صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

حكاية رأسي
علي حسين الخباز

  لرأسي حكايات عجيبة، فهو يورطني بأشياء كبيرة وحساسة نتيجة التفكير الجاد، وكأن الدنيا تخضع لقوانين نحن نحدد معناها، سأروي لكم برباطة جأش ما سيحدث، علّني أكون صائباً في تقديري، أنا سأكون مع الوفد الذي سيرافق جنازة الشهيد اللواء عباس حسن الحميداوي من الضلوعية، مكان الاستشهاد الى بغداد.

 رأسي يشاورني أن الأمر سيكون مربكاً بعض الشيء، والأحداث لا يمكن التنبوء بها اذا أصرّ الوفد على مطلبه من أهل الشهيد، يقول لي رأسي: لو سألوني لأجبتهم، فالأمر ليس بالسهولة التي يعتقدون، أنا أعرف عقلية الشهيد اللواء عباس، وأعرف مداركه وأمانيه، كان يقول لي: الطف الحسيني قضيتي، وغبي من يعتقد انها مرتبطة بزمان او مكان محدد. بعضهم توهم أن واقعة الطف انتهت ظهيرة يوم العاشر من سنة 61 هجرية، ولو كنا نؤمن كما يؤمنون لما قاتلنا في العظيم، وجلولاءن وامام ويس، ولما قاتلنا بهذه الشجاعة لفك الحصار عن آمرلي.
كان يقول لي: لا عليك، هذه هي الطريق المؤدية الى الإمام الحسين (عليه السلام)، من هنا سنلتحق بالركب الحسيني، في كل خطوة كان يقول: نحن سائرون الى الشهادة، فلا نعطيهم ظهورنا، ونترك الحسين (عليه السلام) بلا ناصر ينصره.
 يذكرني رأسي بكل هذه التفاصيل في يوم قلت له: احترس على نفسك، انك تندفع بقوة، فقال: «انا كبرت في المعارك، وأصبحت شيخاً، وأنا أنتظر الرصاصة التي ستنقلني اليه، فأنا أريد أن أنال الشهادة؛ لأكون مع الحسين».
قطع الفكرة من رأسي سؤال عابر من احد الشيوخ، قلت دون أن يدعني رأسي أن أفهم السؤال:ـ أوكلت اليه قيادة القوات المتجحفلة في ديالى، وبعد انتهاء المعركة اتجهت القوات لفك الحصار عن الضلوعية، مسح الطريق وازال العوائق الموجودة فيها، وعمل على فتح معبر النعمان الذي ربط ديالى بصلاح الدين، استخدمته القوات للعبور وبدأت معركة فك الحصار عن الضلوعية.
 قال أحد الشيوخ:ـ كان رجلاً صادقاً بمعناه، وعد فصدق الوعد، قال لي:ـ يا شيخ هنا نموت ولا ننسحب، عدت الى رأسي لأحدثه بصمت، أنا أتذكر هذا الموقف الذي يرويه الشيخ، قال لي وهو يبتسم: هذا هو اقصر الطرق الى كربلاء، هل أخرج من رأسي لأحدثهم عن هذا الشغف العارم فيه، أحدثهم عن كربلاء التي تمشي معه، عن لبيك التي ما فارقها في صحو او منام.
 أصرّ رأسي أن يتحدث عن رسميات الشهيد قلت لهم:ـ انه خريج الدورة 52 تخرج منها سنة 1974 برتبة ملازم وصل لرتبة نقيب، فُصل لإعدام ابن عمته، لكنه عاد وحصل على رتبة رائد ركن، ودرس في كلية الأركان العسكرية، وعمل بصيغة مدير عام للصنف الإداري وأحيل الى التقاعد، وبعد الفتوى، التحق في صفوف الحشد الشعبي المقدس. سأدخل رأسي لأرى ما فيه، الفكرة بدأت لواعجها ونحن على أبواب بغداد، وهل احتاج الى توقع يسهل مهمة راسي، راسي يسالني كيف يفكر الشيوخ فافسر له الامر وهو احتمال من الاحتمالات المقنعة قد لا يكون الأمر تعبيراً عن رغبة يواكبها إصرار على الاستجابة، وانما قد يكون الأمر مجرد تعبير عن موقف اعتزازي، أي بمعنى ليس هناك في الأساس مشكلة مثلما يتوقع رأسي، وصلنا بيت اللواء عباس، لابد أن أخرج من رأسي لأرى استقبال عائلة الشهيد اللواء عباس يقينية حافلة بالود والكرم مما اذهل الوفد، وحينها اعلن الوفد عن مطلبه:
 نحن أيها الكرام، شيوخ أهالي الضلوعية، جئنا ونحن نحمل طلب اهل الضلوعية رغبتهم أن يدفن الشهيد في مقبرة شهداء الضلوعية، نحن جئنا لنعود برفاته معنا الى الضلوعية وهم ينتظرون.
 اجابهم كبير العائلة: طلبكم على رؤوسنا ونعتز به ونحترمه، لكن وصية الشهيد أولى فهو اختار الطريق بنفسه واختار الدفن في كربلاء، دخلت الى رأسي لأقول له: ان الوفد تفهم القضية، فقرر أن تنصب العديد من المآتم ومجالس الفاتحة في الضلوعية، بل في جميع جوامعها، وأن يُنصب له نصب تذكاري عبارة عن صورة كبيرة تُرفع في مقبرة شهداء الضلوعية، وبهذا حُسم الأمر وارتاح رأسي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/25



كتابة تعليق لموضوع : حكاية رأسي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net