صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

المجلس المركزي الفلسطيني مخاضُ الانعقادِ وبطلانُ القراراتِ (1) شرعيةُ التمثيلِ وأصالةُ التشريعِ
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

شغل المجلس المركزي الفلسطيني الذي عقد يومي السادس والسابع من شهر فبراير/شباط الجاري، مختلف الأوساط الفلسطينية الشعبية والرسمية، والحزبية والنقابية، وكذلك الأوساط العربية والدولية والإسرائيلية، وسلط الضوء عليه ماهيته وهويته، وتكوينه وتشكيلته، وشرعيته وأصالته، وعضويته وهيكليته، وعدد أعضائه وطريقة اختيارهم، واجتماعاته وقراراته، والمهام الموكلة به والصلاحيات الممنوحة له، وغير ذلك مما يعني المراقبين والمتابعين، سواء كانوا معنيين بصورةٍ مباشرةٍ كالفلسطينيين، أو مهتمين بالقضية الفلسطينية كالإسرائيليين والدول العربية وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

سأحاول في سلسلة المقالات التالية أن أجيب على التساؤلات السابقة، وأن أسلط الضوء على اجتماعات المجلس المركزي وخاصةً الأخير منها، وأن أبين في عناوين منفصلة، عدالة التمثيل وشرعية الانعقاد، وأعرض مواقف القوى والفصائل الفلسطينية من انعقاد المجلس المركزي، ومشاركة بعضها ومقاطعة آخرين، فضلاً عن المواقف الشعبية الفلسطينية في الوطن والشتات، والمزاج الشعبي العام من كل ما جرى، وسأستكمل الصورة ببيان المواقف الإسرائيلية من قرارات المجلس المركزي، ودورها في تسهيل انعقاده وتيسير دخول أعضائه وتوجيه جلساته، وسأستعرض الآفاق المستقبلية والحلول المرحلية، ودور المجلس المركزي في تقرير الحلول الممكنة، علَّ القارئ الكريم يستطيع أن يفهم ما جرى، وأن يدرك خطورة ما تم الاتفاق عليه أو إعلانه.

تشكل المجلس المركزي الفلسطيني بموجب قرارٍ صادرٍ عن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة عشر، التي عقدت في مارس/آذار عام 1977، ليكون حلقة وصلٍ بين المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ما بين كل دورتين عاديتين من دورات المجلس الوطني، فأصبح بذلك ثالث أعلى هيئة فلسطينية بعد المجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

تقرر أن يكون عدد أعضاء المجلس في حينها 32 عضواً، ولكن هذا العدد لم يكن ثابتاً، إذ جرى على مر السنين إضافة أعضاء جدد من المستقلين عموماً، ومن المنتمين إلى الفصائل الفلسطينية المختلفة المشكلة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علماً أن أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية هم حكماً أعضاء في المجلس المركزي، بالإضافة إلى عدد من ممثلي الفصائل الفسطينية والنقابات المهنية والمستقلين، وهو ما جعل عدد أعضائه يصل إلى أكثر من مائة عضو، حيث بلغ عددهم في دورته الأخيرة التي عقدت قبل أيامٍ في مدينة رام الله، مائة وواحدٌ وأربعون عضواً، في حين ذكرت بعض التقارير أن ثلاثة أعضاء تغيبوا، بما يعني أن أعضاء المجلس المركزي الفلسطيني للعام 2022 بلغ 145 عضواً.

كان المرجو عند تشكيل المجلس المركزي الفلسطيني أن يكون تمثيله عادلاً، فتتمثل فيه كل القوى الفلسطينية، فضلاً عن النقابات والاتحادات والمستقلين، ويكون مهيأ للقيام بمهام المجلس الوطني الفلسطيني في حال تعذر انعقاده، أو بين دوراته العادية، حيث نصت قوانين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن ينعقد المجلس المركزي الفلسطيني دورياً كل ثلاث أشهر، يقوم خلالها بمحاسبة ومراقبة أداء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويستطيع القيام ببعض المهام التي أوكله بها المجلس الوطني، على ألا يصادر دوره، وألا يحل مكانه، وألا يحول دون انعقاد الأصل وتجديد شرعية الفرع.

إلا أن المجلس المركزي الفلسطيني أصبح مع مرور الزمن صورةً مصغرةً عن المجلس الوطني الفلسطيني، الذي تسيطر عليه حركة فتح وتوجهه، وتقوده وتحركه، بينما أصبح تمثيل الآخرين فيه رمزياً وشكلياً وقليل العدد، أي أنه لم يعد هيئة وطنية جامعة، تمثل كل قطاعات الشعب وفئاته، حيث أصبح جل أعضائه من المستقلين المعينين خارج الأطر الرسمية للمجلس الوطني، والمخالفين في تعيينهم لقوانين ولوائح المنظمة، ممن يدعون الاستقلالية وعدم الانتماء الفصائلي، في حين أنهم كانوا جميعاً إما من حركة فتح، أو من المناصرين لها والعاملين في الخفاء معها، وبذا لم يتمكن أحدٌ من المستقلين أن يصل بنفسه إلى عضوية المجلس المركزي، دون رافعة فتحاويةٍ، أو قرارٍ مباشرٍ من رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الأول ياسر عرفات والثاني محمود عباس.

رغم أن المجلس المركزي الفلسطيني قد اتخذ على مدى السنوات الماضية مجموعةً من القرارات الهامة، نيابةً عن المجلس الوطني الفلسطيني، بما ينسجم معه ولا يتعارض مع قوانينه، إلا أن قراراته اتسمت بالحزبية، وصدرت خدمةً لتيارٍ معينٍ في منظمة التحرير الفلسطينية، وجاءت أغلبها لتيسير عملية السلام والمفاوضات الجارية مع العدو الإسرائيلي، وتسهيل عمل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وتوسيع صلاحياتها، وزيادة ميزانياتها، والمصادقة على أغلب قراراتها، وتغيير القوانين بما ينسجم مع المخالف لها أو المتعارض معها.

ومن صلاحياته المنصوص عليها، وهي صلاحيات كثيرة وتزداد مع الأيام في ظل تعثر انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، مناقشة مشاريع القرارات التي ترفعها إليه اللجنة التنفيذية، ومناقشة وإقرار الخطط المقترحة من دوائر منظمة التحرير، ومحاسبة المسؤولين ومحاكمتهم، وتجميد عضويتهم وسحب صلاحياتهم وفصلهم، على أن تعرض قراراتها على المجلس الوطني في أول انعقادٍ له.

إلا أن أهم قرارات المجلس المركزي الفلسطيني التي نفذت، وكان لها أبلغ الأثر على القضية الفلسطينية، فقد تمثلت في تسمية ياسر عرفات رئيساً للدولة الفلسطينية، في اجتماعه بتونس يوم 30/3/1983، وقراره في 10/12/1993 بتشكيل السلطة الفلسطينية، وتسمية ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيساً للسلطة الفلسطينية خلال المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو للسلام الموقعة مع الكيان الصهيوني.

أما أشهر قراراته التي لم تنفذ، والتي بقيت حبراً على ورق حتى اليوم، فهي تعليق الاعتراف بالكيان الصهيوني، ووقف كافة أشكال التنسيق الأمني معه، والمباشرة بتقديم طلبات انضمام فلسطين إلى المنظمات الدولية، وتقديم شكاوى ضد الكيان الصهيوني لدى محكمة العدل والجنايات الدولية وغيرها.

يبدو من سياسة المجلس المركزي ومسيرته، أن القرارات الوطنية لا تنفذ، وتلك التي يتطلع إليها الشعب الفلسطيني تهمل ولا تقدر، الأمر الذي يعني أنه هيئة شكلية ومؤسسة صورية، تحكمها السلطة التنفيذية المسيطرة على القرار الفلسطيني، والمغتصبة للإرادة الوطنية للشعب الفلسطيني، والمحتكرة زوراً وبهتاناً للتمثيل الشعبي الفلسطيني في الداخل والخارج.

يتبع.....


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/12



كتابة تعليق لموضوع : المجلس المركزي الفلسطيني مخاضُ الانعقادِ وبطلانُ القراراتِ (1) شرعيةُ التمثيلِ وأصالةُ التشريعِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net