صفحة الكاتب : محمد عبد النبي التميمي

الدكتاتورية في العراق بين المدار النفسي و الواقعي
محمد عبد النبي التميمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كثيرا ما نسمع اليوم اننا شعب يصنع الدكتاتورية ؛ فهل  الصنمية متجذرة في مجتمعنا ام انها من الثقافات الوافدة الينا ام لا هذه و لا تلك .. 

اعتقد ان الامر لا يدور مدارا نفسيا قدر تعلقه بأمور واقعية جرت على أرض العراق مجرى الدم في عروق من عاش و استوطن ارض العراق ...

بحسب تصوري و وفقا لما بحثت فيه و درسته و تعلمته ؛ اجد ان اصل فكرة ( المعبود البشري ) حديثا قد انبثق في ألمانيا عبر فلسفة فريدريك نيتشه و بسبب تغلب التجربة العلموية على الخط الكنسي في حرب الثلاثين عاما في أوربا من جهة و قيام الثورة الصناعية فيها من جهة اخرى ؛ انها تتلخص في طرحه للانسنة من خلال مقولته الشهيرة ( ان الإله قد مات ) و قد كان البديل الذي طرحه هو ( الانسان ) و لكن اي انسان ؛ انه الانسان المتفوق ( السوبرمان ) و قد أعاد بذلك انتاج الإمبراطورية الرومانية التي ما كانت مؤمنة بالتوحيد في جذورها ، و قد عاشت أوربا حربين كونيتين بسببه في القرن المنصرم أنتجت تسيّد الغرب و أوربا على العالم فصار ( قانون الشعوب ) الذي كانت تفرضه على الاراضي التي دخلت تحت سلطة روما بالقوة ممثلا بميثاق الأمم المتحدة لعام ١٩٤٥ و اعلان حقوق الإنسان في ١٩٤٨ اعقبه تنصيب حكومات لبلداننا أطلقت عليها تسمية الدكتاتورية .. ( الدكتاتور ) هو الاسم الذي كانت تطلقه روما على الحاكم في المناطق غير الرومانية الداخلة تحت سلطتها بالقوة ؛ انه ( قانون الشعوب و الدكتاتور ) من جديد و لكن بطور اخر ، و بإسقاط الدكتاتورية في القرن الواحد و العشرين و تزاوج الدساتير الحاكمة في مختلف بلدان المعمورة مع المفاهيم التي تناولها ميثاق الأمم المتحدة و اعلان حقوق الإنسان كما اسلفنا فقد تم إعادة انتاج قانون الشعوب مجددا و لكل منها بحسبه اما الحاكم الجديد فصار اختياره من الشعب ( و سواء كان ذلك وفقا لمنطق المؤامرة ام لمنطق طبيعة الاشياء ) فإننا امام ولادة جديدة لتعميم العمل بثنائية ( السيد - العبد ) ، و قد ميز نيتشه بين السادة و العبيد من خلال تطرقه لاخلاق السادة و أخلاق العبيد مستخلصا القوة و ما يتعلق بها فعلا للسادة دون العبيد فالحق للقوة .. عودا على بدء فان حادثة حرق ابراهيم و نجاته من النار كانت مفصلا في حياة العراقيين للرجوع الى التوحيد الذي نادى به نوح و التنصل من حكم القوة الغاشمة و عبادة الاصنام رافق ذلك هجرة ابراهيم و تركه أرض العراق ، و قد تناوبت حضارتي فارس و الروم على حكم العراق و انتهى بهما الامر ليحكم الفرس العراق عبر دولة المناذرة و الروم للشام عبر دولة الغساسنة ، و اخيرا انهيار و سقوط الإمبراطورية الفارسية امام الإسلام عبر العراق و هزيمة الروم و توقيعهم لمعاهدة او هدنة او سمّها ما شئت مع ابن الخطاب .. و اذ عاد علي عليه السلام الى العراق بعد ما يقرب من ٥٠٠٠ سنة تلاه الحسن عليه السلام ليسيل دم الحسين عليه السلام على أرض العراق و ما تلا ذلك من أحداث و حتى يوم الناس هذا ؛ كل ذلك يدلل على ان العراقيين أسبق من نيتشه في تقديسهم للانسان الا ان الفارق في الامر يكمن في اننا عرفنا الانسان المتفوق واقعا عاش بين ظهرانينا لا وهماً تخيلناه ، لقد عرفناه في ابراهيم و في علي و الحسن و الحسين عليهم السلام .. و ما زلنا ننتظر ظهور اخر سلالاته - اللهم عجل لوليك الفرج - ايمانا منا بان القوة للحق .. اقول ان الامر لا يقتصر على العراقيين و انما يتعلق بالانسان عموما كونه يمثل و يشكل الحالة الوسطى التي تدور فيه و عليه المعركة بين الصنمية و الألوهية ، بين التوحيد و الشرك .. فكيف بمن يعيش على أرض العراق ؛ البوتقة التي جرت و تجري فيها كل تلك التفاعلات .. ان الحديث عن صناعتنا للدكتاتور ما هو الا وهمٌ يُراد منا تصديقه قبل ان يجثم على صدورنا لنقبل به و بعد طول عناء عشناه للتخلص من الدكتاتورية التي فُرِضت علينا بالقوة .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد عبد النبي التميمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/27



كتابة تعليق لموضوع : الدكتاتورية في العراق بين المدار النفسي و الواقعي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net