صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

مهرجان بابل وهويتنا المفقودة
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أقيم على أرض بابل الأثرية، خلال الأيام الماضية ( مهرجان بابل )، ورغم أنه تضمن فقرات كثيرة، كما بينت الجهات المشرفة علبه، كالمعارض الزراعية والكتب والتحف الاثرية، وبعض الفعاليات الترفيهية الأخرى لكنها لم تلق صدى يذكر، وسط الصخب الكبير الذي صاحب فعالياته الغنائية.

كالعادة إنقسم العراقيون بين مؤيد ومعارض، وكل يحاول أن يكون هو الطرف الأرجح في معادلة إظهار هوية العراق الثقافية والحضارية، ويطرح الحجج التي تقوي رأيه وتفند آراء الآخرين، حتى ظهر صراع واضح كشف حجم الهوة الكبيرة بين أجيال عراقية، تختلف في مفاهيم يفترض أن تكون مشتركة، حول هوية العراق الثقافية وإرثه التاريخي.

دائما نتبجح بأن العراق صاحب حضارة تمتد لسبعة الاف سنة.. وأنه موطن السومريين والأكديين والبابليين والآشوريين، وأرض الخلافة الاسلامية منذ زمن الإمام علي بن ابي طالب عليه وأله السلام، حتى الدولة العباسية وما بعدها، وتعرض لمختلف الغزوات من الدولة الساسانية والمغول والتتار والسلاجقة والعثمانيين والإنكليز، وإنتهاء بالأمريكان.

من هذه الارض خرج أول حرف للعالم، وسنت أولى القوانين، وكانت الجنائن المعلقة أولى عجائب الدنيا السبع، وفيها حكم ملك الجهات الأربع وكانت المستنصرية أولى جامعات العالم، وفيه تواجد الشعراء والفقهاء والعلماء الذين حولوا التراب ذهبا، وكان منه الأنبياء والقادة والرجال الشجعان، الذين رقصوا على جماجم أعدائهم.

مع كل هذا الإرث الكبير والتاريخ العريق والهوية الناصعة، فقدنا الإهتمام بتاريخنا، وأهملنا جميع المعالم الأثرية، وبعد نهب كنوز المتحف العراقي بعد عام 2003، وتحطيم آثار النمرود وتفجير المأذنة الحدباء في الموصل، وسرقة كنوز آثارية في الوسط والجنوب، وبدلا من الكشف عن تاريخنا المدفون، صرنا نرقص على ما بقي من تاريخ في آثار بابل.. رغم إنها الكنز الحقيقي الذي يجب أن نهتم به، وليس حفلات الرقص التي تقام على صروح تاريخية!

بدلا من أن يكون في كل محافظة، متحف يهتم بتاريخها وفلكلورها ونشأتها، يحكي للإجيال قصص هذا البلد العريق، عوضا عن الثقافات الدخيلة التي بدأت تسلبه كل موروثاته، نشاهد المتحف البغدادي، الذي من المفترض أن يحكي تاريخ بغداد وحضارتها وثقافتها، وقد أصبح في خبر كان، يشكو الإهمال والعزلة والأتربة تغطي كافة موجوداته من التماثيل والمجسمات، وكأنه يراد لهذا المعلم الكبير أن يغيب من الذاكرة.

في كل البلدان تكون المتاحف والآثار، هي بوابتها للتعريف بهويتها التاريخية والثقافية، ووسيلتها لجلب السواح والزوار، ويكون مردود إستثماري كبير يعادل واردات النفط، بل هو بديل عنه إذا ما تم تسويقه بصورة جيدة، وهل يملك بلد حضارة مثل العراق ولا يجيد تسويقها!

إننا لم نتناسى المتحف الوطني، ولم نخالف تعليمات منظمة اليونسكو، بإقامة مهرجان بابل في منطقة أثرية، ولم نهمل المتحف البغدادي، وآثار أور والنمرود وقصر العاشق والقشلة فحسب، لكننا أصبحنا بلدا هجينا تنكر لتاريخه وثقافته، وهكذا شعوب لن تعمر طويلا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/11/04



كتابة تعليق لموضوع : مهرجان بابل وهويتنا المفقودة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net