صفحة الكاتب : هادي الدعمي

كربلاء الحسين ثورة خارج الوصف
هادي الدعمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قبل واقعة عاشوراء كانت كربلاء اسماً لمدينة صغيرة، أما بعدها فقد أصبحت عنواناً لمسيرة فكرية وثورية وطريقة حياة وحضارة شاملة..

تمزقت رايته ولم تنكس، وتمزقت أشلائه ولم يركع، وذبحوا أولاده وإخوانه وأصحابه ولم يهن، إنها عزة الإيمان في أعظم تجلياتها..

كان صعبا على الحسين (عليه وأله أفضل الصلوات) وأصحابه، أن يقاتلوا أو يقتلوا.. ولكنهم لو لم يفعلوا ما صنعوا، لكان عليهم أصعب وأشد..

كثيرة هي المعارك والثورات والنهضات، التي اندثر تأثيرها مع الزمن، إلا معركة وثورة ونهضة الإمام الحسين، حيث أن الزمن يزيد من إشراقها وضيائها، ففي كل عام يجدد المؤمنون إحياء هذه النهضة، ويستلهمون منها الدروس والعبر.. والذي يتابع حرارة إحياء هذه المناسبة العظيمة، يدرك بعمق أن الزمن وتداعياته، لم يمنع الناس من إحياء هذه المناسبة.

كل المعارك تصغر مع الزمن إلا هذه.. فالزمن يزيد من عظمتها، ويجلي حقائقها وأهدافها وغاياتها النبيلة، وكل الثورات تأفل بأفول القائمين بها، إلا ثورة الحق بوجه الباطل، فإن القائمين بها يزدادون عظمة وإشراقا وتأثيرا، وكل النهضات تتراجع أهدافها وأولوياتها وغاياتها مع الزمن، إلا نهضة هذا الشهيد، فالزمن يؤكد أهدافها، حيث تبقى أولويات الإصلاح والحرية والكرامة، هي الشاخصة والسائدة..

هذه النهضة وعبر الحقب الزمنية المتطاولة، هي أم الثورات ومنطلق النهضات ونموذج المعارك الخالدة، والإمام وأهل بيته وأصحابه وأنصاره، هم قدوة الثائرين، وأسوة المنعتقين من كل الأغلال من أجل العزة والكرامة، فهم سادة الحرية في زمن انعدامها وغيابها، وهم أئمة الكرامة في كل زمن تمتهن فيه كرامة الإنسان وتسحق مقدساته.. وهم المثل الأعلى في التضحية والعطاء، في كل زمن يبخل الناس عن العطاء والتضحية، حتى اصبحت هي مستودع القيم والمبادئ الإسلامية، كما أنها اللحظة التاريخية التي أثبتت بشكل لا لبس فيه أن الدم ينتصر على السيف، وأن الظلم مهما تمادى واستفحل فهو إلى زوال.

ما يثار على أمتداد الأزمنة والأعوام ، هو ظاهرة تدوين إستشهاد الإمام الحسين وأهل بيته وصحبه الكرام من قبل العلماء والخطباء والمؤرخين، حيث اعتنى هؤلاء جميعا بهذه المعركة، فأرخت دقائقها وتفاصيلها، مما وفر لنا نحن الأجيال اللاحقة، مادة تاريخية هائلة، نتعرف من خلالها على واحد من أعظم أحداث عرفها التاريخ الإنساني.

لايقاس الحسين بالثوار بل باﻷنبياء، ولاتقاس كربلاء بالمدن بل بالسماوات، ولاتقاس عاشوراء بحوادث الدهر بل بمنعطفات الكون..

الحسين اعتمد قوة المنطق، واعتمد عدوه على منطق القوة، ولما سقطت قوة عدوه انتصر منطق الحسين، وكان انتصاره ابديا، وكلما حاولنا أن نعبر عن الحسين بالكلمات، وجدنا أن الكلمة عاجزة عن التعبير عن نفسها فيه .

قل عنه أنه الحق وأنه الكوثر ..

وقل أنه الفضيلة ،فستجده أكثر من ذلك! وان تلك الكلمات تقصر عن إيصال فكرته..

فرجوناه تعالى أن يلهمنا كلمة نعبر بها عن حقيقة الحسين، فألهمنا أن نقول أن الحسين هو الحسين وكفى..

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي الدعمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/20



كتابة تعليق لموضوع : كربلاء الحسين ثورة خارج الوصف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net