صفحة الكاتب : صالح الطائي

الحسين والخوارج
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لم تأت مقولة: «قُتل الحسين بسيف جده» من فراغ، فهي وليدة ثقافة سياسية رأت حينما استولت على حكم أمة الإسلام أنها لا تملك الشرعية التي تخولها ذلك، ولذا سعت بجد لتتشبث بالدين، ولتدعي بأنها ممثلته الشرعية. ومن ثم وظفت الدين لخدمة مقاصدها والدفاع عن نفسها ضد كل من يحاول كشف حقيقتها أو التصدي لتخريبها.
وقد كانت نهضة الحسين أحد أعظم المخاطر التي حاقت بهم، وهددت وجودهم، ولذا بحثوا عما يشرعن لهم قتله، فلم يجدوا أبسط من الادعاء بأن الحسين (عليه السلام) كان خارجياً، وهي الصفة التي أطلقوها على سبايا آل البيت عند دخولهم إلى الشام.
 ووفق هذا المنهج، جاء تعريف الشهرستاني في (الملل والنحل) للخوارج فقال: «فكل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجاً، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين، أو كان بعدهم على التابعين بإحسان، والأئمة في كل زمان».
 إذن، كل من يخرج على من اتفقت الجماعة عليه يُعد خارجياً، ولأن الحسين رفض اتفاق الجماعة وثار ليصلح شأن الأمة عَدّوه خارجياً.
ولما كان رسول الله (ص) قد أمر بمحاربة الخوارج، مثلما يتضح من الأحاديث التي استشهدوا بها مثل حديث أبي سعيد الخدري أن النبي (ص) قال في الرجل الذي أنكر عليه في قسمة المال: «إن من ضئضئ هذا قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد». إذ توعدهم رسول الله إن أدركهم ليقاتلنهم ويستأصلهم.
 بل جاء في رواية أخرى أنه (ص) أمر المسلمين بمطاردتهم وقتلهم؛ لأن في قتلهم ثواباً. وقد جاء في الرواية قوله: «فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنّ في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة».
 وفي رواية ثالثة، طوَّب رسول الله لمن يقتلهم أو يقتلونه والرواية عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك أن رسول الله (ص) قال في الخوارج:«هم شر الخلق، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا من الله في شيء. فمن قاتلهم كان أولى بالله منهم».
 وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله (ص): «سيخرج من أمتي ناس ذلقة ألسنتهم بالقرآن لا يجاوز تراقيهم، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإنه يؤجر قاتلهم»، وفي رواية أخرى: «فإذا خرجوا فاقتلوهم، فإذا خرجوا فاقتلوهم».
وحينما يتهم الحسين (عليه السلام) بأنه خارجي، يكون أمر مقاتلته حسب زعمهم قد جاء من جده النبي، وهذا هو المنطق الأفلاطوني وفرضياته التي يسير عليها أعداء الحسين اليوم، امتنعوا عن تسمية نهضته من أجل العدل والحق باسمها، فأسموها (خروجاً) ليلصقوا بالحسين صفة الخوارج.
 ولما كانت عندهم شروط لقتال الخوارج منها: أنّه لا مشروعية للقول باستئصال الخوارج، بل إنَّ قتالهم لردّ عدوانهم وصيالهم ونزولهم على الشرع، فقد اعتبروا الحسين خارجياً (صائلاً)؛ لكي يصحّ قتله وفق قاعدة قتال الصائل التي سنّوها وعملوا بها.
 والصائل هو: المعتدي على نفس غيره، أو عرضه، أو ماله بغير حق، ويشرَعُ للمتعدَى عليه ردُّ العدوان بالقدر اللازم لدفع الاعتداء، في كل زمان ومكان، بدليل قوله تعالى: «فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ»(1).
 ومن المؤكد أن هذه القواعد كلها وُضعَت، وبدأ العمل بها بعد مقتل الحسين (عليه السلام) وليس قبله؛ لكي يشرعنوا للناس عملهم السيء بعدما كثُرت الثورات ضدهم، وبدأ الناس يعترضون على قتل ابن بنت رسول الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة البقرة: 194


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/07



كتابة تعليق لموضوع : الحسين والخوارج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net