صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

شعرية عبيد الله بن الحر الجعفي وترقيعُ الانفصام 
علي حسين الخباز

  البحث عن القيمة الحقيقية للشعر، ومدى التقارب السلوكي مع الواقع، سيعرّي الكثير من تجارب القوالين الذين مارسوا حشو الكلام، بدلاً من الموقف الإنساني الذي يقدمهم كأبطال عبر مراحل زمنية ضيّعت الكثير من الحقائق، فقد غمطت المشاريع البحثية ذات المسعى الطائفي الكثير من الحقائق؛ كمحاولة لترقيع الانفصام في شخصيات خذلت الحسين(ع)، ورسمت عبر أقاويلها إرادة مهزوزة غير قادرة على إبداع موقف معبِّر عن قيمة ذات معنى؛ وواقعة الطف الحسيني من الوقائع المؤثرة في الوجدان الإنساني، حيث واجهت الطغيان، وتركت لعنة تحملها الحضارة أجيالاً بعد أجيال، لمن تخلى عن النصرة والجهاد، رغم عمليات الترقيع سعياً لتهميش الواقعة، ورؤيتها ضمن أطر عامة؛ لكونهم ينظرون إليها بعين أموية، تجهل عن عمد خصوصية النهضة الرسالية.
 فسعت تلك البحوث إلى تحويل الحماسة اللفظية الفارغة الى التزام اجتماعي واخلاقي لرجل عاش التناقضات كلها؛ يقول عنه أدونيس: (هو شاعر ذاتي)، ويراه الهيثم بن عدي: (كان من الحمقى المتهورين، ومن فتّاك الإسلام)، فأين مصدر الخير الذي يصيِّره بطلاً؟ وحتى ندمه لخذلانه الحسين(ع) كان آنياً لم يستثمره لصالح شيء يخدمه، فنجده رفض المختار الثقفي ثم بايعه بعد مقتل الحسين(ع)، ثم غار عليه وشارك بالقضاء عليه تماماً، وكان مع مصعب وقاد له انتصاراته، ولكن سرعان ما انقلب عليه؛ لكونه قدّم اثنين قبله: 
بأيِّ بَلاءٍ أم بأيَّةِ نِعْمةٍ * يُقدَّمُ قبلي مُسلِمٌ والمُهَلَّبُ
 وصاحبَ ابن زياد ثم انقلب عليه، وعزم على قتال عبد الملك بن مروان، ثم استجار به وقتل بعد عودته، مواقف متذبذبة كثيرة عمّرت حياته، والحديث عن الجوانب الفنية في شعرية ابن الحر الجعفي، لابد أن يسندها حضور مقابل ما يكيلونه من تضخيم وتهليل يتحدث عن سمات حياتية، مثلاً البعض يسرد لنا عن صلاته مع الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين(ع)، فكيف تكون مثل هذه الصحبة وهو أحد المقربين لمعاوية ولابن زياد، وهو من قاتل ضد علي(ع) بصفين..!
 بل تتلخص قضية ما يشاع من أن الإمام(ع) قضى له في قضية، فوعده ابن الحر أن لا يسرق مالاً وهو تحت يدي أمير المؤمنين(ع)، والنظر لأسس شعره الفكرية سيضعنا أمام خور إنساني لا ينظر للحياة إلا من باب ماديتها: 
ألم تَرَ أنَّ الفَقْرَ يُزْري بأهْلِهِ * وأنَّ الغنى فيه العُلا والتَّجَمُّل
إذا كنتَ ذا رُمْحٍ وسَيْفٍ مُصَمَّمٍ * على سابحٍ أدناكَ مما تُؤَمِّلُ
وإنَّك إِلاّ لا تَرْكَبِ الهَوْلَ لا تَنَلْ * من المال ما يكفي الصديقَ ويَفْضُلُ
إذا القِرْنُ لاقاني وَمَلَّ حياتَه * فلستُ أُبالي: أيُّنَا مات أولُ 
ومثل هذه الجرأة الشجاعة تضيع مع الكثير من التهور السلبي، ويكفيه أن علياً(ع) قال له: (يا بن الحر أنت الممالئ علينا عدونا). ولو تأملنا في مضامين نصيحة الإمام الحسين(ع) له لعرفنا محتواه الحقيقي: (والله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا إلا أكبَّه اللهُ في نار جهنم).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/08



كتابة تعليق لموضوع : شعرية عبيد الله بن الحر الجعفي وترقيعُ الانفصام 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net