صفحة الكاتب : علاء تكليف العوادي

"لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم" حديث ضعيف موضوع
علاء تكليف العوادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


إن من أهم القضايا التي عمل علماء المسلين على البحث والتحقيق فيها وفي طرق وصولها اليهم هي قضية الإمام المهدي الحجة ابن الحسن (عليه السلام) ومما أثار البحث في جانب من جوانب هذه القضية حديثاً رواه ابن ماجة عن النبي (صلى الله عليه وآله) حيث أنه ادعى قولاً للنبي (صلى الله عليه وآله) قال فيه: «لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم» (1)، وقد أحتج ماجة من علماء أبناء العامة بهذا الحديث على نكران خروج الإمام المهدي أبن الحسن (عليه السلام) والذي هو أبن الحسن العسكري (عليه السلام) وقد تغافل أولئك النفر كُثر بل تواتر الأحاديث التي رويت في أغلب كتبهم، بل أنكر هذا الحديث جملة من علمائهم وضعفوه.
حيث ضعفه البيهقي، على ما حكاه عنه ابن حجر العسقلاني في تهذيبه، إذ قال بعد كلامه على تضعيف «لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم» قال: «والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسناداً» (2). 
وذكر القرطبي صاحب التفسير في كتابه التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة: «والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم لها دونه» (3).
وقال السفاريني الحنبلي في لوامع الأنوار البهية: "تنبيه: قد كثرت الأقوال في المهدي حتى قيل لا مهدي إلا عيسى بن مريم والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى وأنه يخرج قبل نزول عيسى بن مريم عليه السلام وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم" ثم ذكر بعض الآثار والأحاديث في خروج المهدي وأسماء بعض الصحابة الذين رووها ثم قال "وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة وعن التابعين من بعدهم ما يفيد مجموعة العلم القطعي فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة" انتهى (4).
وحكم على ضعف وجهالة وارسال هذا الحديث جملة منهم فمع ذلك لا يمكن الاعتماد على هذا الحديث وترك ما تواتر عند علمائهم من الأحاديث الثابتة والصحيحة على صحة خروج الإمام المهدي (عليه السلام) وكونه من عترة النبي (صلى الله عليه وآله).
ونعت الذهبي في سير اعلام النبلاء الحديث بالتدليس إذ قال: «وأما الحديث الذي انفرد به عن الشافعي، حديث: "لا مهدي إلا عيسى"، فلعله بلغه عن الشافعي، فدلسه. وقد رأيت أصلا عتيقا يقول فيه: حدثت عن الشافعي» (5).
فقد حكم ابن تيمية أمام الوهابية بضعف الحديث وجهالة رواته وذهب الى تركه لما يقابله مما ورد من صحيح الروايات التي تدل على أنه من عترة النبي (صلى الله عليه وآله)، حيث قال في كتابه منهاج السنة النبوية: في التعليق على الحديث الذي رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله: «وهذا الحديث ضعيف، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه وليس مما يعتمد عليه، ورواه ابن ماجه عن يونس عن الشافعي، والشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن، يقال له: محمد بن خالد الجندي، وهو ممن لا يحتج به. وليس هذا في مسند الشافعي، وقد قيل: إن الشافعي لم يسمعه من الجندي، وأن يونس لم يسمعه من الشافعي» (6).
وأما ابن القيم تلميذ ابن تيمية الذي انتهج منهجه في التشديد خصوصاً في ما يتعلق بحياة أهل البيت (عليه السلام) فقد ذكر في آخر كتابه المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف، فصلاً في الكلام على احاديث المهدي وخروجه، وعند ما أراد الجمع بين هذه الاحاديث وبين حديث: «لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم»، قال فيه: «وسئلت عن حديث لا مهدي إلا عيسى ابن مريم فكيف يأتلف هذا مع أحاديث المهدي وخروجه وما وجه الجمع بينهما وهل في المهدي حديث أم لا؟.
فأما حديث: لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم، فرواه ابن ماجة في سننه عن يوسف بن عبد الاعلى عن الشافعي عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو مما تفرد به محمد بن خالد. قال أبو الحسن محمد بن الحسين الابري في كتاب مناقب الشافعي: محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل. وقد تواترت الاخبار واستفاضت عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملا الارض عدلاً، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الامة ويصلي عيسى خلفه، وقال البيهقي: تفرد به محمد بن خالد هذا، وقد قال الحاكم أبو عبد اللّه: هو مجهول، وقد اختُلف عليه في إسناده، فروي عنه عن أبان بن أبي عياش عن الحسن مرسلاً عن النبي (صلى الله عليه وآله). قال: فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد ، وهو مجهول ، عن أبان بن أبي عياش، وهو متروك، والاحاديث على خروج المهدي أصح إسناداً».


قال ابن القيم: «قلت: كحديث عبد اللّه بن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم ، لطول اللّه ذلك اليوم حتى يبعث رجل مني (أو من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملا الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. قال (يعني الترمذي): وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة، ثم روى حديث أبي هريرة وقال: حسن صحيح» (7).
وقد أشير الى تواتر أو كثر أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) جملة من علماء العامة منهم: 
أبو داود حيث عقد في سننه كتاباً، قال في أوله: "أول كتاب المهدي"، وقال في آخره: "آخر كتاب المهدي"، وجعل تحته باباً واحداً أورد فيه ثلاثة عشر حديثاً، وصدر هذا الكتاب بحديث جابر ابن سمرة قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة" الحديث.
قال السيوطي في آخر جزء من العرف الوردي في أخبار المهدي: "إنَّ في ذلك إشارة إلى ما قاله العلماء: إن المهدي أحد الاثني عشر" (8).
ومنهم: أبو القاسم السّهيلي، إذ قال: «ومن سؤددها «فاطمة» أيضا أنّ المهدي المبشّر به آخر الزّمان من ذرّيّتها فهي مخصوصة بهذا كلّه، والأحاديث الواردة في المهدي كثيرة» (9).
إضافة لما ذكرناه من قول السفاريني الحنبلي في لوامع الأنوار البهية، وابن تيمية وغيرهم كثير لم يسعنا ذكرهم في هذه المقالة القصيرة.
وقد ادعى احد رجال الجماعة الأحمدية زوراً وبهتاناً أن الشيعة قد اقرته وقد نقل في مقال له على موقع الجامعة ذلك الادعاء بأن العلامة المجلسي قد رواه عن النبي (صلى الله عليه وآله) يريدون بذلك المغالطة والتشويش على القارئ إلا أن العلامة لم يورد هذا الحديث في بحاره إلا في مورد واحد عنونه ب(الباب الحادي عشر في الرد على من زعم أن المهدي هو المسيح بن مريم) حيث ذكر في رده بعد كلام إذ قال: (وعن جابر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا فيقول ألا إن بعضكم على بعض امراء تكرمة الله تعالى هذه الامة قال : هذا حديث صحيح حسن رواه الحارث بن أبي اسامة في مسنده ورواه الحافظ أبو نعيم في عواليه وفي هذه النصوص دلالة على أن المهدي غير عيسى.

ومدار الحديث «لا مهدي ألا عيسى بن مريم»: علي بن محمد بن خالد الجندي مؤذن الجند ، قال الشافعي المطلبي : كان فيه تساهل في الحديث قال : قد تواترت الاخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلى الله عليه وآله) في المهدي وأنه يملك سبع سنين ويملا الارض عدلا وأنه يخرج مع عيسى بن مريم ويساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين وأنه يؤم هذه الامة وعيسى يصلي خلفه في طول من قصته وأمره وقد ذكره الشافعي في كتاب الرسالة ولنا به أصل ونرويه ولكن يطول ذكر سنده قال : وقد اتفقوا على أن الخبر لا يقبل إذا كان الراوي معروفا بالتساهل في روايته) (10).
ـــــــــــــــــــــ 
(1) ابن ماجه، سنن ابن ماجة، ج5، ص165.
(2) العسقلاني، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ج9، ص144.
(3) القرطبي، شمس الدين، التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، ج1، ص1205. 
(5) السفاريني الحنبلي، محمد بن أحمد، لوامع الأنوار البهية، ج2، ص84.
(6) الذهبي، شمس الدين، سير اعلام النبلاء، ج10، ص55.
(7) ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ج8، ص256.
(8) ابن قيم الجوزية، شمس الدين محمد، المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ص192.
(9) راجع: كتاب عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر - السادس ذكر بعض الأحاديث في شأن المهدي الواردة في غير الصحيحين، ص134.
(10) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج51، ص93.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء تكليف العوادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/20



كتابة تعليق لموضوع : "لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم" حديث ضعيف موضوع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net