صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة في كتاب (للحديث صلة ) عبد الحسين خلف الدعمي / رؤى وحوارات في الأدب والفن وثقافة الحوار /
علي حسين الخباز

المعرفة التي تنفتح على الحقيقة تحتاج الى مدرك واع لاكتشاف منطلقاتها الفكرية ، لو تأملنا مفتتح القراءة عند الشاعر الباحث عبد الحسين الدعمي، في محور سؤاله :ـ لماذا نكتب ؟ ولمن نكتب ؟ تساؤلات تمنحنا امكانية الولوج الى العمق العقلي للفكرة ، ، فهو يقارنها بأسئلة :ـ لماذا نعيش ولمن نعيش؟، بمعنى اننا نقف إزاء تحرك فطن لاستقراء الفكرة أو ما يسميه بالمكسب / التبصير ، والفطنة بما تمتلك هذه المفردة من علائق فكرية تشكل المكسب المضموني ،الفوز الحقيقي في الربح والخسارة ،وهذه قاعدة مبدأ تعنى الفوز بإمتلاك صوت دال على الحقيقة ، الايمان بالمعنى التكويني لمفهوم الكتابة يؤسس ولادة المنجز ويمنحنا فاعليته في فهم العالم الداخلي ــ الخارجي واستنطاق الفكرة المعبر ة عن الواقع ، واكتشاف مساحة الخوف من المجهول على الامة الذي ينطلق من عدة مفاهيم معبرة عن حيثيات أمة امتلكت الماضي المشرق والحاضر المرتبك الذي وصفه الباحث الدعمي بفارق الوحدة والتناحر / السر والعلن / ، الكتاب يتحرك في عوالم السياسة ـــ الاجتماع ـــ التأريخ منطلقا من القاعدة الفكرية للبحث عن المستقبل ، ومنه ينبثق السؤال ، هل من دعوة مخلصة لله تمنحنا القوة والمنعة؟ ، دعوة موجهة الى المسؤولين بالغاء اشكال الفرقة ، وهذا الامر يعطينا الكثير من الدلالات الفكرية الناهضة ، مثل عدم خضوع الكاتب للواقع المشوه وانما السعي لاستنهاض هذا الواقع ، أي النظر باتجاه متطلبات المرحلة وليبعد جمودها ، والدليل الثاني ان الكاتب أكبر من الحاكم ، الكاتب هو صوت الأمة ، الدليل الثالث ان الكاتب الذي يمثل صوت الأمة ويستطيع ادراك متطلبات الواقع أوالنهوض بحراكه الاصلاحي من خلال قراءة الارث الحضاري الفاعل وفهم هذا الارث يمنحنا التواصل الجاد معه ، ويحصن الرؤى عن أي تماس حضاري مزيف ، أما قضية التلاقح الفكري لا بد ان يتحرك ضمن مقومات الامة ، كونها مؤثرة ، هذا تنبيه ذكي باعتبار ناتج ضعف الامة ولد بسبب عدم الالتزام بقواعدها المؤثرة ، مما جعلنا في ضعف ، والأهم هو التنبيه الى وجود خلل اجتماعي يحتاج منا ان نتداركه وهذا الخلل مشخص من قبل الاسلام كفكر ودين وجعل عدله المساواة والتسامح والعفو عن المقدرة ، البعض يحاول ان يجرد الفكر من وجدانياته والنظر الى هذا الواقع برؤية سياسية مدعيا ان الوجدان والعاطفة والطقوس النصية المقدسة لاعلاقة لها بالفكر ، البحث في المضامين الثقافية والاجتماعية والنفسية للفكر الناهض يطالبنا بالعودة الى جذور الأمة النقية دون الحاجة الى الشعارات والمؤتمرات التي عجزت عن تحقيق ابسط الحقوق ، نعود لمحور تساؤلات الكاتب الباحث الدعمي :ـ لماذا نكتب ؟ فعلا لماذا نكتب؟ هل نسعى لتأسيس واقع انساني جديد بدلا عن هذا الواقع السائد ، الخاضع لتجاذبات سياسية ومادية مزقت خصوصيته الثقافية وجعلته تابعا بعدما كان متبوعا ، أم نكتب لاستنهاض هذا الواقع وعودته الى وثبته الاولى ، لمست من خلال هذه القراءة مفهوما فكريا يختلف عن ما يطرح في اغلب كتابات الادباء والمثقفين ، الكاتب الدعمي لايرثي الامة كما يرثون هم وطنا مات ، لكنه يرثي القيادات الساعية للحفاظ على مراكزها ، لكونه يعمل على العديد من البؤر الفكرية ويستشهد بفكر الامة وحيويتها ، والتحشيد لمفهوم الهوية الوطنية ، وعدم التفريط بها وتحذير الامة للوقوف بحزم امام الغزو الثقافي ومواجهة الفكر المستورد الذي يعد اليوم من ابرز وأقوى التحديات التي تستوجب منا التوحد في الخارطة والروح والمصير المشترك ، وفي سؤال آخر للباحث الدعمي حول ما يحدث الآن ؟ ولماذا يحدث ؟ عن الواقع الفكري كتبت الكثير من الرؤى المتعددة والمتنوعة وكل رؤية تقدم مفاهيم ومشاريع باعتبارها رؤية تحاول ان تقدم تصورا لنقاء الانسان ، كنت اعتقد ان صوت القلم ضعف كثيرا وما عاد يقدر على مواجهة العالم المادي والمستورد والمطرز بمصطلحات الابهار ، اليوم علمني هذا الكتاب ان لا انظر الى الفارق بين العالمين وانما اتأمل اصرار صوت الكاتب ان يضع بصمته بوجه العالم وهذه هي رسالته ، لذلك جاءت هذه التساؤلات معبرة عن رؤى دلالية مثلا :ـ هل ندم قابيل لقتله لأخيه؟ ، وهذا بطبيعته مفتتح تأويلي لدراسة الكثير من قضايا الواقع ، المهم في الأمر اننا لابد أن نهتم بالبعد الروحاني ، لارتباط الانسان بقيم الدين والاشتغال على قنوات التثقيف الشامل لمعالجة الجهل العام، لرفض اساليب وسياقات الجهل للمحافظة على انسانية الانسان ، العديد من الومضات الفكرية الساعية لأداء المهام التربوية والسعي المثابر ، مثلا الدعوة الى نبذ أخطاء الماضي ، فهذه الرسالة موجهة الى قادة الحروب ، مليارات تصرف على الحروب وعلى القتل والدمار قادرة على معالجة المرضى 

وقتل الجهل ، الوعي الذي يمثله الكاتب اليوم يعد منهجا قائما بحد ذاته لو لامس جرح الانسان واحتوى كرامة الامة ،سيكون هو المنهج الذي لابد ان يدرس اكاديميا ، الباحث الدعمي يطرح تساؤلاته لمحاورة التمظهرات بعدما نقب بين ثنايا الوجع الوطني الانساني ، كم من افكار منحرفة تأتينا عبر الزهو الممنهج بلباقة متمدنة ، الرؤى الانسانية قديمها وحديثها قادرة على صياغة اسئلة الوجدان ، الكاتب الدعمي يسأل ويتساءل أين الاهداف والمبادىء التي قامت من أجلها الثورات والانتفاضات والآف الشهداء من أجل من سقطوا ؟ لقد تناستهم منظماتهم واحزابهم ، فكانت دماء الضحايا مدادا لخلودهم ، مثل هذه الرسائل الفكرية المهمة لابد ان يستثمرها الشباب المندفع للتضحية تحت شعارات براقة ، لابد لهذه الثورات والانتفاضة ان تقاد فكريا قبل ان تقاد ثوريا ، لابد من التأمل ، نحن امام دعوة لتفعيل العقل الناشط المقترن بالحكمة ،هذه الرؤية الساعية لبناء مفاهيم الانسانية المدركة الواعية التي تعد من أهم البنى القادرة على الاجابة عن تلك التساؤلات وما سيأتي منها في تأملات قادمة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/01



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في كتاب (للحديث صلة ) عبد الحسين خلف الدعمي / رؤى وحوارات في الأدب والفن وثقافة الحوار /
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net