صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

نتائج الانتخابات وخيارات المرحلة القادمة
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    هبت رياح الخريف على العراق، أملا بموسم أمطار غزير يزيل معاناة أهله بعد صيف جاف شحت فيه المياه، حتى إضطروا لحفر الابار، لكن الخريف مر ولم يعطهم قطرة مطر، وبقيت الأشجار عارية من أوراقها تشكو عطش الصيف وبرد الشتاء.

   رياح أخرى مرت؛ كان المؤمل منها أن تنزل غيثا وفيرا، يغير حال العراق ويحيل خريفه الأصفر لربيع مزهر، وأن الإنتخابات التي جرت في العاشر من تشرين ستكون مفصلية في تاريخ العراق، من حيث النتائج وإدارة العملية الإنتخابية، وستظهر وجها مشرقا للعراق، يؤكد نضوج العملية الديمقراطية فيه.

   لكن يبدو أن رياح الخريف ونتائج الإنتخابات، كانتا متفقتان مسبقا على أن مواسم العراق القادمة ستكون جافة! ولن تنفع معهما صلاة الإستسقاء، أو الطعون بالنتائج والمظاهرات أمام بوابات الخضراء.. بل حتى الجلوس على الموائد والتحاور من أجل التراضي أتى بنتائج عكسية، فكل منهم إمتطى جواده شاهرا سيفه في وجه خصمه، بين متشبث  بأحقيته بالرئاسة، وبين رافض للنتائج بدون المشاركة في الحكومة.

   للمرة الأولى كان الإنسداد السياسي واضحا والحلول غائبة، بين مكونات الكتلة المفترض إنها الأكبر ويقع على عاتقها تشكيل الحكومة ، بينما كتل المكونات الأخرى، رغم حدة تسقيطها لبعضها، لكنها سرعان ما صارت أكثر إنسجاما وتفاهما ، فهي تتعامل مع الآخرين على اساس المكونات وليس الكيانات، وهي بإنتظار من يعطي القطعة الأكبر من الكعكة لتذهب معه، فلم يهنئ الفائزون بفوزهم، ولسان حال الخاسرين: مالنا والدخول في نفق مظلم، وطريق لا تعرف نهايته.

  لذلك فإن أفق النجاح في المرحلة القادمة يكاد يكون معدوما، نتيجة الإختلال في توازن القوى، والتناقض بين حجم الأصوات وعدد المقاعد، وغياب بعض القوى الجامعة التي طالما شكلت الوصل بين الأطراف المختلفة.. ناهيك عن الاختلاف الكبير في المشاريع والأهداف بين القوى السياسية التي تمثل طرفي المعادلة، مما جعل المرحلة القادمة ذاهبة بإتجاه خيارات محددة، أفضلها لن يؤدي الى حل جذري للمشاكل العالقة لكنه سيعطلها الى فترة معينة، ويبدو أن الافخاخ التي زرعت في قانون الإنتخابات ونتائجها، ستنفجر في وجه الجميع رابحا كان أم خاسرا.

   أولى تلك المشاكل في المرحلة القادمة هو الطعن الذي قدمته نقابة المحامين العراقية، في عدم قانونية حل مجلس النواب العراقي، وبالتالي فإن إنتخابات تشرين تعتبر لاغية، ويعود البرلمان الى عمله وتجرى الانتخابات في ربيع 2022، بينما هناك حراك لا لغاء نتائج الانتخابات الحالية بسبب المشاكل والخروقات القانونية التي رافقتها، والابقاء على الحكومة الحالية والبرلمان لحين إجراء الانتخابات، وفق اليات جديدة وقانون جديد ومفوضية جديدة، وكل ذلك سيزيد تأزم الاوضاع، ويدخل البلاد في صراعات وأزمات قانونية ودستورية.

   المشكلة الاخرى هو القبول بالنتائج الحالية، وما شابها من عمليات تلاعب وتزوير وإختلال في النتائج، فمن حصل على مليونين صوت، مقاعده نصف مقاعد الحاصل على مليون صوت.. ثم كيف سيكون شكل عملية سياسية حدث فيها كثير من اللغط والفوضى والطعون وعدم القبول نتائجها؟ وكيف ستصمد حكومة يعتقد كثيرون أنها جاءت بنتائج مغلوطة ومتلاعب بها، ولا تمثل اصوات الناخبين الحقيقية؟.

    أكبر تلك المشاكل؛ هو شكل الحكومة القادمة، هل هي حكومة أغلبية أم حكومة توافقية؟ فطرف يريدها أغلبية مقاعد وليس أغلبية مكونات، وآخر يريدها حكومة توافقية على غرار الحكومات السابقة، بسبب عدم الثقة في الاطراف الاخرى، وخوفا من فقدان ثقله السياسي وعدم قدرته على تنفيذ اهدافه التي يطمح لها، ولإن الاطراف الراغبة بحكومة الاغلبية لا تعطي تطمينات مؤكدة، بأنها تريد بناء دولة مؤسسات وانما تسعى لبناء نفسها.

  كل ما يحدث الآن في الساحة العراقية، يعطى دلائل واضحة أننا ذاهبون باتجاه صيف لاهب آخر، نعاني فيه من الجفاف ايضا، وأن أي خيار سيتم المضي فيه لن يعالج أمراضنا، لكنه قد ينجح في إبقائنا في حالة لا موت ولا حياة، كالتي نعيشها حاليا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/12/24



كتابة تعليق لموضوع : نتائج الانتخابات وخيارات المرحلة القادمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net