صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة انطباعية في شجر الخلود
علي حسين الخباز

  يحقق انتماء النصّ الفكري للعقيدة الإسلامية فكرًا مبدعًا يتجلى بأصالة المسعى؛ لما يحقق الرقي والتميز في وقت راح يتخبط فيه بعض رموز الفكر الإسلامي بتبعية التقليد، مبتعدًا عن القيم الروحية وهواجس إنسانية ينفعل بها ضمير الوعي الى مذاهب منحرفة عن الإسلام وعن التصور الإسلامي.

 أدب وجودي متمرّد يسمى بـ(الأدب الأسود) والكثير من الكتاب العرب والمسلمين ساروا على آثار كتاب الغرب محاولين فصل الدين عن الابداع، وأهملوا الرموز والشفرات الإسلامية بمعنى أن تحقيق الانتماء لا يتمّ إلا عبر توقير الرموز الإسلامية، وترصين ثقافة القارئ المسلم.
 وفي كتاب (شجر الخلد) للكاتب حميد المختار، وفي موضوع جدلية الغرب الإسلامي، يرى أن المثاقفة بمعناها الحي تضعنا على الطريق الصحيح في تجاوز حالة التخبط وصراع الهويات المتداخلة التي ظلت تشكل خليطا من المفاهيم وعقبة معرفية أمام تقدمنا العلمي والحضاري تعنون الوعي الزائف، وهي متابعة ذكية لسقوط الفكر واليقينيات في براثن الايديولوجيا والدين هو الحياة والنفس والإنسانية ومقوماتها الدين الصادق المنزل من عند الله الصدق والأصالة والمثل العليا التي تتواءم مع واقع الحياة، وتتطور معها هذا الوعي يعمل على احترام الذات مقابل معرفة الحجم الطبيعي للآخر دون تمجيده، وإلغاء هويتنا الشخصية دون محاولة التركيز على إسقاط معطيات حضارتنا أو التنبيه على ما يفعله بعضهم من الغاء متعمد لأصالة المناهج العربية في شتى مناحي الفكر وتشعباته.
هذا بطبيعته سيحصّن لنا النظرة الدونية لتراثنا التي عمل على ترسيخها المستشرقون من خلال الدسّ والتشويه والتحريف؛ ليكون الغرض هو الوصول الى اللاهدفية المخربة التي تسربت الينا عبر تيارات العدمية والوجودية والعبثية، وما زالت عاملة على التخريب الثقافي.
 الثقافة بلا مضمون هي خواء وفراغ، والعشوائية سذاجة، وجنون السعي إذن أن يكون الفكر بلا فكر وبلا معنى يرتقي الى الرفعة والسمو لا بد للفكر من مضمون وأفكار وفلسفة مستمدة من واقع الانسان الذي يتطابق مع واقعية الدين بلا شوائب فكرية منحرفة، الفكر الذي لا يمثلنا هو تخريب  يصل الى الحد الذي يعدّ به قراءة التاريخ الثقافي والحضاري تخلفًا ورجعية، يشيعون من الانحدار والتقوقع والهزيمة هزيمة النفس واستهجانها لموروثات الجلال الأعلى بما يشرعه الغربي، وينفذه التلميذ الشرقي بطريقة ببغائية بوصفها مسلّمات، ويبني عليها اطروحته العلمية.
 كتاب (شجر الخلد) سعى الى كشف حالة الاسفاف الذي يبعث في النفس الاثارة، واللا تزان، وزرع اللا وعي؛ ليصل بنا الى الفزع والتدهور النفسي العام، لهذا صار عندهم الأدب الجاهلي يعامل باعتباره مسخًا، والاعجاز القرآني صار عندهم خرافة وتلفيق.
 أساطير توراتية وانجيلية بمجرد أن المستشرق أبدى رأيًا في ذلك، ولو تأملنا في الرأي لوجدناه يعبر عن مكنونات الحقد على القرآن والرسول الكريم (ص) وعلى الإسلام والمسلمين .
 نحن لا نريد فكرًا يوافق خصوصيات كل مذهب، لكننا نريد مادة للاستفادة منها في تقويم انسانيتنا على أن يمنحنا الحقيقة عبر علم أخلاقي يرتقي الى الثقافة الإنسانية والرؤى التي نجد فيها الحياة بشكل متطور مضمون شمولي متكامل.
 حاول الاستشراق أن يزرع فينا روح البلاهة والسذاجة، وأن يمسّ المقدسات بتوظيف منفر, وصار يملي علينا رموز غريبة عن التراث العربي كأسماء الآلهة المستمدة من الأساطير اليونانية مع الجهل التام بمعنى وجود الرمز أو خلفيته الثقافية.
 ويعلل الكاتب حميد المختار أن الاختلافات التي يتبنّاها الآخر يريد زعزعة نظام الحضارة وخلخلة أهداف المجتمع وأركانه، والمثقف الإسلامي والعربي لا يعلم بما يُدسّ له من سمّ في العسل المرّ لتراثه؛ بسبب الجهل المستشري وقلة الوعي الحضاري الذي يعرّضه الى غسيل دماغ منظم يحزّ الوعي الإسلامي داخل الأمة.
 اجترار المستورد وقبول المفاهيم الفكرية دون تمحيص يؤدي الى الغموض وتسطيح الرؤى والضياع بهذا المعنى نصل الى نتيجة نحن علينا من يهذب الانتقاء، ويشذب مساعي المستورد بما يخدم الأمة، ولا يخالف التصور الإسلامي، ولا نعني الالتزام الديني وتعليم المنهج، بل القصد لنشر الأدب والفكر الجمالي وما يسمّيه بعض المشايخ في الأدب الصالح، والفكر الصالح، والعلوم الصالحة.
 السؤال: هل هناك قصور في الموروث العربي الإسلامي أدبا وثقافة وفكرا؟ ألا نملك فكرا يعالج قضايا الانسان بما يمتلك من اجتماع وسياسة واقتصاد؟ ألن ينجح الفكر العربي المسلم في احتواء الفطرة والتعبير عن المنظور الإنساني عن الايمان والسعي لبناء الفكر الإنساني ضمن حدود الصلاح؟
إذن، ما الذي جعلنا نغلق الآفاق أمام هذه الرؤى، وأمام نهضتنا؟ لماذا تقودنا النتائج التي استحكمها لنا الغرب؟ ما الذي ينقصنا لبناء منظومة أخلاقية قادرة على تجاوز تلك القيم المادية؟ لو تألمنا الغرابة الحاصلة في معنى الإهمال بالموروث والقيم، هناك اهتمام غير طبيعي بمعطيات حضارة الغرب واشكالياتها والتعلق بأسماء المنظّرين الغرب، وبعض مفردات التشهير والتفكيك، وعلاقة الدال بالمدلول، وحفريات (فوكو) لا يلغي المباحث اللغوية عند الأصوليين، الكثير منهم يعتقد أن عليه ان يشطب معطيات الحضارة الإسلامية، ويلغي ما دوّن في ذاكرة الإنسانية وحضاراتها.
 سعى الكاتب حميد المختار الى مرتكز العصب الفكري الذي لا بد ان يُحاور، لا بد أن يُناقش، لا بد أن تُرسّخ مفاهيمه، على هذا الجيل أن يدرك معنى امتعاض أحد القساوسة من سلوك الشباب عندهم، فهو يشعر بالخطر بأن هناك شبابا يقرؤون فلسفة المسلمين؛ ليتعلموا كيف يعبرون عن انفسهم بشكل أكثر دقة.
 على هذا الجيل أن يدرك ما يرمي اليه الأستاذ حميد المختار؛ ليعرف لماذا لا ينفصل الغرب بوعيه الحديث عن تراثه، بينما أغلب العلوم انتجتها العقلية الإسلامية، القضية مذهلة، لو تأملنا فيها سنجد هناك من فجّر أزمة المصطلح، ولنجد في كتاباتهم مصطلحات ذات جذور إسلامية، رجعت الينا غريبة ودون ملامح سوى الغرابة وعدم الفهم الدقيق، لنصل الى حكمة الأستاذ المعد وفائدة عمله الكبير بانتقاء قراءات عديدة.
 كل شيء مرغوب في عالم الابداع ما دام فيه متعة وفائدة، ويحث على بناء مجتمع أفضل، فهو يرى اننا بأمس الحاجة الى العودة من جديد الى ثقافتنا الأولى، وتراثنا من خلال وعي جاد ومضاد لكل أنواع التضليل والزيف والذوبان المتعمد والمتماهي مع الأثير الذي عطلنا قرونًا طويلة عن مسيرة التقدم والازدهار ومواكبة سيرورات الحضارات الإنسانية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/02



كتابة تعليق لموضوع : قراءة انطباعية في شجر الخلود
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net