صفحة الكاتب : صدى الروضتين

مسرحُ الشارع... خِدمة حسينية في زيارة الأربعين
صدى الروضتين

 لقد تحوّلت زيارة الأربعين في السنين الأخيرة الى محفل عالمي مليوني تتنوع فيه كل أنواع الشعائر الحسينية بما يعكس الثقافات المختلفة والمتنوعة لأتباع أهل البيت من مختلف المدن والقرى في العالم. وقد كان للمسرح نصيب في هذه الخدمة الحسينية التي تُقدم الى زائري أبي عبد الله الحسين (ع)، حيث انتشر ما يسمى بـ(مسرح الشارع) الذي هو جزء أصيل من المسرح الحسيني، وذلك بوجود شباب حسينيين أخذوا على عاتقهم العمل والجد وبجهود استثنائية من أجل أن يقدموا أعمالاً تسمو وترتفع الى مستوى زائر الحسين الذي قطع مئات الأميال زاحفاً نحو قبلة الأحرار.
(صدى الروضتين) كان لها جولة حول أهم العروض المسرحية التي قدمت في مدينة كربلاء المقدسة خلال زيارة الاربعين، وكانت البداية مع مسرح (أحزان السماء) الذي يقع قرب مرقد الامام الحسين (ع)، حيث التقينا بالأستاذ احمد الأسدي من رابطة (سليب الروح) الحسينية فتحدث قائلاً:
رابطة سليب الروح جاءت من مدينة بغداد لخدمة زوار سيد الشهداء (ع)، وهي تتكون من مجموعة من الشباب المثقف، وأساتذة الجامعات، والإعلاميين وبعض الكسبة، بالإضافة الى الحرفيين: كالحداد، والنجار، وصاحب الديكور، ومهندس الصوت، واختصاصات أُخَر، فهم خليط متنوع يشكلون خلية نحل تعمل بجد ومثابرة خدمةً للإمام الحسين (ع). وقد أدى هذا التجمع الحسيني الى انشاء هذه الخشبة المسرحية المتواضعة لتقديم الأعمال الحسينية، وهذه السنة السادسة لنا في هذا الموقع، كما ولدينا أعمال في العاصمة بغداد، حيث نقدم عملاً للإمام الكاظم (ع) يُسمى (فجر الملتقى).
وأضاف: هذه الأعمال هي نوع من أنواع الخدمة، ولدينا عدة خدمات أُخَر الى جانبها، حيث نقدم المنام للزائرين في نفس المسرح وخدمات الاطعام أيضاً، وكذلك نقدم من خلال العمل المسرحي غذاء من نوع آخر، وذلك من أجل إيضاح مظلومية أهل البيت (ع) لكل انسان.
وبين: نبدأ التحضير لهذه الأعمال في بغداد قبل ثلاثة أشهر داخل إحدى الحسينيات، حيث نعد لها إعداداً كاملاً ومن مصادر موثوقة، ولكن نضيف في كل عام أشياء جديدة. كما ونعمل على ترتيب أمور الأزياء والتجهيزات العسكرية للممثلين، إضافة الى الصوتيات والإضاءة والأعمال الأُخَر، وكذلك والعمل والتدريب المستمر على المشهد من أجل اظهاره على أكمل وجه. وكادر العمل يتكون من (60) شخصاً، يضمون مختلف العاملين والمختصين والفنيين.
وفي العام الماضي قدمنا أربعة أعمال، وهذه السنة سوف نقدم ثلاثة عروض مسرحية، وتستمر عروضنا لمدة ستة أيام، ونخرج في اليوم السابع للعزاء، وفي كل مرة نقوم بتقديم عمل مختلف وجديد، ولكن في حال طلب الناس عملاً معيناً نقوم بعرضه مرة أخرى.
وأضاف: من الأعمال التي نقدمها هذا العام هو (أنين النحور) والذي يتحدث عن استشهاد الامام الحسين (ع) وسبي عائلته وأهل بيته... والعمل الآخر عن يزيد ولقائه مع عائلة الحسين، وفيه مشهد مؤثر جداً عن (خربة الشام) للطفلة رقية (ع).
والغاية من كل هذه الأعمال إيضاح مظلومية أهل البيت (سلام الله عليهم)، فبعض الناس والمتلقين بعد أن يشاهدوا العمل يقولون: الآن بدأنا ندرك حجم مصاب الحسين وأهل بيته (ع)، ونستوعب بشكل أكبر ماذا قال الحسين لأصحابه، وماذا حصلت من أحداث في الطف.
وبالنسبة لمدة العرض، فهي تصل إلى ما يقارب الساعة الكاملة، واستقبال الناس كبير جداً من خلال ما نراه من الدمعة والحزن الكبير الذي يظهر على وجوههم، وهذا يعطينا دافع اكبر للعمل. وهنالك من الذين حضروا الى العرض من المثقفين وأهل الاختصاص الذين يقدمون بعض النقد للعمل، ونحن بدورنا نستقبل كل ملاحظاتهم من أجل تطويره... ونأمل في المستقبل من العتبتين المقدستين أن يوفروا لنا مكاناً خاصاً لتقديم الأعمال المسرحية عن الامام الحسين (ع).
الأستاذ رافد الكناني وهو كاتب لمسرحيات الرابطة قال:
لاحظنا أن هنالك حاجة الى مسرح الشارع؛ لأنه يخاطب كل فئات المجتمع وليس مجموعة معينة من الناس التي تختار الذهاب الى المسرح المغلق، فمسرح الشارع يقدم العروض إلى زوار الامام الحسين من عدة أعمار وثقافات، ومن البسطاء ورجال الدين والأكاديميين وغيرهم.
والكتابة لمسرح الشارع فيها اختلاف عن باقي أنواع المسرح، حيث لا تستطيع أن تكتب بشكل تجريدي واسع، والرمزية تكون أقل، وهذا نأخذه في نظر الاعتبار عند الموازنة بين جميع المتلقين من أجل أن تصل الفكرة الى اوسع مجموعة من الناس. 
وأضاف: ومن هذه الأعمال التي قدمت هو مسرحية (خطى الى الجنة) الذي يرسم ليلة العاشر من المحرم ليلة الوفاء للأصحاب، حيث حاولنا رسم الشاب والكهل والمرأة كيف يعلنون الوفاء والبيعة للإمام الحسين (ع) بعد أن عَرض عليهم أن يتخذوا هذا الليل جملا، وكذلك أوضحنا أن نصرة الإمام الحسين (ع) لم تتوقف عند عمر معين أو جنس، فالكل كانوا مع نصرة الحق.
وكان لـ(صدى الروضتين) وقفة مع رابطة الغدير التي تعتبر أول رابطة تقدم مسرح الشارع في كربلاء خلال الزيارة الاربعينية بعد عام (2003م)، والتقينا بالأستاذ خيري مزبان فقال:
رابطة الغدير الاسلامية هي رابطة مستقلة هدفها العام نشر فكر محمد وآل محمد (ع) وبالخصوص ما يتعلق بالمسرح الحسيني، وسنة التأسيس كانت عام (2003) وهي رابطة شبابية رسالية لا تنتمي لأي جهة سياسية او قومية.
حيث ننقسم في زيارة الأربعين الى أربع مجاميع: الأولى تختص بالمسرح الحسيني، والمجموعة الثانية تختص بمضيف الامام الحسين، والمجموعة الثالثة تختص بالمضيف الخاص بمبيت الرجال، والمجموعة الرابعة تختص بمبيت النساء بكادر نسائي.
وقد دأبت رابطة الغدير الاسلامية على إحياء شعائر الامام الحسين (ع) عن طريق المسرح الحسيني انطلاقاً من قول الإمام الصادق (ع): (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا)، وقد قدمنا هذا العام عملين: الأول هو (محاكمة حميد بن مسلم) للأديب والكاتب الكبير الأستاذ علي الخباز، والعمل الثاني هو (الرحلة المقدسة).
 أما العمل الأول فيتكلم عن محاكمة راوية الطف حميد بن مسلم برؤية فنية ورؤية أكاديمية، أراد منها المؤلف أن يركز على ثلاث نقاط رئيسة وهي أن حميد بن مسلم كان خائناً في موقف من المواقف، عندما جاء مسلم بن عقيل الى الكوفة ولم ينصره ووقف صامتاً. والموقف الآخر انه كان قاتلاً في يوم العاشر من المحرم؛ لأنه شارك في معركة الطف ضد الامام الحسين (ع) ولم ينصره وحسب قول الامام الحسين (ع): (من سمع واعيتنا أهل البيت ولم ينصرنا أكبَّه الله على منخريه في نار جهنم)، والتهمة الثالثة التي توجهت اليه انه كاذب، حيث ادعى انه الذي حمى سيدنا ومولانا زين العابدين (ع) من القتل في الوقت الذي تشهد الروايات أن السيدة زينب (ع) هي التي حمت الامام السجاد (ع).
العمل الآخر وهو (الرحلة المقدسة) ويتحدث عن الوقائع بعد استشهاد الامام الحسين (ع)، والرحلة المقدسة التي انيطت مهامها الى السيدة زينب (ع) بطلة كربلاء. 
ونحن مجموعة ليست أكاديمية ومتخصصة بالمسرح، ولكن اهتمامنا بقضية المسرح الحسيني أعطانا موهبة الابداع من أجل أن نخرج العمل بالصورة التي يتلقاها الناس بسلاسة ووضوح... وبالنسبة للديكور والأزياء وغيرها فهي من عمل الرابطة ومن الجهد الذاتي لها من خلال الحرفيين والفنيين فيها.
وحول استقبال الجمهور للعروض قال:
نرى الجماهير تنتظر الى مدة طويلة من أجل رؤية العمل، وفي اجواء باردة جداً، بالإضافة الى ذلك، أشاد الأساتذة الاكاديميون في كليات الفنون الجميلة بالعمل وقالوا بأننا لم نشاهد مسرحاً في الشارع سوى في كربلاء، حيث سافروا الى دول العالم ووجدوا مسرح الشارع عبارة عن حديقة في وسطها خشبة، ولا تحوي على ما هو موجود الان من العناصر الكاملة، والتي تسمى بـ(سينوغرافيا المسرح)، ولكننا بحمد الله وببركة الامام الحسين (ع) جعلنا من الشارع مسرحاً كما هو معروف في القاعات الكبرى... ونطمح في المستقبل أن نرى مسرحاً حسينياً له مقومات المسرح العالمي، وعلى غرار العناوين المسرحية المعروفة الآن، وله أهداف وانجازات ارقى وأفضل إن شاء الله تعالى.
الكاتب المسرحي الاستاذ علي الخباز، تحدث عن تجربة مسرح الشارع التي يقوم بها شبابنا اليوم، ودورها في تفعيل حركة المسرح الحسيني، بالإضافة الى كونها أحد أنواع الخدمة الحسينية قائلاً:
أراد الشباب في هذه التجربة أن يجازفوا ويقدموا فناً كبيراً، وذلك بأن يصهروا (مسرح العلبة) الذي يُعرض في القاعات المسرحية المعروفة، ويجعلوا منه مسرحاً للشارع، وهذه المسألة ليست بسيطة، بل تعتبر مسألة كبيرة وخطرة جداً، فمسرح الشارع له جمهوره الشمولي الذي يحتاج الى مسائل تُناقش فيها الظاهريات، ولا تذهب بعيداً الى العمق الفلسفي للقضية.
ولكن هؤلاء الشباب رأوا أن من الممكن تحريك النص اخراجياً من خلال الديكور والحركة التي لم تدع الجمهور يتوه في الاشتغال الخاص للنص أو الحبكة الصعبة فيه. كما وحاولوا تطعيم العمل ببعض الامور التي تقربهم الى الاسلوب المنبري، حيث إن طرح مسرح فكري للناس باختلاف أمزجتهم وثقافاتهم يحتاج الى ارتكاز فني عال، والى قابليات عالية من الأداء، وقد نجح الشباب في ذلك.
وختم حديثه قائلاً:
هؤلاء الشباب أرادوا أن يحملوا رسالة وهي: أن لا يستهين أحد بزوار الحسين، فهم ليسوا سذجاً الى الدرجة التي تتعامل أحياناً معها بعض النصوص المسرحية أو بعض الترسبات التي تحاول أن تزجّ بها بعض الفئات، وكأن هذا الشعب بسيط وفقير وجاهل وغير مثقف، بل العكس هو الصحيح، فهو شعب مثقف وواع، ويعرف حتى دقائق التأريخ.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صدى الروضتين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/07



كتابة تعليق لموضوع : مسرحُ الشارع... خِدمة حسينية في زيارة الأربعين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net