صفحة الكاتب : ابراهيم العبادي

الصراع الانتخابي في العراق!!!!.
ابراهيم العبادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ماهي المحددات المعرفية والنفسية التي تتحكم بوعي المواطن العراقي ،حينما يقرر التصويت في الانتخابات القادمة ،او يمتنع عن التصويت ؟ .
هذا السؤال يلخص في الاجمال الثقافة السياسية السائدة في البلاد ،وهي ثقافة يغلب عليها (التماهي  )بالمذاهب والطوائف والاعراق والبيوتات والزعامات  ،ولم تتحرر بعد من هذه الرابطة لتنتقل الى رابطة الرؤى  والبرامج والحلول التي تقدمها احزاب وشخصيات وجمعيات سياسية  ،فالتصويت في العراق منذ اول انتخابات برلمانية جرت عام 2005، تتحكم به محددات (الذاكرة ) والتجربة المعاشة من حقبة الاستبداد والحكم الشمولي ،فقد اهترأ النسيج الاجتماعي وتقهقر الوعي السياسي ليتمحور حول الهويات الفرعية بدل هوية الوطن الكبير ،وصار التنوع العراقي يعبر عن نفسه وجوديا بنحو الدفاع عن الذات والجماعة وتأكيد حصة هذه الجماعة في هيكل السلطات .الوعي السائد هو وعي انقسامي ،فالكردي لديه قضية وهدف يسعى اليه ،وتمثيله في السلطة انما يتجسد في انتخاب من يحمل ذات الاهداف ويسعى الى تحقيقها ،وكذا  العراقي السني الذي صار هدفه الاسمى توسيع دائرة حضوره في السلطة والقرار السياسي عبر اختيار شخصيات قادرة على استحصال تنازلات من (الشريك )السياسي الشيعي لصالح  العرب السنة ،امنيا وتنمويا واداريا ،تبقى المشكلة الاكبر لدى العراقيين الشيعة الذين تتوجه الانظار الى ادائهم السياسي وثقافة جمهورهم ،باعتبارهم الكتلة البشرية الاكبر والكتلة السياسية الكبرى في بنية سلطات مابعد 2003.
فقد احتدم التنافس بين خطوط الاحزاب والكتل والجماعات الشيعية ،منذ تراجع زعيم التيار الصدري عن مقاطعة الانتخابات ،وبعودة الكتلة السياسية الصدرية ارتفعت حدة التنافس الانتخابي وتزايدت خشونة الخطاب السياسي الشعبوي ،وصار هدف الاحزاب والتيارات اثبات مساحة الوجود والتأثير ،عبر التخويف من خطر المنافس وشد اعصاب الناس بشعارات ومقولات تدفعهم للتصويت الى العنوان الحزبي .
معلوم ان كل كتلة شيعية تحتفظ بجمهور ومحازبين ثابتين لايتغيرون ،اولئك الذين طوروا علاقة عاطفية ونزعة وجدانية ،هولاء الناس لايتوقع منهم تغيير ارائهم بين عشية أو ضحاها مالم يحصل تغيير دراماتيكي كبير يؤثر على خياراتهم النهائية ،هذه الكتل البشرية الثابتة نسبيا يتحكم بها الولاء النفسي وليس المتغيرات السياسية والاقتصادية ،انهم كتلة (صلبة)يعتمد عليهم الحزب أو الجماعة ،وهم اصوات مضمونة على الدوام ،المراهنة ينبغي ان تكون على التيار الاجتماعي العام الذي لم يحدد خياراته والذي يتحكم به الموقف والتصور السياسي والاقتصادي وهو تصور غالبا مايخضع للتبسيط والشعارات وليس المعرفة والبرنامج .
ان الفعل الانتخابي يتمركز اليوم على الولاءات وليس على خطط الاحزاب وفكرها وتصوراتها لكيفية انقاذ البلاد من ازماتها ،ثمة من يميل الى التبسيط ويجعل من رئاسة الوزراء وكأنها مفتاح الحل ،فيما بات واضحا ان الاشخاص ليسوا مؤثرين كثيرا الا بقدر مايحملون من رؤى وافكار عملية وجرأة في اقتحام حقول الالغام السياسية والامنية  التي تنتشر في الساحة العراقية ،لم تتوجه الرسائل الانتخابية الى الجمهور تُعْلمه بسبل الخروج من الازمة وفق خطط وبرامج عملية ،انما تتمحور الخطابات السياسية والدعاية الانتخابية على الحط من قيمة الاخرين والازراء بهم ،وتبجيل الذات ورفع الشعارات الفضفاضة  ،من قبيل :الدولة ،الزعيم ،الهيبة ،القانون ،
،لااحد توجه الى الجمهور غير الحزبي بتصورات واضحة عن كيفية معالجة ازمات الحكم والادارة والخدمات والاقتصاد ،ولم يطرح حزب من الاحزاب برنامجا للتغيير الاقتصادي والاجتماعي ومواجهة الفساد مثلا  ،بل الجميع منغمس في الترويج لزعاماته في ظل انعدام ثقة كبير ،وشكوك كبيرة في ان تتعقد الخريطة السياسية اكثر من ذي قبل اذا لم تسفر الانتخابات عن كتل سياسية وازنة ذات عقلانية كبيرة ،فالسمة الاكثر ترجيحا للمشهد السياسي القادم ستكون التشرذم على نطاق واسع وحاجة الشيعية السياسية الى أوصياء ووسطاء يجمعون المتنافسين المتنافرين على حلول وسط تستغرق شهورا من المساومات لتحديد اسم رئيس الوزراء ،بما يكرس العوق السياسي والتخبط في اوحال الازمات .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابراهيم العبادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/06



كتابة تعليق لموضوع : الصراع الانتخابي في العراق!!!!.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net