صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ (٢٨)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

{وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ}.

لِماذا يضعُف الإِنسان فيفشَل؟!.

لِماذا لا يثبُت ليُثابر حتَّى ينجَح؟!.

أ/ إِنَّ الذي يتصوَّر بأَنَّ النَّجاحات تتحقَّق بالمجَّانِ فهُو على وهمٍ كبيرٍ.

ب/ وأَنَّ الذي يتصوَّر بأَنَّ الآخرين سيتركُونهُ وشأنهُ ليحقِّق نجاحاتهِ فهُو كذلكَ على وهْمٍ كبيرٍ.

ج/ وأَنَّ الذي يتصوَّر بأَنَّ النَّجاحات مِنحةٌ من الآخرين لهُ فهو الآخر على وهْمٍ كبيرٍ.

إِنَّ النَّجاحات جُهدٌ مُستمِرٌ ومُثابرةٌ لا تنقطعَ مدعُومةٌ بثِقةٍ كبيرةٍ بالنَّفسِ وبالمشرُوعِ وبالأَدواتِ.

فالجُهدُ المُتقطِّع يُضيِّع المشرُوع لأَنَّهُ يضعهُ في مهبِّ الرِّيحِ.

والتردُّد فيهِ يضعُ صاحبهُ في مهبِّ الرِّيحِ فتراهُ يتأَثَّر بأَيِّ اعتراضٍ ويُغيِّر لأَتفهِ الأَسبابِ.

أَمَّا الذي لا يستعِد منذُ البِداية لدفعِ ثمَن نجاحاتهِ فإِنَّهُ سينقلبُ على مشروعهِ عندَ أَوَّل مُواجهة مع ثلاثةِ أَنواعٍ من الفِئاتِ الفاشلةِ والتي لا تتمنَّى أَن ترى ناجِحاً فيالمُجتمع، وهُم حسبَ الآية الكرِيمة {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}.

فهوَ أَمام هؤُلاء ودِعاياتهِم السَّوداء سيختارُ واحدةً من ثلاثةٍ؛

*الهَزيمة والإِنسحاب من المشرُوع وبالتَّالي التَّراجع عن تحقيقِ النَّجاحات، واللِّحاق والإِنخراطِ بجَوقَةِ الفاشلينَ.

*الهرَب مِنهم إِذا يقدر {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَاتَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.

*أَو أَنَّهُ يثبُت فلا يتزحزَح عن مشرُوعهِ ويُثابر إِلى أَن يُحقِّق نجاحاتهِ، وهو الأَمرُ الذي يحتاج إِلى ثقةٍ عاليةٍ بالنَّفسِ وبالمشرُوعِ وأَدواتهِ {كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ} و {وَلِيَرْبِطَعَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}.

وما يساعدُ على ثباتِ المرءِ لتحقيقِ النَّجاحاتِ ما يلي؛

١/ الحذَر من أَيِّ جِدالٍ عقيمٍ أَو الردِّ على خُزعبلاتِ [القَومِ] لأَنَّكَ ستكونُ أَوَّلِ الخاسرينَ في الجُهدِ وفي تضييعِ الوقتِ وستكُونُ ضحيَّة خُططهِم {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَإِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}.

أَمَّا أَميرُ المُؤمنينَ (ع) فيُحذِّر من الإِنخراطِ في الجدالِ العقيمِ بقَولهِ {فَمَنْ جَعَلَ الْمِرَاءَ دَيْدَناً لَمْ يُصْبِحْ لَيْلُهُ} أَي أَنَّهُ سيعِيشُ كُلَّ عمُرهِ في ظلامٍ دامسٍ بِلا نتيجةٍ.

٢/ التسلُّح بالأَمل فهوَ أَحد أَهم أَدوات المُثابرة، والعكس هو الصَّحيح فبمُجرَّد أَن يتسلَّل لكَ اليأس ولأَيِّ سببٍ كانَ فتأَكَّد بأَنَّك ستفشَل لا محالةَ.

أُنظُر كيفَ يمنحُ الله الأَمل لعبادهِ بقولهِ عزَّ وجلَّ {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

٣/ كما أَنَّ الإِصغاء لضِعاف النُّفوس الذين يكرهُونَ النَّجاحات ويحسدُونَ النَّاجحِين والذين يسعَون للنَّجاحِ يدمِّرُ اندفاعَ المَرءِ نحوَ العُلا، فاحذر أَن تُصغِ للفاشلينَ، فلاتطلُب منهُم مشورةً ولا تسمَع لنصائحهِم ولا تأخُذ منهُم تجربةً، فهُم لا يكونُوا إِلَّا مشرُوع فشَل فقط لا يُمكنُ أَن ينفعُوكَ في شيءٍ.

واحذر كذلكَ أَن تُصغي لاستخفافهِم بكَ وبمشرُوعكَ، فالفاشلُونَ يبذلُونَ جُهدهُم للحطِّ من قيمةِ النَّاجحِينَ حتَّى ولَو بالمُزحةِ، ولذلكَ لا ينبغي لكَ أَبداً أَن تسمعَ أَو تهتمَّلتعليقاتهِم {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}.

٤/ ولَو كانَ المرءُ واثِقاً من نفسهِ ومِن قُدراتهِ ومشرُوعهِ وأَدواتهِ لَما تأَثَّر بسُرعةٍ بمشاريعِ الآخرين، فيُبادر لتقليدهِم مثلاً أَو استعارةِ مشرُوعهِم أَو قضمِ جُزءٍ منهُ لحسابِرُؤيتهِم، وهي الحالُ الذي مرَّ بهِ بنُو إِسرائيل كما في الآيةِ الكريمةِ {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًاكَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}.

النَّاجحُونَ يكونُونَ دائِماً في قمَّةِ الثِّقةِ بالنَّفسِ واليقينِ بأَهميَّةِ مشروعهِم، ويأتي لهُم ذلكَ من خلالِ التسلُّح بالبصيرةِ أَي الرُّؤيةِ السَّليمةِ لكُلِّ خُطوةٍ يخطُونها نحوَ تحقيقِالهدف {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

وإِنَّ واحدةً من أَهم الأَفكار التي يجب أَن تُحاربها وأَنتَ تُخطِّط للنَّجاحِ هو التصوُّر بأَنَّك لن تُحقِّق أَهدافكَ قبلَ أَن تدمِّر الآخرين، فَرداً أَو جماعةً، فالبعضُ يتصوَّر أَننجاحهُ مرهُونٌ بفشلِ زيدٍ أَو عمرُو، وهذهِ قمَّة الجهل والأَنانيَّة في آنٍ واحدٍ، فالحياةُ مليانة فُرص نجاح ومَجالات مشاريع، فلماذا تربط نجاحاتكَ بفشلِ غيرِك؟! ولماذاتتصوَّر أَنَّهُم يُزاحِمُونكَ دائماً في المساحاتِ والوقتِ؟!.

إِحذر أَن تُفكِّر كما فكَّرَ إِخوةُ نبيَّ الله يوسُف (ع) {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/29



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ (٢٨)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net