صفحة الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي

من وحي كربلاء ..((مشت زينبُ يومًا .. فمشى الإباءُ دهرًا))
د . الشيخ عماد الكاظمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كانت رحلة سبايا سيد الشهداء (عليه السلام) من كربلاء الفداء إلى شام الهوان من أعظم رحلات التأريخ، حيث تلك الرؤوس الطاهرة الزواكي على الرماح، وتلك النسوة المخدرات في الأسر من بلد إلى آخر يصدحن برسالة الإباء، وشِعارهن الذي لم يخمد صوته وذِكره (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل)، وتلك الأطفال التي لا تعرف إلا الخوف والهلع، وسط جنود رعاع، قد استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله، فكانت الحوراء زينب سيدة الرِّحلة والراحلة، تحدِّث الجموع بصوت يقرع الأسماع (القتل لنا عادة، وكرامتنا من الله الشهادة)، فترجمت شعارات الطف الخالدة أسيرة شامخة في كوفة الغدر والختل آنذاك، فأضحى الناس حيارى سكارى من سحر العبارات والكلمات، وترجمتها ثانية في شام هند وآل أبي سفيان؛ لتخرس كل لسان وسِنان، بصولتها في أعظم صرخة وبيان، بوجه يزيد الأدعياء (فاسعَ سعيك، وناصب جهدك، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد) فكان ما كان من سجود الدهر لوعدِها ووعيدها لطاغية الشام، وعادت بعد صولتها نحو كربلاء .. نعم إلى كربلاء لتخاطبها بلسان حال الأحرار (منك يبدأ الفتح وإليك يعود)، وقفت وقفة المنتصر بوعد الله لأوليائه، لتجدد العهد مع الحسين ورهطه قائلة: إنَّ يومكم سيدوم دهرًا، وموقفكم سيُلْهَجُ ذِكرًا، وستهوي الدنيا على أعتابكم سجود إباء، ويفخر بذا أجداد وآباء وأبناء، فغَدَا ذاك المشي تأريخًا وتشريعًا نحو الخلود، فتأريخه ألف عام ومئات، وتشريعه طاعات وخيرات وجنات، فأضحى الدهر ماشيًا لمشيتها فخرًا .. فالطفل يحبو نحوها ليستلهم من "رضيعِها" معنى كربلاء .. والشاب يرتجي إليها ليستلهم من "أكبرِها" معنى الفداء .. والرجل يتسابق إلى قِبلتها ليستلهم من "عَبَّاسها" درس الإباء .. والمرأة تتجلبب العفاف إليها لتستلهم من "زينبِها" أنوار الحياء .. والكُلُّ يفنى في "حُسَيْنِها" ليستمعوا نشيد خلود وبقاء، فغَدَا الدهر يمشي كرامة لإباء الأسيرة الحوراء.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . الشيخ عماد الكاظمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/30



كتابة تعليق لموضوع : من وحي كربلاء ..((مشت زينبُ يومًا .. فمشى الإباءُ دهرًا))
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net