صفحة الكاتب : سمير داود حنوش

منصب رئيس الوزراء في العراق .. وخُلاصَة خلّطة العطّار
سمير داود حنوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بعد أن كان منصب رئيس الوزراء الشُغل الشاغل والمؤثر الذي يجب إختياره بعناية فائقة يتماشى مع تطلعات ورغبات قادة المكون السُني والكُردي وذلك العُرف السياسي الذي إعتادت عليه المنظومة السياسية في العراق في دوراتها الإنتخابية الخمسة التي جرت بعد عام 2003 لإختيار الرئاسات الثلاث بتقاسمها بين الطوائف العراقية بحيث تكون رئاسة البرلمان إلى المكون السُني ورئاسة الجمهورية من حصة الكُرد، كان منصب رئاسة الوزراء من حصة الشيعة الذين كانوا يتسابقون فيما بينهم لنيل رضا الطوائف الأخرى من أجل القبول بمرشحهم لمنصب رئاسة الوزراء، أصبح هؤلاء الشيعة في إرباك من مشهدهم السياسي اليوم وفوضى تسير بهم في نفق مجهول إستدرج هذا الإرباك الكُرد والسُنة ليتداخل المشهد السياسي ويزداد تعقيداً وغموضاً خصوصاً بعد أن أصبح منصب رئيس الوزراء ليس هماً للكُرد والسُنة في من يتولى هذه المسؤولية بل للشيعة فيما بينهم.

الدستور العراقي الذي كُتب عام 2005 قد يكون مَنح سُلطات تنفيذية واسعة لمنصب رئيس الوزراء تفوق صلاحيات رئيس الجمهورية وهذه الصلاحيات التنفيذية جعلت الكثير من الكُتل والأحزاب الشيعية ممن يسيل لها اللعاب لنيل هذا المنصب والإنفراد به حتى أن بعض الكُتل باتت جاهزة ومستعدة للتضحية بحصصها ومناصبها وحتى وزاراتها من أجل الظفر بهذا المنصب.

إلى ذلك أراد الدستور العراقي الحدّ من صلاحيات هذا المنصب عن طريق إضافة عنوان (رئيس مجلس الوزراء) لكي لايسمح لمن يعتلي هذا المنصب التفرد بالحكم والسلطة وخوفاً من عودة الدكتاتورية التي غادرها العراق بعد عام 2003 بإعتبار أن نظامه برلماني وليس رئاسي، لذلك كان من الضروري إيجاد هذه التوصيفات للحدّ والتقنين من صلاحيات رئيس الوزراء بإعتبار أن صلاحية رئيس مجلس الوزراء ستكون مُقيّدة وربما موازية لصوت أي وزير ضمن كابينته الحكومية، لكن بالرغم من كل هذا التقييد إمتلك هذا المنصب صلاحيات واسعة وعلى مدار السنوات السابقة وضمن رؤوساء وزراء العراق الذين إستلموا الحُكم تعززت عندما أُضيفت إلى صلاحياتهم مهمة القائد العام للقوات المسلحة وهو مايعترض عليه البعض وينكره على إعتبار أن وظيفة القائد العام للقوات المسلحة هي وظيفة عسكرية يجب أن يتولاها شخصية لها تاريخ عسكري كوزير الدفاع مثلاً وليس شخصية مدنية كرئيس مجلس الوزراء.

ربما كانت هذه الصلاحيات الواسعة هي السبب الرئيسي في تذّمر وشكوى رؤوساء الجمهورية الذين تعاقبوا على رئاسة الجمهورية العراقية فصلاحياتهم لاتعدوا كونها بروتوكولية لايحق لهم المشاركة في القرارات التنفيذية وأن تقتصر مهمة رئيس الجمهورية في أن يكون حامياً للدستور في الوقت الذي تضرب أغلب الكتل السياسية هذا الدستور بعرض الحائط.

في المحصلة فإن خلاّط العملية السياسية التي تخلط فيه الكتل السياسية والأحزاب العراقية مواصفاتها لشخصية رئيس مجلس الوزراء القادم وطوال جميع المراحل السابقة كانت تنتج خلّطة من شخصية ضعيفة مستسلمة لإرادة الكتل والأحزاب يكون مستعداً لتنفيذ رغبات وتوجيهات أغلب الكتل التي أدلت بدلوها لإنتاجه.

الكتل السياسية التي كانت تبحث عن شخصية للقيام بمهمة رئيس الوزراء حسب الطلب باتت اليوم تخشى على مستقبلها السياسي وإستمرارية نفوذها خصوصاً بعد المتغيرات السياسية التي أحدثها الواقع العراقي في تظاهرات تشرين وإنتخابات مبكرة وتغييرات دولية وإقليمية قد تكون عوامل مستقبلية في الإطاحة بالروتين السياسي الذي إعتاد عليه النظام السياسي وهو مايُثير خوفهم وحفيظتهم ويجعلهم في تنافس محموم للظفر بهذا المنصب السيادي الذي يُديم الحياة السياسية للأحزاب، لكن الاهم هو هل ستستمر دورة الحياة السياسية في العراق بهذا الإنغلاق والتكرار؟...قد تكون الأيام القادمة والأحداث هي من يُجيب على هذا السؤال.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سمير داود حنوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/13



كتابة تعليق لموضوع : منصب رئيس الوزراء في العراق .. وخُلاصَة خلّطة العطّار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net