صفحة الكاتب : محمد  عبد الجبار الشبوط

 اغلبية الثلثين
محمد عبد الجبار الشبوط

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يوجه بعض الناس اللوم الى المحكمة الاتحادية في التسبب باحداث بعض الامور المربكة في الحياة السياسية. ومن هذه الامور شرط الثلثين في انعقاد نصاب الجلسة الاولى لانتخاب رئيس الجمهورية.
تفسير الدستور هو احدى وظائف المحكمة الاتحادية حسب نص المادة (93) من الدستور التي تقول: "تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي : ثانيا:- تفسير نصوص الدستور."
والتفسير: هو الشرحُ والبَيان. تفسير القرآن الكريم: توضيح معانيه، وبيان وجوه البلاغة والإعجاز فيه، وشرح ما انطوت عليه آياته من أسباب نزول وعقائد وحكم وأحكام.
وفي لسان العرب "الفَسْرُ: البيان. فَسَر الشيءَ: أَبانه والتَّفْسيرُ مثله. وقوله عز وجل وأَحْسَنَ تَفْسيراً، الفَسْرُ: كشف المُغَطّى، والتَّفْسير كَشف المُراد عن اللفظ المُشْكل."
والتفسير لا يتضمن اضافة معنى جديد الى اللفظ المشكل، والا خرج عن معنى التفسير. فالتفسير يوضح اللفظ ويشرحه ويبين معناه بدون اضافة عنصر جديد عليه من خارجه.
والمحكمة الاتحادية لا تبادر الى تفسير النص الدستوري من عندها، بل لابد ان تُسأل عن النص. والسؤال يكشف عن أن السائل لم يفهم معنى اللفظ او العبارة الواردة في الدستور. فالتفسير يعني توضيح ما يدل عليه النص من معنى. اي دلالة النص. والدلالة موضوع يدرس في علم المنطق. وقد قسم المناطقة الدلالة الى ثلاثة انواع: عقلية وطبعية ووضعية. وقسموا الوضعية الى قسمين: لفظية وغير لفظية. وقسموا اللفضية الى ثلاثة انواع هي: المطابقية والتضمنية والالتزامية. وهذا يعني ان بمقدور العقل البشري ان يضع يده على الدلالات اللفظية للنص بانواعها الثلاثة، كونها كلها موجودة في النص باحد هذه الاشكال او كلها.
وفهم النص الدستوري يقتضي توفر الحد الادنى من معرفة ووعي موضوع "الدلالة" في علم المنطق، حتى يسهل على القاريء معرفة دلالات النصوص الدستورية بدون الوقوع في الخطأ. وكثرة اللجوء الى المحكمة الاتحادية دليل على عدم توفر هذا النوع من الفهم والوعي لدى السائلين وهم هنا المسؤولون الكبار بدءاً برئيس الجمهورية ومرورا بالنواب. وقد ادت كثرة الاسئلة حول النصوص الواضحة واجوبتها التفسيرية من قبل المحكمة الاتحادية الى اثارة البلبلة لدى الجمهور والقاء اللوم على المحكمة وعلى الدستور.
خذ مثلا نص المادة (70/ اولا) من الدستور الذي يقول: "ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية ،بأغلبية ثلثي عدد اعضائه".
والدلالة الاولى لهذه المادة ان المرشح يجب ان يحصل على تأييد ثلثي عدد اعضاء مجلس النواب كلهم والبالغ عددهم 329، اي 220 صوتا بالحد الادنى.
والدلالة الثانية لهذا النص، تضمنا والتزاما، هي انه يجب حضور 220 نائبا بالحد الادنى لكي يتحقق نصاب الثلثين في الفوز، وهو نفس العدد المطلوب ليتحقق نصاب الجلسة الاولى لانتخاب رئيس الجمهورية. استخلاص هذه المعاني او الدلالات من نص المادة ممكن باستخدام الاليات المنطقية. ولكن وبسبب النقص في فهم هذه الاليات، لجأ القوم الى المحكمة الاتحادية لتفسير هذا النص رغم وضوحه بجميع انواع الدلالات المنطقية، فما كان من المحكمة الاتحادية الا ان اجابت على السؤال في القرار 16 اتحادية 2022 بما يلي: "ينتخب مجلس النواب رئيسا للجمهورية من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية باغلبية ثلثي مجموع عدد اعضاء مجلس النواب الكلي ويتحقق النصاب بحضور ثلثي مجموع عدد اعضاء مجلس النواب الكلي". وبالتأمل في هذا الجواب نجد انه لا جديد فيه لان كل دلالاته موجودة في نص المادة الدستورية، ولم يكن هناك حاجة الى توجيه السؤال الى المحكمة الاتحادية. فليس من المنطقي ان يطلب الدستور اغلبية اصوات ثلثي النواب دون ان يكونوا موجودين لتحقيق نصاب الجلسة، حيث لا توجد طريقة دستورية للتصويت دون ان يكون النائب موجودا بجسمه في قاعة البرلمان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد عبد الجبار الشبوط
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/15



كتابة تعليق لموضوع :  اغلبية الثلثين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net