عنه او لنقل (الفكرة) هي علاقة ثلاثية أسميها (ثالوث الفكر) فالكتابة منذ القدم كانت تؤدي المهام الاساسية لها؛ الا وهي الأخبار عن شيء ما، أو التعليم ومنه يتفرع النصح والارشاد، ويمتد بذلك الى المساهمة في تكوين الأفكار والتصورات الأولية لدى عامة الناس، وتعد اللقاء الاول بين أفكار الانسان التي تدول في ذهنه وترجمتها على الورق، فهي عمل يرفع من جودة الحياة الانسانية، وينقلها الى مرتبة أعلى وأسمى، وهي عبارة اختصرت بها الكثير من الشرح والايضاح.

 

وأي إخلال او ضعف في نقاط ذلك الثالوث، سينسحب بلا شك الى قضية الكتابة، ويجعل منها عمل عبثي لا جدوى منه.

تكمن أهمية الكتابة في أنها تمثل النواة الاولى لأثبات الوجود الانساني، فمع ظهور الحرف والتدوين تم التعرف على النشاط الفكري للانسان القديم، اي أن الانسان قبل اختراع الكتابة، كأنه لم يكن لانه لم يدل شيء على وجوده!

 

لذلك فان الغاية من الكتابة، بوصفها مجهود فكري وعقلي هو احداث تغيير، او بذر بذور الوعي، اي ان العلاقة لابد لها ان تكون تفاعلية بين الكتابة والواقع، حتى تثمر ويُقال عنها مؤثرة.

 

فاذا كان الكاتب يرى ان ما يكتبه لا يؤثر في الناس، او لا يلاقي آذان صاغية، او ان الاجواء الفكرية العامة لتلك الحقبة الزمنية تسير عكس التيار، من افكاره واطروحته، او يكون الكاتب وما يكتبه في وادي والناس في وادِ.

فهو على مفترق طرق يجعله يتسأل ماجدوى ما يقوم به؟ هل يستمر بعمل الكتابة؟ ام يكتفي بدور الشاهد عما يدور حوله بدون محاولة تغييره او حتى تدوينه، لأعتقاده التام ان ما سيقوم به لن يحدث التغيير المرجو منه،

 

وهنا السؤال الذي سيدور في ذهن كل كاتب، ترى ما العبرة في الاستمرار بالكتابة في مجتمع لا يقرأ؟

الذي حفزني لكتابة هذا المقال هو منظر بائع الصحف، وهو يتجول بين السيارات تحت اشعة الشمس الحارة، وهو يزاحم المتسولين لعله يبيع صحيفة واحدة!

ومع انتشار الصحف الالكترونية وانحسار الصحف الورقية، اصبحت الصحيفة الورقية تبدو من الموروثات التي في طريقها للاندثار، والتلاشي ليست هي فحسب بل عالمنا الورقي ذو الرائحة القديمة المحببة مهدد بالانقراض والاختفاء في ظل الهجوم الرقمي المخيف، فالكثير منا لم يعد يقتني بما يعرف ب(البوم الصور) لاستعاضة جهاز الموبايل بالتصوير والحفظ واصبح كلا منا البومه الخاص، ومع مرور الوقت ستعاني الذاكرة من الأمتلاء وسنزيل تلك الصور، صاغرين ملبين لنداء الذاكرة الافتراضية!

 

اننا نشهد مرحلة انتقالية للفكر الأنساني، وأمام تغيير في الفهم البشري لما قبل وما بعد، وما كان وما سيكون، وتحول في اساليب الكتابة بوصفها احدى وسائل التواصل بين الافراد، وأحدى أدوات التعبير عن افكار الأنسان وعن الاحداث التي تحيط به، وعن ما يستشرفه للمستقبل

للثالوث رأسان آخران سنكتب عنهما في مقالين منفصلين ...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رسل جمال
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/10/29



كتابة تعليق لموضوع : ماذا لو تهدم ثالوث الكتابة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net