صفحة الكاتب : حوراء جبار

مسيرة الاربعين.. رسالة شموخ وعظمة الثورة الحسينية المتجددة
حوراء جبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في كل عام بعد الزحف المليوني الذي نشهده في زيارة الأربعين الخالدة الذي يبهر ويفرح قلوب المؤمنين في العالم، ويغيظ الاعداء والمتربصين في مشارق الارض ومغاربها، ندرك مدى نجاح ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) في إثارة مشاعر الإباء والتضحية في نفوس المسلمين، فنجح في ان يكون منارا ونبراسا للثائرين على مر العصور.

إن زيارة الأربعين تجسد الثورةِ الحسينيةِ والتضحيات الكبيرة لاهل بيت النبوة عليهم السلام دفاعاً عن الاسلام وأصلاح الامة، فهي عبارة عن مهرجان عبادي حسيني، يتم فيه نوع من دخول البشر في النور، فأصبحت مصداقا بارزا للأمة الإسلامية، وامتدادا راسخا لمبادئ ثورة الأمام الحسين (عليه السلام) وبالتالي يدربون على التضحية في سبيل القيم والمبادىء الإنسانية، فبدل أن تكون ضعيفة خسيسة، دنيئة، دنية، أسيرة للشهوات أو الغرائز أو للدنيا أو لحب البقاء، مهزوزة امام قوى الشر، سوف تتصاعد وتحلق وتسمو الى المعالي، وتبني شخصية المسلم القوي وتتشبع فيها القيم والمعالي والفضائل والعزة.
وقد اضاف شيعة الحسين (عليه السلام) الى سجلهم صفحة جديدة ناصعة رائعة تبرز طبيعة الصدق الولاء وجدية الانتماء وصدق المواساة  والاعداد لكل ما من شانه ان يحيي ذكر الحسين، وقد جعل الله تعالى مرقد الإمام الحسين عليه السلام مقصد أحرار العالم وهجرة المستضعفين إليه مودة به وبالعترة الطاهرة وتقربا إلى الله تعالى كما جعل العراقيين أهلاً لحمل هذه المسؤولية حتى تلاقت الأرواح قبل الأبدان وتناسقت وانسجمت وأصبحت شبيهة بالمهاجرين والأنصار على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكان العراقيون خير أنصار وأعوان بل أجمل وأحسن وأكرم ضيافة عرفها التأريخ، واثبت الشيعة من كل انحاء العالم صدق ولائهم بغض النظر عن جنسياتهم  وثقافاتهم ومناصبهم ومواقعهم وشهاداتهم وامكانياتهم المادية متخلين عن سياراتهم ووسائل النقل الاخرى قاطعين المسافات البعيدة ليصلوا الى كربلاء المقدسة ويعانقوا المرقد المقدس لسيد الشهداء وهم محلمين بالاصرار والعزيمة والتحدي لكل الجبابرة والطغاة والمفسدين في الارض، وهذا من مصاديق قول الأئمة (عليهم السلام) وقولهم واحد: كونوا زينا لنا ولا تكونوا شيناً علينا، وكونوا لنا دعاة صامتين بغير ألسنتكم أي بأفعالكم.

و على الرغم من المحاولات البائسة التي قامت من دول، ومؤسسات وعصابات، وجهات عدة ان تلوث سمعة الشعائر الحسينية لتقطع العلاقة بين الجمهور وبين الحسين وشعائر الحسين فقد تتعددت اغراضهم ولكنهم اتحدوا فيما بينهم الا ان يحاولوا ان يقطعوا العلاقة ويخففوا عن اندفاع الجماهير نحو احياء ذكر ابي عبد الله الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) ثم تأتي زيارة الاربعين في كل عام بما تحمله من معاني ودلالات عظيمة لتشكل نصرة مليونية كبيرة وضحمة وبيعة دائمة ومتجددة للخط الذي نهجه الامام الحسين عليه السلام واهل بيت النبوة وتحديا كبيرا وشامخا لكل من عادى نهج الحسين في الماضي والحاضر،فتهدم كل مخططاتهم وتفشل كل مشاريعهم الخبيثة وتنتصر الثورة الحسينية وتتجدد؛ لانها جاءت بالاساس من اجل محاربة هؤلاء وامثالهم في كل العصور.

إن كل المراقبين الدوليين والمترصدين ومن مصادر عديدة يقرون بأن هذه الزيارة المليونية  هي أكبر معهد ومعسكر تدريب للنفس البشرية بشكل عظيم، حيث يدربها على التضحية والفداء والعطاء فتجمع مليوني ضخم ليس له مثيل في العالم لم يشهد فيه أي فتنة أو قتال أو عراك أو اصطدام أو إرباك كما يحصل باي تجمع سواء تظاهرات او اي تجمع في العالم.
فأي دولة كبرى لو أرادت أن تعبئ شعبها ولو لشرائح قليلة منه استعداداً لحرب مثلًا أو حرب الطوارئ التي تطرأ على البلد فلا تستطيع أن تجند إلا القلة القليلة، لأن هذه القدرة في التعبئة المليونية والسنوية والعابرة للقارات  لا يمتلكها أكبر نظام على وجه الأرض، ولا أي دولة عظمى ولا الوسطى ولا الدول الأخرى، بل حتى الدول الإسلامية لا تمتلك هذه القدرة وبشكل لا كلل ولا ملل فيه، وإنما الذي يمتلك هذه القدرة والوميض والمحرك هو الإمام الحسين (عليه السلام) وبشكل طوعي ليس فيه أي ترغيب أو ترهيب، بل فيه المخاطر والتضحية بالنفس والمال للزائرين المشاة بسبب الإرهاب الحاقد الأعمى، ليصدق بذلك قول العقيلة زينب (عليها السلام) ليزيد وهي في حالة السبي، لتواجه أكبر ملك في ذلك الوقت فتقول له: ((فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا) وهكذا يبقى ذكر أهل البيت (عليهم السلام) خالدًا حيا على مدى الدهور والعصور، وكلما حاول الظالمون أن يخمدوه ازداد ألقًا ونورا وبهاء، وكل من يحاربه يفنى ويظل هو شامخا في علياء القداسة، فهنيئا لكم يا من وطنتم أنفسكم لزيارة الحسين (عليه السلام) وخدمته، فأنتم السبل التي يتحقق بها الوعد الإلهي بنصر أهل البيت (عليهم السلام) ورفع ذكرهم على مدى الأجيال.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حوراء جبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/09/24



كتابة تعليق لموضوع : مسيرة الاربعين.. رسالة شموخ وعظمة الثورة الحسينية المتجددة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net