صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة انطباعية  في النصوص الفائزة في مسابقة المكتبة النسوية 
علي حسين الخباز

  يقدم النص السردي نفسه عبر عدد من الأساليب التي ترسم الموقف بالعناصر المكونة في بنيته النصية مع وجود دلالات شاملة مدركة وخاصة عندما يمتلك توافقات المعنى المعتمد على سيرة غيرية لأحد الرموز المقدسة اذ يرتبط مع نفسية متلقيه، فيكون الاهتمام بالمسعى المضموني مع وجود جمالية المبنى التعبيري.

 ولكي تحقق خاصية الاحتواء بالرمز المقدس لا بد ان تشتغل بآليات تحقق أهدافه مثل: توظيف الرمز بسبل ترتكز على تفجير الطاقات الإبداعية الخلاقة المبنية على أسس فكرية حضارية.
 العمل السردي يحتوي طاقات تعبيرية قادرة على تحري المشاعر والاحاسيس، وقادرة على مجاراة معطيات الواقع التاريخي والرمز باعتباره محمولا ثقافيا له القدرة على التفاعل .
مسابقة نصية تعمل على الاحتفاء بإمام معصوم هو الامام الحسن العسكري (عليه السلام) بما يمتلك من تجليات واعية مضيئة، اقصد مفهوم تقديم هذا الاحتفاء ضمن المبنى الحكائي ولكل نص من النصوص الفائزة له سبله التدوينية التي لا تكتفي بتسجيل الوقائع وتسجيل الحدث وانما كل نص من هذه النصوص له فاعليته واساليبه المتنوعة والمؤثرة، قراءة هذه التجارب تقدم الأساليب التفصيلية التي اعتمدها كل نص: 
النص الفائز الأول:
قصة شعاع القدس - للكاتبة رجاء محمد البيطار:
يرتكز هذا النص على عدة تنوعات اسلوبية منها السجع فكانت اشبه بالمقامة بما تمتلك من كثرة السجع وقوة الإيقاع: 
«شعاع من حضرة القدس انطلقت بالأمس يوم سجدت الملائكة لآدم وابى ابليس فشهدت انبعاث تلك النفس».
المقامة ادب نثري يقوم على أسس القصص والسرد الحكائي, واستثمار هذا النمط بالأسلوب السردي الجاد والخطاب المشحون بالقيم الفنية والجمالية ومن ضمنها أسلوب السجع وجرس الكلمات التي تطغي على السرد:
«ورحت اتغلغل ما بين ثواني الزمان ودهوره, وينساب كياني النوراني باحثا عن جذوره».
اغلب سرديات النص معتمدة على السجع والأسلوب الثاني الذي اعتمده نص رجاء بيطار هو التضمين القرآني والاستشهاد:
«يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية».
استخدام اللفظ القرآني كتناص فاعل يستخدم التناص اثر الوعي الفكري والثقافي التي تتمتع بها القاصة: 
«ان بينها وبين حضيرة القدس نسبا افلا اتبع لها سببا؟».
وهذا تناص قرآني: 
«ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا {89} حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا» {الكهف/90}.
وارتكز النص على اسلوبية الاستفهام والاستفهام من اعظم الأساليب التي تحرك مشاعر المتلقي, والاستفهام يخلق تنوعا اسلوبيا يحرك عوالم النص: «ولكن مهلا الا اتفقد صوابي, شجرة الخلد المعلى؟»
ومعظم الأسئلة تحث على التصور: 
«ما للشجرة المقدسة التي تحمل اخر البشر اذ ذبلت وغشيها هم وكدر».
وتعتمد على تنوعات اسلوبية أخرى مثل: الدلالة الرمزية والفسلفة الايحائية لتخرج من الاطار التقليدي: 
«اثنا عشر مرة مررت من هنا»
«اما السبط الأخير فباقي الى يوم الوعد المكنون».
واستخدمت الكاتبة بيطار أولا الراوي المتكلم عبر وسيط دلالي ورمز ثانوي هو الاشعاع لتصل الى سرد السيرة للرمز المقدس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة الفائزة الثانية: 
نص (وخبا السراج) للقاصة نرجس مهدي:
 النص المعبر عن الحياة والانسان والكون يتسع الى احتواء الرمز المقدس بما يليق له من الرضا والتسامي بالفكر والهدف فيثير نص (وخبا السراج) للقاصة نرجس مهدي التي فازت بالجائزة الثانية العلاقة التواصلية مع الرمز المقدس يعني انه نص مضموني جعلت الفكرة تتسامى الى حيث الفكر عبر الراوي المتكلم (انا المتكلم) ومقومات النص انه يقدم عبر رمز ثانوي هو السراج .
نص امتلك الجمالية والتنوعات الاسلوبية عبر مستوى اللغة والتراكيب الفنية وعلى مستوى المضامين والأفكار .
أولا- امتاز النص بشعرية عالية لجمل امتلكت شعرية التركيب مثلا: (مسمار عمري)، او نقرأ جملة (اكتحل دين الله بوجوده).
ثانيا- يميل الى الوصفية:
جميل المحيا/ حسن القامة/ فريد في السجية/ جلال وهيبة يشع في سنا وجوده.
ثالثا- دلالات على رموز أخرى حيوية مثل رمزية الباب والضلع والمسمار وعليل كربلاء/ الخيام/ النار/ اهوال كربلاء. 
رابعا- استخدام الأسلوب الانسني: السراج ينوح وله شفاه، وأنسنة تاج الامام والمحراب.
خامسا- أسلوب سردي يكشف عبر السرد عن معاناة المعصوم.
سادسا- أسلوب الالتفات القرآني كان واضح المسعى تقول:
(يراقبون خطواته/ يحسبون أنفاسه) (الغائب) 
(زمجرت اعاصير حقدهم ليقتلوك) يتحول المسار الى (المخاطب) ويعود مباشرة الى الغائب. 
يتراوح النص انتقالا من الغائب الى المخاطب ثم الى الغائب. 
سابعا- جمالية النهاية، اذ اعلن السراج وهو راوي القصة عن إطفاء جذوته ليعلن الحداد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة الفائزة الثالثة: 
نص (في ذكرى كل معلم نهضة قالوه) للقاصة آلاء محمد حسين الخفاف:
النتاج الادبي نتاج القرائح وجني العقول ليمتلك البصيرة واهم نقاط التواصل هي الشفافية المتجذرة في منبع التلاقح الفكري بين النص والمتلقي .
الرقي الفني واللغة العالية من المواضيع الفكرية التي تحتاج الى كسب المتلقي بالمشاركة في الوعي والتفاعل والا ان يكتمل النص بلغة عالية مجنحة ستسمو على ثقافة المتلقي, ربما يقدر ان يمس بعض انفعالات الانسان الفورية, بعض الجوانب الحيوية لكن ربما ستجد مشكلة في اثارة عواطفه, النص يتجاوز الذوق الى عملية ذهنية واعية قيمة فنية معرفية للنصوص، ومعالجة الأداء، النص الفائز الثالث يحرك لغة رصينة عالية منذ بدء العنوان:
 في ذكرى كل معلم نهضة قالوه)
وارتكز النص على تنوع الأداء أولا حرف الروي الجرس الموسيقي مثلا:
«تراث لمحمد (ص) تجلى وهو في حصار علم للهداية...» 
ثانيا- سردية إخبارية بصرامة التعامل اللغوي افرطت بعض الشيء في شد أواصر التواصل لغة خطابية مباشرة انفعالية عملت فنها بمعزل عن الترابط فقدت الكثير من سلاسة النص: 
«يا ويلهم ما احلوا/ وعين العدا بائقة ترقبهم/ الذي في افاق الزمان مشرقه»
ثالثا- شعرية الجملة نثر الإحساس بالجمال وافصاح دلالي لا بد ان يصوغ هذه الشعرية ضمن المكون النصي: 
«خطب بسامراء أضرم الحشى/ وصبت عليه العيون دمعها أنهارا/ لوالد غيل لغدر الزمان سم حارق الاحشاء».
لكن انشغالها بالجرس الخطابي: يا ويلهم ما احلوا العسكري/ ياويلهم سموا العسكري/ شلت افواه وايادي الظالمين/ ايه امام زماننا».
رابعا- اسلوبية الالتفات افقدت سير الخطاب ليتحول من الغائب فجأة الى المخاطب: «ذكرى شهادتك سيدي موجعة»
خامسا- التشظي لكسب الدلالات الرمزية:
«كف بكف العباس يتأسى/ رمزيات الطف»
النص جميل لكنه بحاجة الى اختزال شعريته العالية نحو التماسك السردي اذا كان القصد كتابة القصة. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفائز بالجائزة الرابعة: 
قصة (غسق وفلق) للقاصة المبدعة زينب العارضي: 
هوية الكاتب تأخذ الجانب اللغوي عندما يثمر النص فتحتاج القراءة المستمرة لتصبح الهوية التدوينية اقصد هوية الكتابة منتمية الى الخلق الادبي المتأثر به المبدع يعني هناك عملية تأسيس لذائقته الأدبية في نص المبدعة زينب العارضي وجدت اكثر من هوية ويعني اكثر من انتماء يعني اكثر من فكرة اسلوبية في غسق وفلق نجد في النصف الأول من النص منطقة سردية تكشف عن الاحداث بروية تترجم كل حدث لتبدأ من الحزن (تضج سامراء بهول المصيبة) ويستمر الحدث الى الحالة الجديدة بالولادة الجديدة (فسرعان ما ينفلق الصبح البهي) فجأة تتحول الى لغة أخرى سرد اخر الى البحث عن الحرف الروي عن الجرس الموسيقي الذي يغير الأسلوب الى الأساليب المعارضة (في بيت الامام كان انبثاق هذه الانوار، وقام الوالد بإخفائه عن الأنظار وكتم الاخبار الا عن المقربين والاخيار) وهكذا تستثمر في موسيقى حروفها المنتقاة: 
(ستأتي عن قريب/ نداء الرب الحبيب/ كجده السبط الغريب) ونحن نبارك لهذه المبدعة وننصحها بالتمسك بهويتها التدوينية لتصل يوما الى خلق هويتها الخاصة بها من سيقرأ حروفها سيقول انها للكاتبة زينب العارضي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الفائزة الخامسة - فاطمة الركابي: 
عنوان القصة (لا تستح واطلب من امامك كل شيء):
ايماءة ذكية تذهب المبدعة الى رمز ثانوي يجذب جهة البناء والدلالة ليعزز لنا الرمز الأول وظهور (أبو هاشم الجعفري) ومعاناته بشكل مكثف مضغوط وكأنها تكتب ادب الفكرة الاشتغال ببساطة والبساطة في الادب قوة, يصبح عندها الرمز (أبو هاشم الجعفري) وهو السبيل الذي يحتوي لمعالم الامام المعصوم من خلال قصة ثانية وبطل ثان يعكس بطولة القصة الى الرمز الأول سرد غني يمنح المتلقي فرصة استحضار الرمز المقصود والعودة الباكرة صوب محطات معرفية تمارس على ذهنية المتلقي العصف الذهني, الامتاع والالتذاذ بالنص، البعد الدلالي المتنقل الى قيمة الدال الفاخر .
ــــــــــــــــــ 
المرتبة السادسة  - للكاتبة لمياء الموسوي 
قصة (كيف اتقى غيث الورى في سر من رأى): 
جوانب إبداعية كثيرة تكشف عن جانب من جوانب فلسفة الرمز والتعريف بالرمز هو لمسة الكاتبة الإبداعية يرى الرمز وجها مقدسا فهو الامام الحادي عشر، لكني اريد ان أقول شيئا معبرا يستند اليه معظم كاتباتنا هو السؤال الروتيني الذي اصبح روتينيا بحق كيف سأكتب؟ كيف يستطيع القلم الضعيف ان يعبر؟ كيف لا يعجز البيان القاصر عن استيعاب حياة امام؟
هذا يعني انها حملت الكتابة اشتغالات ابعد من حظها بدل الرموز المقدسة هي محاولة تسليط الضوء على حياة الامام، لا احد يستطيع استيعاب رمز معصوم والمسعى القول الرشيد عند هذه الكاتبة انها عبرت عن اراء إبداعية. 
ـــــــــــــــــ 
الخاتمة:
الكتابة الإبداعية فن التمكن التعبيري عن الأفكار والمشاعر والعواطف بدلا من ثقل المعلومات المجردة. الكتابة للائمة (عليهم السلام) ايمان لكن المهم كيف نجعل لهذا الايمان القبول الإنساني؟ كيف نصوغ الابداع ؟ كيف نؤثر في المتلقي؛ لأننا نتناول حياة أصحاب فكر وعقيدة وايمان؟
ابارك لهذا المسعى وأتمنى التوفيق للمكتبة النسوية ولجميع الكاتبات من اجل تكوين ادب الالتزام .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/18



كتابة تعليق لموضوع : قراءة انطباعية  في النصوص الفائزة في مسابقة المكتبة النسوية 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net