صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

كيف نهض المارد الصيني الاقتصادي؟
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قبل 80 عاما لم تكن الصين قوة اقتصادية عملاقة, لكنها الان تكتسح الاسواق العالمية, انها معجزة حقيقية, فمن تدهور فضيع لبلد يعيش ازمات وحروب الى عملاق كبير, هل تعلم عزيزي القارئ ان الصين في احد الفترات فقدت قدرتها للحفاظ على سيادتها, وكاد ان يبتلعها الاستعمار تماما, لكنها اليوم قوة عظمى الاكثر تأثيرا على اقتصاديات كل العالم, ويمكن القول ان قيادات الصين السياسية اخذوا العبرة من الخسائر المذلة التي حصلت للصينيين عقب الحرب الصينية اليابانية الاولى, فاصبح حلم قومي لكل صيني بإعادة احياء الصين العظيمة, وانطلق الحلم للواقع.

في القرن التاسع عشر وبسبب تطور الصين اقتصاديا, كانت طموحات القوى الغربية تتجه للسيطرة على الصين, باعتبارها قوة اقتصادية, حيث كان يجد الغرب ان لا مجال للمنافسة الاقتصادية, لذلك كان الحل العسكري حاضرا, كي يتم ازاحة الصين عن القمة الاقتصادية, وهوى به إلى بحر من الظلمات. ظلمات بعضها فوق بعض، من الاحتلال، والاستغلال، والنهب من قبل الدول الغربية، بدايةً من بريطانيا، التي تبعتها بقية إمبراطوريات أوروبا، وصولًا إلى اليابان.

وبحلول أوائل القرن العشرين، انحدرت الصين من أعالي قمم القوى الاقتصادية العالمية، لتتحول إلى دولة ذليلة شبه مستعمرة، ذات عدد كبير من السكان المعوزين. وقد سيطر المستعمرون الغربيون على الموانئ الرئيسية، وخضع الريف لحكم أمراء فاسدين, ومع الغزو الإمبراطوري الياباني، لم تعد الصين دولة موحدة، وتعرض مئات الملايين من الصينيين للجوع والسلب والذبح، بعد أن نهبت القوى الغربية واليابان اقتصادها.

السؤال الاهم هو: كيف استطاعت الصين ان تنهض من كبوتها, وتلملم بقايا وطن ممزق مترنح, وتسترد مكانتها واكثر!

كان من نتائج الحرب العالمية الثانية هو خلاص الصين من سطوة اليابان, ودخولها كعامل مؤثر في الحرب العالمية لجانب المنتصرون, حتى استطاعت بحنكة قادتها السياسيون ان تحجز لها مقعد دائم في الامم المتحدة, لتصبح من الكبار سياسيا, ليعود التنين الصيني للتحليق في سماء القوى العالمية, وساهم نظام الدولة الشيوعي في نهضة صناعية اقتصادية مذهلة, حيث اثمرت حملة الاعمار واعادة البناء في اعادة الصين للواجهة.

في عام 1978 قامت الصين بسلسلة اصلاحات، ساهمت في أخرج الصين من عزلتها الاقتصادية، وتسارع النمو في السنوات اللاحقة، وابتداءً من عام 1980 بدأت الحكومة الصينية تحولًا كبيرًا في استراتيجيتها الاقتصادية, وعلى مدى العقود الثلاثة اللاحقة، فُتحت البلاد أمام الاستثمار الأجنبي على نطاق واسع، وخصخصة الآلاف من الصناعات، وأطلقت عملية تركيز الدخل على أسس استراتيجية مدروسة, وتبنت الطبقة السياسية الحاكمة في الصين فكرة استعارة المعرفة التقنية، والوصول إلى الأسواق الخارجية من الشركات الأجنبية، مقابل توفير العمالة الرخيصة الوفيرة بأقل تكلفة.

لقد كان المحرك الرئيسي وراء صعود الصين الاقتصادي شبكتها الضخمة من المصانع، التي أنتجت كل شيء تقريبًا للمستهلكين في جميع أنحاء العالم، من الابرة والخيط وصولا للألعاب وحتى الهواتف المحمولة, كذلك ساعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، في تعزيز مكانتها باعتبارها مُصنِّعًا وأكبر تاجر في العالم، بالإضافة إلى هيمنتها على التجارة، نمت الصين أيضًا لتصبح لاعبًا رئيسيًا في تدفقات الاستثمار العالمي.

وفي الفترة من عام 2015 إلى عام 2017، كانت الصين ثاني أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر الصادر في العالم، وثاني أكبر متلق للاستثمار الداخلي, وقد اعتمد صعود الصين الحديثة لتصبح قوة اقتصادية عالمية، على قدرتها الإنتاجية الضخمة، وسياسة عدم التدخل في العلاقات الداخلية لشركائها التجاريين.

إن التطور الاقتصادي الذي شهدته الصين خلال السنوات الماضية، كان في الواقع نتيجة الإصلاحات الاقتصادية مع استقرار سياسي.

أن عودة ظهور الصين بوصفها قوة اقتصادية عالمية، يثير مخاوف حقيقية من تكرار ما حصل معها سابقا, خصوصا مع طاغوتية امريكا الحالية, ورفضها لتواجد أي ند اقتصادي لها, فهل سيكون في المستقبل حرب امريكية ضد الصين للسيطرة على اسواقها؟ الايام هي من ستجيب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/10/24



كتابة تعليق لموضوع : كيف نهض المارد الصيني الاقتصادي؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net